واصلت المعارضة وخصوصا حزب الله امس احتجاجاتها ضد الحكومة وقطع عدة طرق في بيروت ما اوقف العمل في مطار بيروت كما توسعت رقعة المواجهات المسلحة بينها وبين انصار الموالاة ما اثار المخاوف من فتنة مذهبية. وامتدت المواجهات بين مناصري حزب الله وتيار المستقبل من بيروت الى البقاع قتلت فتاة وأصيب آخرون في اشتباك ببلدة سعد نايل. كما قطع مناصرون لتيار المستقبل ظهر أمس الطريق الرئيسة المؤدية الى جنوب لبنان. وقال مصدر امني لوكالة فرانس برس ان نحو ثلاثين شابا من انصار تيار المستقبل مزودون بقساطل مياه معدنية وعصي ومسدسات قطعوا الطريق بعد بلدة الجية الساحلية على الطريق بين بيروت وصيدا. وتقع الجية في منطقة اقليمالخروب السنية عند مدخل منطقة الشوف الجبلية معقل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط احد ابرز قادة الاكثرية النيابية. وكان مصدر معارض اعلن ان الاضراب هو "عصيان مدني" حتى تتراجع الحكومة عن القرارات الاخيرة التي اتخذتها ويعتبرها حزب الله مساسا بأمنه. وأفاد مصدر أمني لوكالة فرانس برس ان مواجهات مسلحة عنيفة جرت عصر الخميس في أحياء عدة من غربي بيروت بين أنصار للمعارضة وآخرين للأكثرية بعد دقائق على انتهاء مؤتمر صحافي للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله. وقال المصدر نفسه ان الاشتباكات تسجل في احياء كورنيش المزرعة والبسطة والنويري وراس النبع وتستخدم فيها "الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية". وقالت مصادر أمنية إن خمسة أشخاص قتلوا وجرح 12شخصاً على الأقل في القتال. وتبادل مقاتلين من حزب الله وحليفته حركة أمل اطلاق نيران المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية ضد مسلحين موالين للحكومة في عدد من المناطق في العاصمة في أسوأ قتال داخلي منذ انتهاء الحرب الأهلية. وقالت مصادر أمنية ان مقاتلون من حزب الله اجتاحوا على الأقل ثلاثة مكاتب تابعة لتيار المستقبل الموالي للحكومة. واضرمت النيران في العديد من السيارات والمحال وفر عشرات المدنيين المذعورين من مناطق الاضطرابات. وتوقفت حركة الطيران في مطار رفيق الحريري الدولي الخميس كما افاد مصدر ملاحي وذلك بسبب اقفال مناصري حزب الله للطريق الرئيسية المؤدية الى المطار الوحيد في لبنان. وقال مصدر رسمي ان "المطار مفتوح انما لا حركة جوية". واضاف ان "اي حركة اقلاع او هبوط لاي شركة غير واردة على الجدول باستثناء رحلة الى لندن جرت في ساعة مبكرة". وردا على سؤال حول موعد عودة الرحلات اكتفى المصدر بالقول "لا توقيت محدداً الامر ليس بيدنا". ويقع المطار في محاذاة ضاحية بيروتالجنوبية معقل حزب الله. وكان مطار بيروت توقف عن العمل تماما الاربعاء لمدة ست ساعات على الاقل بسبب قطع الطريق بالسواتر الترابية خلال اضراب عمالي ضد سياسة الحكومة المعيشية. وبدت الحركة شبه معدومة امس في بيروت فيما اشعل شبان معارضون مجددا النيران في بعض المستوعبات والاطارات التي وضعت لقطع الطرقات اضافة الى سواتر ترابية في النقاط الحساسة او مكعبات اسمنتية، كما افاد مراسلو فرنس برس. وتشاهد في بعض المناطق عناصر مسلحة ومقنعة. ولقيت فتاة حتفها وأصيب أربعة أشخاص آخرون على الاقل عندما اشتبك أعضاء من "تيار المستقبل" بزعامة سعد الحريري رئيس الاغلبية النيابية مع أعضاء حزب الله في بلدة سعدنايل بالبقاع