كثرت في الآونة الأخيرة مسابقات الشعر عبر القنوات الفضائية واصبحت كل قناة تتفنن في ذلك لتجذب الجماهير ولقد حققت تلك البرامج نجاحاً باهراً ومتابعة رغم أن مايطرح بها أحياء النعرات وأعاد المجتمع للقيم العصبية والنعرات الجاهلية والأصطفاف القبلي التي أبادتها وحدة الوطن وتكاتفه. لقد ركزت تلك البرامج اهتمامها على ابتزاز المتابعين والجماهير عن طريق التصويت حيث جعلت جل درجات التقييم للتصويت . وقد عبر عدد من الأدباء والشعراء المعروفين عن وجهات نظرهم حول هذه البرامج حيث التقط أطراف الحديث في البداية الناقد الأدبي المعروف الاستاذ الدكتور محمد بن مريسي الحارثي قال: الظواهر الاجتماعية ذات الأثر السلبي على حياة الناس كثرت في هذه الفترة التاريخية نظراً لأن الناس اشبه بالعصور التي يعيشون فيها وهذا العصر الذي نعيش فيه شهد كثيرا من التفاهات التي تلبي رغبات من يميل إليها وهم كثر من ذلك على سبيل المزايدات القبلية في مزاين الابل وسيأتي يوما من الايام سيكون هناك مزايدات في مزاين أية حيوان على وجه الأرض سواء كان انساناً او غير انسان . من ذلك مثلاً مايدور الآن في القنوات الفضائية من مسابقات شعرية عامية تنحط بالذوق إلى أرذل درجات الأنحطاط "الذوق العربي والذوق الاخلاقي والذوق الفني" وقس على ذلك كل مايبحث عنه العقلاء من مواطن الارتقاء بالفضائل والاخلاق. ولقد تابعت بعض حلقات بعض البرامج الشعبية التي أذيعت في بعض القنوات الفضائية فوجدت أن الذين يتسابقون في هذه المحطات في الشعر العامي ليسوا على مستوى ثقافي تأهيلي يجعل الشخص من هؤلاء المتسابقين يحدد هوية المسابقة ويحدد هوية الهدف الذي يسعى من أجل تحقيقه في المسابقة إنما هي فورة مراهقين أستهوتهم هذه الفضائيات فأنجذبوا إليها ووجدوا من يعينهم على هذا الأنجذاب من الجمهور وبطبيعة الحال إذا كان المتسابقون على هذا المستوى من اللاوعي فلابد أن يكون الجمهور في مستوى طموحات هذه الفئة . أما الذين يحكمون هذه المسابقات خاصة الذين لديهم ثقافة عامية شعبية غير منكرة ولكن كنت اتمنى لو انهم وظفوا هذه الثقافة الشعبية العامية الشعرية في مستويات شعرية راقية ليست في تلك المستويات الهزيلة التي يأخذ منها المحكم نسبة معينة من الدرجات. وعن ترشيح الجماهير قال الناقد الدكتور - بن مريسي: الجمهور لايمتلك الذائقة الناقدة فعديد من الشعراء هم في الأساس ممثلون ولايفقهون شيئاً في الشعر ويصنعون ألفاظاً يأخذونها من التراث ومن العاميات ومن الفصيح وينسقون بينها ويخرجون بصورة ممثلين أمام الناس، لايمتلكون الغريزة الشعرية المنتجة انتاجاً شعرياً راقياً، والجمهور غير الراقي هو الذي يطبل لمثل هؤلاء الأشخاص . وأختتم الدكتور ابن مريسي حديثه قائلاً: كل هذه البرامج والمسابقات وضعت للربح المادي والكسب من الجمهور فقط وأرى أن من يصوت لإي متسابق ولو بصوت واحد مغفل . شاعر المحاورات الشاعر- حبيب العازمي قال:جميل ان يهتم بالشعر والشعراء وجميل ان تقام المسابقات والمناظرات الشعرية وقمة الروعة والجمال أن تخصص قنوات للشعر ومسابقات مخصصة له وكل هذا يسجل كبادرة جميلة في سجل من قام بها ولكن الاسلوب الذي انتهج في المسابقات كا لاعتماد على ترشيح الجماهير ارى انه غير صائب حيث ان العديد من الجماهير ليسوا مؤهلين للتقييم