لا تعتبر السياحة الثقافية القائمة في الأصل على المنتج الثقافي بكل أشكاله القديمة والحديثة مفهومًا إنمائيًا جديدًا في السياحة ولكنه بدأ يأخذ بعدًا عميقًا في التخطيط التنموي للسياحة العالمية في الوقت الحاضر لكونه مكونًا غير تقليدي وغير قابل للمنافسة حيث يعتمد على خصوصية المكان والمجتمعات. لذا أصبحت من أهم جوانب التنمية السياحية التي يجب أن تُدرس وتُقيّم وتُخطط بعناية شديدة وفقًا للواقع والاتجاه العالمي الحديث. حيث إن أهم الوجهات السياحية التي تستقبل الملايين سنويا كفرنسا وإسبانيا أصبحت تنظر بجدية لهذا المفهوم الجديد للسياحة الذي يحقق الاستمتاع والمعرفة معًا في معادلة مقبولة واتجهت إلى التخطيط لوجهات جديدة وغير تقليدية في برامجها السياحية لتحقيق ذلك الهدف. وأعتقد أنها بجانب سياحة الآثار والسياحة البيئية تشكل مثلثًا قويًا يرفد الجانب السياحي خاصة في بلادنا لما لها من خصوصية دينية واجتماعية. ولا يتم ذلك إلا وفقًا لرؤى وأطر جديدة تتناسب مع هذا الاتجاه من جهة وثقافة المجتمع وإمكانياته من جهة أخرى. ولعل من أهم تلك البرامج: الاهتمام بتنمية الوسائط الثقافية المتعددة التي تشكل أهم الحوافز للجذب السياحي، ومن أهم تلك الوجهات والبرامج «المعارض»: - «المعارض السياحية» التي تسوّق للمنتوج السياحي المحلي وتُقدِّمه بشكل جيد، ولا نقتصر على المعارض السياحية التي تروج للسياحة الخارجية فقط، بل لابد وأن تحضر السياحة الداخلية بقوة في تلك المعارض. - التظاهرات الفنية المميزة كملتقيات ومعارض الفنون التشكيلية، والتي أصبحت من أهم عوالم التنشيط السياحي، وبنظرة سريعة لما هو قائم من نشاط فني عالمي في الخليج وبخاصة دبي وأبوظبي يتأكد لنا ذلك. - معارض تختص بإبراز الحرف والصناعات التقليدية ومنتجاتها وتقديمها في عروض حية. - المعارض المُعرِّفة بالشعوب، ويمكن الاستعانة بالمقيمين بيننا وبالسفارات للتعريف بالشعوب. - تنشيط الفن المسرحي بعرض المسرحيات السعودية التي يقتصر نجاحها على الخارج، بينما يسمع عنها المجتمع في الصحف فقط، أما مسرح الطفل الثقافي فهو من أهم المنتوجات الثقافية وأكثرها جاذبية لكافة الأسر، وهناك الكثير من أنماط المسرح التي يمكن تقديم عروضها بالاستعانة بفرق من الداخل أو الخارج كمسرح الدمى – وخيال الظل وغيرها. - المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية وحلقات الدراسة وتهتم الدول بعقد المؤتمرات كونها تشكل مصدر ترويج مهم ودعاية سياحية للبلد. - التشجيع على إقامة المزيد من المهرجانات الثقافية في العديد من المناطق استلهامًا من خصوصية المكان وتاريخه وثقافته وتوفير المعلومات الكافية عما هو موجود من مهرجانات كالجنادرية، وسوق عكاظ، والوخلة، والحريد وغيرها. - حث الأندية والمراكز الثقافية للمساهمة في تنشيط السياحة الثقافية في المواسم والعطلات خاصة حيث تستطيع إعداد الكثير من الأنشطة الثقافية والفنية المميزة والجاذبة مثل مهرجان للشعر الفصحى والعامي - ملتقيات ثقافية للشباب – مهرجانات للقراءة – دورات إبداعية – وأخرى ابتكارية مع ضرورة الترويج لأنشطتها الموسمية بوضعها على خارطة السياحة الداخلية أو الوافدة. - إبراز المتاحف الفردية في كافة المناطق ووضعها على خارطة السياحة الداخلية مثل متحف صفية بن زقر – متحف عبدالحليم رضوى – مبرة عبدالرؤوف خليل – متحف محمد القويعي وغيرها كثير، قد لا تسمح هذه العجالة بذكره. - تشجيع وكالات السياحة على تنظيم رحلات قصيرة المدى، مدتها من 3 أيام إلى أسبوع بهدف التعرف على موقع معين أو حدث ثقافي خاص كسوق عكاظ أو مهرجان الجنادرية أو الدوخلة في الشرقية أو مزايين الإبل أو الرالي في حائل أو مهرجان الحريد في فرسان.. وغيرها كثير. إن المواطن لا يعلم عن هذه التظاهرات وغيرها إلا من الصحف، وربما بعد انتهائها، وإن التقط المعلومة في الوقت المناسب لن يتردد كثيرًا في الاطلاع على هذه التظاهرات والمهرجانات الهامة، هذا غيض من فيض في السياحة الثقافية، آمل أن يلقى صدى واقعي كما نبتغي لبلادنا. [email protected]