"إنه موعد العمل... وقف أمام المرآة.. تأكد من تناسق ملابسه.. الثوب.. الشماغ.. العقال.. أغلق الباب الداخلي للفيلا.. ركب سيارته.. مؤشر الحرارة ارتفع قليلاً.. ضغط على زر "الريموت كنترول" فتح باب "القراج".. أخرج سيارته. ثم أغلق الباب.. غادر الحي.. أسوار عالية أبواب مغلقة وفي الطريق.. لا أحد.. لا حياة.. قط فقط يقبع خلف برميل زبالة.. كتل من الأسمنت.. كتل من الإسفلت.. سماء زرقاء.. صمت.. هدير محرك السيارة يئن وحيداً...لا أحد.. زجاج السيارة مغلق.. برودة منعشة داخل المركبة.. يتجه إلى الشارع العام.. سيارات بنوافذ مغلقة.. أشباح لرجال ونساء داخلها...على جانبي الطريق أسواق بواجهات زجاجية.. أبواب مغلقة.. يركن سيارته أمام أحد تلك الأسواق.. يغادر سيارته.. يفتح باب السوق الزجاجي.. يسحب إحدى عربات التسوق.. يشتري.. خبزاً.. لبناً..بعض الحلوى.. صحيفة.. قنينة ماء.. يدفع للبائع البنغالي مبلغاً من المال قرأه على شاشة جهاز البيع.. غادر بصمت.. توجه إلى سيارته.. وعاد إلى منزله ليجد العاملة المنزلية عند مدخل الباب.. حملت جميع المشتريات وتوجهت إلى الداخل.. تأكد من إغلاق باب الفيلا.. غادر الحي متوجهاً إلى العمل.. تأكد من أن القط لا يزال يقبع خلف برميل الزبالة.. مسترخياً وقد حفه الصمت من كل مكان....) "إنه موعد العمل... وقف أمام المرآة.. تأكد من تناسق ملابسه.. الثوب.. الشماغ.. العقال.. أغلق باب بيته.. قبل أن يتجه إلى سيارته ليذهب إلى العمل تذكر ما طلبته منه زوجته.. توجه إلى صاحب البقالة الصغيرة المقابلة لبيته.. سمع صوت البائع.. يا أستاذ..ما فيه داعي تتعب نفسك.. وتأتي.. ولو أن مجيئك يسعدنا.. لكن أرسل أي واحد.. أو كلم بالتلفون.. سمع آخر يقول.. الأخبار بالفضائيات تخوف.. القيامه قربت.. رد عيه آخر.. لا تصدق الإعلانات.. مرهم بعدين الكرش يختفي.. رد عليه صاحب البقالة.. العلم.. العلم تطور.. كان قد جمع بعض المشتريات.. لبن.. بعض الحلوى.. صحيفة.. قنينة ماء، سمع دعاء البائع بعد أن أعطاه قيمة المشتريات.. الله يكرمك ويفتح لك أبواب رزقه.. اتجه إلى فرن يقبع بضع خطوات من بيته.. أعجبته حرارة الخبز.. أخذ قطعة منها وهو متجه لبيته.. فتح بابه وأعطى ما اشتراه لزوجته.. أغلق الباب.. ركب سيارته..الأصوات تحيط به من كل جانب.. الناس.. السيارات.. أبواب مفتوحة.. حياة في كل جانب.. كل متجر يحمل اسماً.. ويشرع أبوابه للجميع.. بدأ يقرأ أسماء تلك المحلات.. قرأ "ملحمة السعادة" وجد عند المدخل مجموعة من القطط تتحرك بنشوة.. ابتسم وغادر الحي متوجهاً إلى عمله وهو يترنم مغنياً "صبح صباح الخير من غير مايتكلم.. ولما غنى الطير ضحك لنا وسلم"