الحضور الوطني في الشعر العربي إيقاع كل شاعر. وتلتقي تلك الإيقاعات لتشكل لحناً وهذا اللحن هو الإحساس العجيب بالتوحد والقوة، بال.. "جمع" والتمازج والذوبان في الهدف. كل عبق في قصيدة يفوح برائحة التوحد، وملمسه "عجين" يمثل "تكوّناً" عربياً. - نخيل البصرة يتغنى بها شاعر شنقيط خليل النحوي. - جبل التوباد تغنى به شوقي. - مصر تغنى بها الرصافي. - مكة أنشد لها الكل. أحمد شوقي ناجى دمشق: قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا مشت على الرسم أحداث وأزمان إلى أن يقول: لولا دمشق لما كانت طليطلة ولا زهت ببني العباس بغدان أثناء كفاح الجزائر في سبيل التحرير لم يناجِ شاعر سوريا سليمان العيسى الجزائر وحدها. ناجى الأرض العربية. فلنقرأ: جوزي بنا الغسق الرهيب ونضّري يبس القفاري وصِلِي الشآم بدجلة بالنيل يهدر، بالصحاري بدم على "وهران" يعبر للخلاص جحيم نار رحلة الشعر العربي لا تنتهي. لم تنته بحزيران. ولا بغزو لبنان ومذبحة تل الزعتر ومذبحة صبرا وشاتيلا. ولا بغزو الكويت. بيت شعر حديث، لشاعر معاصر يقول: هبينا انطفأنا، سوف أرفع أصبعي وأنذر باليسرى توابيتي اليمنى لسوف أغني ربما سقط الدجى قتيلاً على إصرار محتضر غنى وأعتقد بأن هذه الخاصية يمتاز بها الشعر العربي عن غيره من الشعر. فإقليمية القصيدة في الشعر الغربي واضحة والشاعر الغربي يعيش في أحضان بيئة شعرية محدودة لا تتعدى - عند أكثرهم - النزهة المحلية. في الثلاثين سنة الماضية اعتاد الشعراء العرب البحث عن علاج لمرارة واقع، أو لتداعيات هزت العالم العربي، اعتاد الشعراء البحث عن ذلك العلاج ولو بواسطة الكي. الذي منه "قد يجيء" الشفاء كما قال الشاعر نزار قباني:- إن أكن قد كويتُ لحم بلادي فمن الكي قد يجيء الشفاء الحس موجود، وإن اختلف التعبير عنه بين شاعر وآخر. فالعربي المسلم مجبول على حب الوطن.