ليل ثان أمضته العاصمة اللبنانية بيروت وضواحيها تحت الحديد والنار واستفاقت أمس على واقع ميداني جديد إذ افرز ليل الاشتباكات تغيرات جذرية في المواقع العسكرية وسط توقعات بامتداد الأزمة إلى بقية المناطق اللبنانية. وتمكن أنصار المعارضة الشيعية من فرض واقع ميداني جديد بعدما تمكنوا من الاستيلاء على عدد من مكاتب تيار المستقبل بزعامة النائب سعد الحريري لاسيما في مناطق رأس النبع المتاخمة لبيروت والتي تعتبر ثان أهم واكبر تجمع لتيار المستقبل بعد محلة طريق الجديدة التي تشكل عمود تيار المستقبل الفقري. وأكدت مصادر أن المعارضة المدعومة من إيران وسورية سيطرت على بيروت ومنها منطقتا "فردان" و"الحمرا" ، وهما من أهم المناطق التجارية والتجمعات الشعبية السنية الراقية. كما أشارت إلى أن مسلحين من أنصار الموالاة المدعومة من الغرب وأمريكا قطعوا طريق طرابلس-عكار عند محلة المنية وهي معقل أساسي لتيار المستقبل المدعوم من الغرب في الشمال. وفجرا، حاصر أنصار المعارضة مباني صحيفة وتلفزيون المستقبل التابعة لتيار المستقبل السني الذي يرأسه الحريري وتمكنوا من منع الصحيفة من الصدور والتلفزيون من البث. وفي وقت لاحق، تسلم الجيش اللبناني مبان الصحيفة والتلفزيون وتمكنوا من إخراج العاملين فيهما، والإبقاء على المحطة التلفزيونية مغلقة بحيث توقفت كل وسائل إعلام النائب الحريري. وفي هذا الوقت شهدت شوارع العاصمة عمليات كر وفر متنقلة من شارع إلى شارع استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية ، وتركزت الاشتباكات في كورنيش المزرعة ، حيث تسمع أصوات إطلاق نار وقذائف هاون. وأشارت مصادر أمنية واسعة الإطلاع إلى سيطرة حزب الله وحركة أمل الشيعيين على مناطق كركول الدروز والزيدانية ومار الياس وتلة الخياط وراس النبع والحمراء. وشوهد سكان بيروت يفرون في الساعات الأولى من صباح أمس باتجاه بيروتالشرقية التي يقطنها أغلبية مسيحية بعدما عمت المدينة اشتباكات ضارية ما أسفر عن مقتل احد عشر شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 30آخرين. وتسيطر عناصر حزب الله الذي يقود المعارضة اللبنانية على معظم أنحاء مدينة بيروت وتقترب من قصر زعيم الأكثرية سعد الحريري فيما يحاول آخرون الوصول إلى مكان يقيم فيه الزعيم الدرزي المناهض لسورية وليد جنبلاط. وقالت مصادر داخل قصر الحريري لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه لم تقع اشتباكات قربه وما حدث لم يكن سوى سقوط قذيفة صاروخية (آر.بي.جي) على نقطة التفتيش الواقعة قرب القصر دون وقوع إصابات. إلا أن الشوارع المؤدية إلى قصر الحريري داخل العاصمة اللبنانية ممتلئة بعناصر ميليشيا المعارضة بقيادة حركة حزب الله الشيعية. كما يخضع قصر جنبلاط للحصار لكن الجيش اتخذ جميع التدابير الوقائية لمنع ميليشيا المعارضة من الوصول إلى القصر. وتقول تقارير غير مؤكدة ان جنبلاط غادر قصره بالعاصمة لكن مصادر قريبة منه قالت ل(د.ب.أ) إن "جنبلاط لا يزال في بيروت ووسط حلفائه". وقالت مصادر بالمعارضة اللبنانية ل(د.ب.أ) إن المفاوضات جارية لاحتواء الموقف. ويخضع السراي الحكومي وبداخله رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ووزراء آخرون تحت "السيطرة المباشرة لأنصار المعارضة". وقالت عناصر من ميليشيا المعارضة ل(د.ب.أ) إن جميع المبان المحيطة بالسراي الحكومي خاضعة لسيطرة المعارضة. وأضاف الرجال المقنعون: "بيروت تحت سيطرتنا الكاملة". وكانت أجواء العاصمة اللبنانية توترت في أعقاب مؤتمر صحفي عبر الشبكات المغلقة لأمين عام حزب الله حسن نصر الله مساء الخميس.