مع إعلان الجزء الثالث من مسلسل "باب الحارة" تفاءلتُ خيراً لأننا ومنذ ثلاثية "ليالي الحلمية" تقريباً لم نشهد مسلسلاً عربياً بقصة متسلسلة يمتد لأكثر من موسم واحد ناجح باستثناء باب الحارة. ولكن ما أن مرت الأيام بعد احتفالات النجاح بالموسم الثاني حتى أثبت العرب أنهم عرب! انسحب البطل الرئيسي من العمل لخلافات في وجهات النظر بينه وبين مخرج العمل، ثم توالت انسحابات الممثلين والممثلات من العمل مع طفو الخلافات على السطح كعادة العرب كذلك، والمخرج القدير لا يزال يؤكد أنه من يعجبه العمل بهذه الطريقة فليستمر ومن لا يعجبه "يصطفل"!. غني عن الذكر أن كل التفاؤل السابق تبخر، وأن الموسم الثالث من المسلسل يبدو جنائزياً كبداية الموسم الثاني ويدفع للسؤال: كيف تستمر بعض المسلسلات الأمريكية والأوربية لعدة مواسم بنفس الأبطال والمؤلفين وطاقم العمل دون مشاكل تذكر؟ هل هم صنف من البشر لا يختلفون فيما بينهم؟ أم أنهم مجرد تماثيل ليس لها رأي أو اعتبار فكري؟ بالطبع لا، فهم في نهاية المطاف يحملون آراءً وأفكاراً شخصية قد تختلف عن آراء المخرج أو صانع العمل، ولكن الفرق هو اعتيادهم التعاطي مع اختلاف المواقف والآراء دون أن يؤثر ذلك في مصلحة العمل ككل وعلى مصلحة العاملين فيه، فالجميع في ميزان العمل والإنتاج رابحون. أمر أخير، من الشائع جداً في عالم الفن الغربي أن يعلن الممثلون عن قيمة أجورهم الفنية، وأغلبنا يعرف أن أجر كل ممثل من أبطال مسلسل "أصدقاء" بلغ في الموسم الأخير مليون دولار عن الحلقة الواحدة!. مشكلة الممثلين العرب أنهم يصرحون أن المادة هي آخر ما يفكرون فيه وأنهم يعملون لأن الفن رسالة مع أن الربح المادي أمر مشروع. هل بقي أن أقول إن ثلاثة أرباع خلافاتنا الفنية ناتجة عن الخلاف المادي؟.