شرق لبنان. وذكرت قوات الامن اللبنانيةفي البقاع أن سيارتين تتبعان السفارة الايرانية ببيروت تعرضتا لهجوم على يد أنصار تيار المستقبل بالقرب من الحدود اللبنانية - السورية. ولم ترد تقارير فورية عن وقوع خسائر بشرية لكن شاهد عيان في المنطقة قال إن حجارة القيت على سيارات دبلوماسية كما حاول أعضاء تيار المستقبل مهاجمة السيارات بالعصي. وقال مصدر بتيار المستقبل إن أعضاء التيار يغلقون الآن الطرق المؤدية إلى الحدود السورية - اللبنانية. وذكرت مصادر بالشرطة اللبنانية أن أعضاء تيار المستقبل يغلقون الآن الطريق الساحلي بالقرب من مدينة صيدا الساحلية جنوب لبنان. وفي شمال لبنان قالت الشرطة إن أنصار الحكومة اشتبكوا مع مؤيدي المعارضة ما أسفر عن إصابة شخصين على الاقل. وتواصل القوى الامنية انتشارها الواسع في بيروت الذي لم يحل الاربعاء دون وقوع اشتباكات مسلحة متعددة بين انصار الطرفين في عدد من الاحياء وسط اتهامات متبادلة باستقدام مسلحين خصوصا بين حزب الله وتيار المستقبل. وكان مفتي الطائفة السنية الشيخ محمد رشيد قباني اتهم حزب الله "بمحاولة الهيمنة على لبنان بدعم خارجي تحت غطاء المقاومة"، داعيا قادة الحزب الى "سحب المسلحين من شوارع بيروت" ومحذرا من "فتنة مذهبية". كما اتهم مصدر حكومي حزب الله بالتحضير "لعصيان مسلح من اجل الاستيلاء على السلطة". وشبهت صحف لبنانية موالية ومعارضة امس ما يجري ببدايات الحرب الاهلية السابقة (1975-1990) متخوفة من اندلاع فتنة مذهبية بين الشيعة والسنة. وعنونت "النهار" في صدر صفحتها الاولى "بيروت تستعيد فصول الرعب المذهبي والميليشيوي". ورأت صحيفة "السفير" المعارضة بان "قرار السلطة تجريم المقاومة يشعل خطر الحرب الاهلية". واعتبرت صحيفة "الاخبار" المعارضة ان الطرفين "تجاوزا كل الخطوط الحمر وسارا بقوة نحو مواجهة تأخذ طابعا مسلحا" متوقعة استئنافها الخميس "ما لم يبرز الى الضوء اي تفاهم سياسي". اما صحيفة "الانوار" المستقلة فشددت على المأزق الذي يواجهه الجميع. وكتب المحلل السياسي رفيق خوري في الافتتاحية "المأزق مزدوج: مجلس الوزراء لا يستطيع التراجع وإلا سقط عمليا ولا السير الى النهاية بسبب الواقع على الارض، وحزب الله لا يستطيع التراجع عن موقفه والا سلم بقصقصة اجنحته ولا الذهاب في العصيان الى النهاية لان مخاطر الفتنة الطائفية خطيرة". الى ذلك، دعا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، اعلى هيئة دينية للطائفة الشيعية في لبنان، الحكومة اللبنانية امس الى العودة عن قرارتها الاخيرة محذرا من "استدراج لبنان الى الفتنة". وقال المجلس بعد اجتماع استثنائي عقده برئاسة نائب رئيسه الشيخ عبد الامير قبلان ان قرارات الحكومة "غير شرعية وانتهكت الدستور" معتبرا "انها قرارات كيدية تشكل جريمة بحق لبنان وطوائفه، وهي اعتداء على دماء شهداء المقاومة وعلى الدولة ومقوماتها وفي مقدمها الجيش اللبناني". وشدد على "ان العودة عن هذه القرارات هي المدخل لاخراج لبنان من ازمته وان الاصرار على هذه القرارات هو مشروع خطر يستهدف لبنان واستقراره ولا احد يعرف تداعياته". واعتبر المجلس "ان ما جرى هو جزء من حرب اسرائيلية-اميركية اريد استكمالها بأيد لبنانية مدعومة من جهات عربية معروفة". وحمل البيان مسؤولية ما جرى وما يجري "لمن قرر استدراج لبنان الى الفتنة" - على حد قوله -.