السطحي هذا في شعر النظم فكيف بهم في شعر المحاورة فالأمر أدهى وأمر والترشيح هنا يخضع للقبلية والمحسوبية والقدرة المادية ولا يخضع للشعر المتميز أو الشاعر المتمكن . واضاف العازمي: المسابقات بحد ذاتها جميلة ولكن أسلوب التنفيذ يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن ابتزاز الجماهير وارى أن شعر المحاورة تحديداً لايحدد شاعر المعنى فيه من بيت او حتى محاورة كاملة فالتحديد يتم على المعدل التراكمي للشاعر في أكثر من محاورة وأيضاً لابد أن يتحاور شاعر متمكن من الشعراء المعروفين مع شاعر مبتدئ او شاعر قليل الخبرة ومن خلال تلك المحاورة يتم الحكم على مقدرة الشاعر ويحكٌم تلك المحاورة نقاد متمكنون من أسلوب النقد ومؤهلون لذلك. الشاعر محمد السناني قال: كم هو جميل أن يهتم بالشعر وبالتراث وهذه المسابقات لاشك انها ستثري الساحة وستعرف الجماهير على شعراء مغمورين أو لم يكونوا معروفين وبارزين في السابق ولكن عملية التصويت من قبل الجماهير ستهضم حقوق الشعراء وترجح كفة على كفة ويكون التقييم خاضعاً بكل المقاييس للمادة فقط ليس إلا. الشاعر محمد بن حامد المسعودي قال: الكل يشجع على الاهتمام بالشعر والتراث وكم هي سعادة الجميع وهم يتابعون عبر القنوات الفضائية ذلك الاهتمام حتى المسابقات الشعرية وجدت تشجيعاً ومتابعة لانظير لها ولكن عندما يتم التصويت من قبل الجماهير لترشيح الشعراء فهذا أرى أن فيه أجحافاً في حق الشعراء وهضماً لحقوقهم وبعيداً كل البعد عن الأنصاف. الشاعر ملفي المورقي قال: لا يختلف اثنان على حرص كل مهتم بالموروث وبالشعر على توثيقه الأهتمام به وتشجيع من يقوم بذلك والكل يشجع القنوات الفضائية إذا حرصت على ذلك باسلوب راق بعيداً عن النهم المادي الذي يصل إلى مرحلة الجشع والطمع مثلما يحدث في بعض القنوات الفضائية التي أتخذت من الشعر وسيلة للتكسب والأحتيال لاستنزاف الجيوب من خلال المسابقات التي تعرض بها وإنني أناشد كل ذي قلب لبيب وعقل متزن وفكر واع أن لاينجرف وراء تلك الدعايات المنمقة لاستنزاف الجيوب بهوية الشعر وأدعوا جماهيري قاطبة أن لايستغلوا ويصوتوا ولو بهللة واحدة. الشاعر مصلح بن عياد الحارثي: بادرنا بقوله "عيب على لحيتي أن أشجع مثل هذه المسابقات مادامت على هذا النهج" فهي الآن تتسول بأسم الشعر ونهجها ليس قويماً لقد أنكشفت عنها الأقنعة وبان زيفها وهدفها ربحي فقط تجاري دون النظر للشعر والحفاظ على التراث وأستهداف المشاهد ونزف نقوده بالتصويت بحيل غير شرعية ما أنزل الله بها من سلطان. والأهتمام بالموروث الشعري جميل ولكن أن تعمل مسابقات بعيدة عن استغلال أموال الناس بالباطل بأسم الشعر وأن تكون لجان التحكيم ذات كفاءة عالية ومتخصصة وتمتلك أدوات النقد التي من خلالها تستطيع تحديد مستويات الشعراء ولديها القدرة على تمييز الغث من السمين إضافة إلى انه لايدخل تصويت الجمهور بأي شكل من الأشكال والحكم على قوة الشاعر وتمكنه وتميزه يجب أن يكون بعيداً عن أصوات الجماهير وأضاف ابن عياد: لقد أثارت هذه البرامج النعرات القبلية وأججت الفتن والعنصرية التي اندثرت وطمست عليها الوحدة والتكاتف. وشدد الشاعر الحارثي على أن تقييم الشعراء وتحديد مستوياتهم لابد يكون من قبل مختصين ومؤهلين لذلك لديهم القدرة على التقييم .