سبق وذكرت وأكدت أنني أثق كثيراً بعمل الهيئة بقيادة معالي الدكتور عبدالرحمن التويجري كثيرا، ولأن العمل أصبح مؤسسياً وأكثر شفافية وافصاحاً ومشاركة من الجميع، هي تأكيد على أن تكون القرارات أكثر إيجابية وعمقاً للسوق، لكي نوجد سوقاً أكثر كفاءة وعمقاً وهذا يحتاج وقتاً وزمناً ليس بالقصير وهذا ما نلحظه خلال السنتين الماضيتين، هناك نوعية من صناع السوق أو من هم اللاعبون الرئيسيون بالسوق ومضاربوه لا يبحثون عن سوق عادلة ولا متوزانة ولا استثمارية أو غيرها، بل يبحثون عن تحقيق أقصى ربح لمحافظهم وأقسى الخسائر للأكثرية، وهذا ملاحظ من خلال ارتفاعات شركات المضاربة غير المستحقة لمستويات لا يقبل بها أي عقل مالي، ولكن هيئة السوق المالي تحاول وتعمل على إيقاف هذا العبث أياً كان هذا النوع من المتعاملين بالسوق، وحدث نجاح للهيئة ولكنه مازال غير مكتمل ويحتاج الكثير والكثير. في العالم كله لا توجد سوق مثالية ولا نموذجية ولا مدينة أفلاطون مالية، ولكن هناك حد أدنى مطلوب أو يفترض وجوده، فلن تنتهي الجريمة والسرقة والقتل من بداية الكون وإلى نهايته، ولكن سيكون هناك قانون وعدل وتنفيذ أحكام ومحاكمات تفرض العدل والحقوق، وهذا هو دور الهيئة، سن القوانين وضبطها وتطبيقها، والجهد واضح رغم كل الكوارث التي حدثت بالسوق وأسهم بها كل الأطراف لا يوجد استثناء. صدرت قرارات هيئة سوق المال يوم الأربعاء الماضي والتي تنص على محورين أساسيين الأول تغيير النطاق السعري للتذبذب وإعلان عن حصص كبار الملاك، وهذه قرارات مهمة وطالبت بها كثيراً في مراحل سابقة، وهذا إيجابي بتقديري تماماً ومطلوب لأسباب كثيرة ولعل أهمها "الافصاح والشفافية" لكي نرى سوقاً "فوق الطاولة لا تحتها" رغم طبيعة مجتمعنا التي تفترض السرية بما تملك أو تتحفظ وهذا حق مشروع للجميع، ولكن حين تكون سوق مالية ترتبط باقتصاد وطن، وأموال بالمليارات يومياً يتم تداولها، وما حدث من كوراث يفرض واقعاً آخر أكثر شفافية وإحكاماً للسوق، والأهم تفعيلة وتطبيقة بإتقان، ولكن هذين القرارين بتقديري لا يكفيان، وقد يكون هناك قرارات تحت الدراسة ستأتي، ولكن أضع أيضاً قرارات مهمة يجب العمل بدراستها وتفعيلها بصيغة أو أخرى وهي: لماذا يبقى مجلس إدارة لشركة خاسرة لعقود من الزمن، حيث يجب تحديد فترة رئاسة المجلس بدروتين أو ثلاث فقط ثم يفتح المجال "إجبارياً" لغير هذا المجلس؟ أهمية أيضاً التصويت من خلال الأنترنت للجمعيات العمومية فسيطرة ملاك الشركات بسبب قلة الحضور وسيطرتهم؟ ما أهمية وجود الأوامر المخفية وكل ما يتبعها غير خدمة المضاربين؟ التشهير بكل مخالف من مضاربين أو مديري محافظ غير نظاميين وتطبيق عقوبات بحقهم؟ إلزام الشركات بتوزيع الأرباح من إعلان توزيع الأرباح خلال شهر فقط، فكثير من الشركات تعلن عن أرباح ولا توزع إلا بعد ستة أشهر أو تطبق غرامات على هذه الشركات؟ تنظيم الإعلانات للشركات بحيث يكون هناك أسس وقواعد وتنظيم للأعلانات فكثير من الشركات تستغل الإعلانات لدعم أسهمها فقط لا غير، أي حوكمة الإعلانات بدلاً من عبث الشركات الحالي؟ وإذا ارادت هيئة السوق ضبط السوق وكشف كل شيء، فقط تحتاج "لإدارة ضبط ورقابة الاتصالات" أي مراقبة موظفي البنوك وشركات الوساطة "للوسطاء" وكيفية عمليات البيع والشراء، وبرقابة غير تقليدية، وستكتشف الكثير مما يحدث بالسوق كأداة رقابة، قد يكون لدى الهيئة ولكن ان وجد يجب أن يكون أكثر رقابة ومتابعة وستجد وتكشف الكثير.