أنفقت الدولة خلال العقود الأربعة الماضية ما يزيد على 250مليار ريال على خدمات وزارة الصحة وحدها، وهي رغم ذلك لا تغطي خدمات 60% من الخدمات الصحية المقدمة، ويبلغ حجم الإنفاق السنوي حالياً 50مليار ريال؛ ويتوقع أن يصل حجم الإنفاق خلال السنوات السبع القادمة 420مليار ريال. ويظل القطاع العام المقدم والممول الرئيس لخدمات الرعاية الصحية؛ إذ تشكل حصته 77% من إجمالي نفقات الخدمات الصحية. رغم ذلك الإنفاق الضخم في ظل النظام الصحي يواجه ضغوطاً بسبب النمو السكاني الذي هو ضعف النمو السكاني في العالم 2.4%؛ إضافة إلى تفشي أمراض بيئية ووراثية وأمراض الثراء وأمراض المسنين. وكان القطاع الخاص المساهم الأكبر للنمو في سوق المستشفيات السعودية خلال السنوات العشر الماضية؛ حيث أنشأت 57% من المستشفيات المؤسسة حديثاً وحصل على45.2%،من الزيادة في عدد الأسرة الطبية. لقد ازداد الدخول إلى المستشفيات الخاصة بطريقة مذهلة بنسبة 60% خلال فترة السنوات العشر الماضية ليصل إلى 651.786حالة في عام 2006وفي الفترة نفسها ازداد دخول المستشفيات الحكومية بنسبة 14.5% ليبلغ نحو 1.767.6003حالة. ويبلغ عدد المستشفيات العاملة في المملكة حالياً 379مستشفى من ضمنها 256مستشفى حكومية و 123مستشفى خاصة؛ وحتى الآن أنهت وزارة الصحة ترسية 1010مراكز صحية نموذجية في كافة المناطق بمبلغ 3.6مليار ريال، وجاري استكمال المشروع في إنشاء 2000مركز صحي نموذجي؛ وفقاً لخطة شاملة وجدول زمني خصوصاً في ظل نمو سكاني ارتفع 6.73مليون نسمة خلال الأعوام الأربعة عشر الماضية 1992-2006م ليصل مجموع السكان 23.7مليون نسمعة، ويتوقع أن يصل عد دالسكان في عام 2015م إلى 29.7مليون نسمة، ورغم الخطوات الواسعة التي اتخذها كل من القطاعين العام والخاص خلال العقدين الأخيرين إلا أن السوق تعاني النقص؛ حيث إن الطلب القوي يتخطى خطط التوسع للقدرات الحالية. لكن بالنظر إلى عائدات القطاع الخاص المقدرة والبالغة تسعة مليارات ريال عام 2006لكن الملاحظ أن مصروفات العائلات السعودية تراجع خلال السنوات العشر الأخيرة لتبلغ 24% ( 2.7مليار ريال) ويتوقع أن يستمر هذا التراجع نتيجة عدم قدرة العائلات السعودية دفع المبالغ التي تطلبها المستشفيات الخاصة؛ والتي تفوق قدراتهم قبل أن يصبحوا متورطين ويصبحوا رهائن ريثما تسدد المبالغ الخيالية التي تطلبها المستشفيات دون سابق إنذار؛ مثلما صاغت الصحف خبر الأب الذي هرب وترك وليده؛ لأنه مطالب بتسديد مبلغ 307آلاف ريال؛ بل إن عمليات ليست كبيرة جداً مثل استئصال أصبع لمريض السكر يمكن أن تكلف العملية فوق المائة ألف ريال، فيصبح تفعيل التغطية التأمينية الصحية الإلزامية للعمالة الأجنبية الذي يفعل وينفذ على خمس مراحل بدأت منذ عام 2006وبدأت مع الشركات التي توظف أكثر من 500عامل وتنتهي أخيراً بتغطية تبلغ 100% مع نهاية العقد ثم الموطنين. ويراد من التأمين الصحي أن يحصل المجتمع على أعلى إنتاج بأقل التكاليف أو أنه يوظف موارد القطاع الصحي للتوظيف الأمثل؛ لكن لا بد أن ينظر إلى شركات التأمين كشركات وساطة قد تأخذ أموالاً ولا تقدم خدمات صحية جيدة، بل الكثير من الدول المتقدمة تلزم شركات التأمين على ألا تقدم أي خدمة طبية بل تكون وسيطاً بين الحكومة المؤمنة أو غيرها ثم تدفع لمقدم الخدمة الذي تختاره وفق شروط دقيقة. فلا بد أن يكون هدف التأمين تقديم خدمة جيدة للمريض وتحقيق أهداف الدولة في توفير رعاية صحية متقدمة وعادلة لجميع شرائح المجتمع صغيرهم وكبيرهم بما فيها الأمراض المزمنة التي تتحاشاها وتهرب منها شركات للتأمين. وبالمقارنة بين الولاياتالمتحدة التي تخسر على الصحة نحو 11% من ناتجها القومي ويظل ما يفوق 350مليون أمريكي بلا تأمين طبي، بينما دولة مثل بريطانيا تنفق ثلث ماتنفقه أمريكا وتعالج جميع مواطنيها والمقيمين الأجانب فيها دون استثناء من مواردها العامة ودون ربط بين دخولهم وعلاجهم. أي لا بد أن يكون الهدف من التأمين واضحاً ويحقق هدف المريض في توفير خدمة متميزة بالجودة والسعر المناسب والزمان والمكان الملائمين بدلاً من أن نجعل التأمين الصحي ضريبة يدفعها كل مواطن أو أن تتهرب شركات التأمين من التزاماتها. السؤال الذي يحتاج إلى إجابة واضحة كيف يمكن أن نجنب المواطن الارتفاع الكبير في تكاليف الرعاية الصحية في القطاع الأهلي وانخفاض الجودة والكثافة في القطاع الحكومي؟ فإذا كان هناك تأمين طبي يجب عدم تحميل المواطن فاتورة هذا التأمين؛ لأن الدولة حريصة كل الحرص على رفع المعاناة على المواطن واستفادة كافة فئات المواطنين من نظم الرعاية الصحية؛ لأن الصحة موضوع حساس ويحظى بتعاطف المجتمع بشكل فطري فمن الصعب قبول درجة كبيرة من التفاوت عند توزيع خدمات وموارد القطاع الصحي على فئات المجتمع.