على أثر الطفرة الاقتصادية التي تشهدها منطقة الخليج بشكل عام ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص ولا سيما العاصمة أبوظبي التي أعلنت عن أن معدل النمو فيها تجاوز 18% في الفترة الماضية متوقعة أن يصل حجم الناتج المحلي الإجمالي للإمارة إلى تريليون درهم عام 2025م، والتي عملت على استقطاب عدد كبير من المستثمرين الخليجيين والعرب والأجانب، أصبحت مدينة أبوظبي محط أنظار وإعجاب كثير من رجال الأعمال وصناع القرار لنجاحها باجتذاب رؤوس الأموال (النخبوية) حيث توجهت أبوظبي إلى إستراتيجية مدروسة وربما أنها تكون فريدة بالمنطقة وهي اجتذاب واستقطاب رؤوس الأموال وتوظيفها في السياحة الثقافية أو السياحة المعرفية، ولا يمر اسبوع او عدة أيام إلا وتفاجئنا العاصمة الإماراتية بالإعلان عن إطلاق مشاريعها الثقافية الضخمة والمترافقة مع مشاريع عقارية واقتصادية، وما أن يتم الإعلان عن هذا المشروع أو ذاك إلا ويتم الإعلان عن بيعه بالكامل حتى قبل إنشائه! وهذا ما يدل على أن مدينة أبوظبي أصبحت مصدر جذب واستقطاب واستثمار رؤوس الأموال الخليجية والعربية والأجنبية، حيث يعزز هذه المكانة شعور رجل الاعمال أنه في بيئة آمنة وخصبة ومستقرة يستثمر أمواله فيها بكل حرية ويسترخي على ضفاف الجزر الدافئة. وقد اعتادت بعض البلدان في سبيل التسويق للسياحة والترويج لنفسها أن تبث الإعلانات عن المهرجانات والفعاليات الفنية المختلفة والمتنوعة، لدرجة أصبح هذا الأسلوب التسويقي تقليدياً، وحتى المهرجانات الفنية الضخمة كمهرجان كان السينمائي ومهرجان قرطاج في تونس ومهرجان دبي في الإمارات، ما عادت تحظى بتلك الهالة من الإثارة والتشويق بالدرجة التي كانت عليها عند انطلاقها. ولكن ما نلاحظه في أبوظبي أنها أصبحت مدينة تقتنص الفرص الجديدة والمبتكرة، لجذب السياحة المعرفية أو ما يسمى (السياحة الثقافية)، وقد أعلنت مدينة أبوظبي الفتية عن افتتاح فرع لجامعة السوربون الفرنسية العريقة وكذلك فرع لمتحف اللوفر الفرنسي، وهو توجه استراتيجي جديد تسعى إمارة أبوظبي له بخطى حثيثة ومدروسة لتكون الواجهة السياحية المعرفية الجديدة، ولتكون في طليعة المدن العربية الرائدة التي تروج لنفسها باسم المعرفة والثقافة والفكر. السياحة المعرفية ظاهرة جديدة على منطقتنا، وهي جزء من حوار الحضارات واندماج الثقافات وتفاهم الشعوب، وهي خطوة جديدة حضارية استراتيجية تسير بها إمارة أبوظبي، وهي أسلوب سياحي جاذب للزائر والمواطن والمقيم ومقصد للزوار من كل انحاء العالم، وهي بنفس الوقت أسلوب رابح بثوب معاصر حضاري لترويج المدن، لتستثمر المال في السياحة والمعرفة والثقافة والأدب والفن.. لم تعد أبوظبي صحراء وبحراً ونخيلاً، بل أصبحت مدينة البيئة النظيفة الجاذبة للمستثمر ومكاناً آمناً للمعرفة والفكر، وعاصمة للسياحة الثقافية. @ المدير الإقليمي لمكتب دبي