صحيفة عناية (الشرق-سحر أبوشاهين.إيمان القحطاني): كشفت الإحصائيات الأخيرة لمؤسسة النقد العربي السعودي عن زيادة الاستثمار في القطاع الصحي الخاص .... ونمو الموارد الصحية الرئيسية من مستوصفات ومستشفيات وكوادر طبية، ويخشى مراقبون أن تؤدي هذه الزيادة، إلى خفض جودة الخدمة المقدمة و رفع الأسعار، و اتباع أساليب غير ممنهجة علميا لرفع قيمة الفاتورة التي يدفعها المريض. فيما رأى مستثمرون في مجال القطاع الصحي أن شح الكوادر المؤهلة، وأن خريجي المعاهد الخاصة ليسوا على درجة عالية من التأهيل والتدريب، كما رأوا أن حقل الاستثمار الصحي بات مشجعاً، وعن ما عرف عن شركات للتشغيل مقابل نسبة من الأرباح قالوا «إنها لا تخدم معايير الجودة في جانب الخدمات الصحية» مطالبين بزيادة أعداد المستشفيات التخصصية والتوسع في العيادات الخارجية الحكومية للتخفيف من مدة انتظار المواعيد. قواعد و أنظمة : وقال استشاري طب الأسرة والمجتمع في مستشفى الحرس الوطني في المنطقة الغربية الدكتور أمجد الحادي»إن دخول رؤوس الأموال بصفة استثمارية في القطاع الصحي، يجب أن تحكمه قواعد وأنظمة، لأن رأس المال يبحث عن الربح، و في حال كان المدير الطبي غير بعيد عن القطاع الصحي، فقد يمس ذلك بشكل أو آخر صحة المريض، فحدود الاستثمار يجب أن تركز على جودة المباني، و عدد الكوادر المؤهلة تأهيلا صحيحا، و تقديم خدمة متميزة و لا يجب أن يتدخل في العمل الطبي بشكل مباشر.» و أضاف الحادي «إن الرغبة في الربح قد تدفع للممارسات غير العلمية، كتسويق بعض اللقاحات و الأدوية على أنها تحمي من الأمراض بطريقة مبالغ فيها، و تسويق الفحص الشامل لجميع الفئات العمرية مع أنه محدد بسن معين، و عمل فحوصات و إضافة تحاليل لا يحتاج لها المريض، حيث نجد أن بعض المرضى الذين تمت معالجتهم في مستشفيات خاصة، تصرف لهم مضادات حيوية غالية جدا و تستخدم في حالة الإصابة بالتهاب رئوي، في حين أنهم مصابون بزكام فقط، و بعضهم تجرى لهم تحاليل لعينات بلغم أو لعاب، و في حالة أخرى دفع مريض 700 ريال لإجراء تحليل شامل للسائل المنوي، في حين أن ما أجري له فعلا هو تحليل لعدد الحيوانات المنوية فقط و هو ما لا تتجاوز قيمته الخمسين ريال.» عقود صورية: و يؤكد الحادي« أن عدم وجود رقابة على العقود الموقعة لأخذ التراخيص الطبية تتيح للتجار والمستثمرين القفز على الأنظمة التي تشترط للحصول على ترخيص افتتاح منشأة طبية، عقد شراكة مع طبيب مؤهل» يقول الحادي» قد يتفق المستثمر مع طبيب سعودي الجنسية على توقيع عقد شراكة صوري تكون حصة الطبيب فيه 1% فقط ، يحصل الطبيب بموجبه على مبلغ ما بين 4000 – 5000 ريال شهريا، و يشترط عليه المستثمر عدم التدخل في إدارة المنشأة أو اتخاذ أي قرارات تتعلق بها، بل إن هذا الطبيب ذاته لا يكون عاملا في المنشأة بل يعمل في مكان آخر» مضيفا «أن المستثمر يبحث عن مدير طبي آخر غير سعودي و بإمكانات متواضعة كي لا يضطر لدفع راتب كبير له». و ينوه الدكتور الحادي لأهمية القطاع الخاص الذي يعتبر داعما للقطاع الحكومي، و هو ما يتطلب وجود جهة رقابية مشتركة ما بين إداريين ومختصين وأطباء، فلا يجب انتظار وصول شكوى ليتم التصرف على أساسها، كما أن الكثير من المرضى لا يهتم بتقديم شكوى، على الرغم من تأكده من خطأ الطبيب. مستوى الخدمة: وأشار استشاري طب الأسرة والمجتمع واستشاري التأهيل الطبي في كلية الطب بجامعة الدمام الدكتور شاهر الشهري «أن القطاع الصحي الخاص قطاع فاعل لمنظومة الخدمات الصحية الوطنية التي تسهم بشكل أساسي في الرقي بصحة المواطن والمقيم و بالصحة المجتمعية في المملكة عموما». مبيناً «أن دعمها ماديا وبالكوادر المؤهلة و تطبيق برامج الرقابة والجودة التي تشرف عليها وزارة الصحة إشرافاً مباشراً، ضروريٌ للرقي بمستوى الخدمة المقدمة» ويقول الشهري» بالنسبة لطريقة الإدارة الصحية لمثل هذه المنشآت فهي متنوعة، فمنها ما يكون عن طريق صاحب المنشأة مباشرةً ومن يختاره أو عن طريق طرف ثالث يديرها مقابل مبلغ يدفع للإدارة، والمهم أن تضمن الإدارة جانبين مهمين أن لا تكون مبالغ الإدارة على حساب جودة الخدمة من أجل التوفير أو تكون بزيادة الرسوم على متلقي الخدمة » . المراقبة الذاتية: وأرجع الدكتور الشهري أن إضافة أدوية أو وصف تحاليل لا تتطلبها الحالة إلى المراقبة الذاتية والخوف من الله تعالى فهذه أمانة عظيمة يسأله الله عنها يوم القيامة، بالإضافة إلى المراقبة والأنظمة التي تحددها وزارة الصحة، مضيفا أن تطور الأنظمة الصحية وأنظمة ممارسة المهنة، ووجود ما يعرف ب « الطب المستند على البراهين Evedence Based medicine « أو ما يسمى ب « الممارسة الأفضل Best praclice « منوها إلى أن تبنيها على مستوى وطني يقلل من الممارسات الخاطئة. حاجة ماسة: وأكد سلامة العنزي (أحد العاملين في المجال الصحي) إلى حاجة المملكة الكبيرة لإنشاء مستشفيات جديدة خلال السنوات المقبلة، وقال «نحن بحاجة ماسة إلى مضاعفة وزيادة حجم الاستثمار في القطاع الصحي إلى 50 %عن ما هو موجود الآن وذلك للنمو السكاني المرتفع في المملكة» مبيناً أن المملكة سجلت أعلى نسبة في ارتفاع عدد السكان، كما أن مدينة الرياض تعد من أكثر المدن نمواً جغرافياً. و طالب القطاع الخاص بالدخول في شراكة حقيقية من حيث الدمج والتكامل، مشيراً إلى أن بعض الأمراض المستعصية لا تعالجها المستشفيات الخاصة وتحولها لمستشفيات الدولة والتي تحتاج إلى رعاية دقيقة وتخصصات طبية نادرة، متسائلاً كيف للقطاع الخاص أن يحول المرضى لمستشفيات القطاع العام فتوفر أسرة كافية في القطاع الخاص سيحد من التحويل، مطالباً بضرورة توفير مستوصف في كل حي سكني لتخفيف الازدحام والانتظار الطويل بدلاً من الذهاب مباشرة للمستشفيات، خاصة في الأمراض البسيطة بالإضافة إلى التخفيف من الأعباء على المستشفيات الحكومية الكبيرة. وأكد العنزي أن المملكة أصبحت تستقطب المرضى من كافة الدول العربية المجاورة للسمعة والخبرة التي تحظي بها كما أن دخول القطاع الخاص في الاستثمار سيحقق نتائج إيجابية على الصعيد الصحي . المعايير العالمية: وأوضح العنزي أن شركات «التشغيل مقابل نسبة من الأرباح «وجودها تجاري بحت وهدفها مادي إلا إذا راعت في الجانب الصحي المعايير العالمية .وقال «على وزارة الصحة أن لا تعطي الرخصة إلا في حال اشتملت تلك المرافق الصحية على المعايير والمقاييس الدولية، فحياة المواطنين ليست حقل تجارب وليس كل من أتى لجمع أكبر قدر ممكن من الملايين . منوها إلى أن أغلب المستشفيات في القطاعين الخاص والعام تحاول الحصول على شهادات الكفاءة الصحية من أمريكا وكندا . وأضاف «الجميع يعاني من طول الإجراءات في مستشفيات الدولة بسبب الأعداد الكبيرة للمراجعين وقلة الكوادر الطبية المؤهلة بدليل أن طاقم التمريض والأطباء والصيادلة والفنيين كلهم من الأجانب.» مؤكداً أن مساهمة القطاع الحكومي في تنمية الموارد البشرية ساهم بشكل جيد في توظيف أسرع للمخرجات الوطنية في القطاع الخاص عن طريق تكفل الدولة بدفع نصف الراتب للموظف، ما حفز القطاع الخاص على استقطابهم. وفيما يخص خريجي المعاهد الصحية الخاصة وتدني مستواهم العلمي قال لماذا لم تشترط الدولة على المعاهد الصحية الخاصة مقاييس ومعايير الجودة العالمية ؟، موضحاً أن بعض المعاهد الهدف منها مادي كما أنها لا تراعي جودة الخدمة قائلاً أن بعض المعاهد يهمها الكمية دون النظر للنوعية، مشيرا إلى أن بعضها قد أقفل. وأضاف العنزي : الدولة هي أولى بتدريب الكوادر الوطنية في مجال الصحة سواء بتدريبهم في معاهد الدولة أو في المعاهد الخارجية ذات السمعة الممتازة للحصول على الجودة والكفاءة العالية . ميزانية دول: و يوضح المدير التنفيذي لمستشفى الموسى مالك الموسى أن حجم الاستثمار الصحي في ثلاث السنوات الأخيرة كان جيدا جداً، وقال تعد المملكة من أعلى الدول استثماراً في الجانب الصحي، كما أنها من الدول الوحيدة التي تشجع الاستثمار الصحي وذلك عن طريق منحها لقروض للمستثمرين في القطاع الصحي حيث يصل السداد إلى 21 عاماً وفي ظل الإنفاق الحكومي في حقل الصحة والذي بلغ ثمانين مليار ريال في الميزانية الأخيرة ويكاد يوازي الإنفاق الحكومي في حقل التعليم إذ بلغ مئة مليار ريال، مؤكدا على أن مبلغ ثمانين مليار ريال يعد ميزانية لإحدى الدول . نقص حاد: وعن حاجة المملكة لمثل تلك الاستثمارات قال «هناك نقص حاد في عدد الأسرة وفي الخدمات وبالأنفاق الحكومي سيعوض هذا النقص، خاصة أن القطاع الخاص يمثل 20% من إجمالي عدد الأسرة على مستوى المملكة . وأضاف «إن انتشار التأمين الصحي للمواطنين والمقيمين شجع المستثمرين للتوجه للاستثمار الصحي وهناك مشكلة كبيرة في إيجاد الكوادر الطبية المؤهلة والنوعية المدربة بشكل جيد، فزيادة الطلب في المنطقة والتوسع الحاصل في دول الخليج جعلها جاذبة للكفاءات بتقديم العروض المغرية للأطباء، مشيراً إلى أن المنافسة شديدة لاستقطاب الكوادر المؤهلة. 16 ألف متخرج: وعزى ضعف مستوى خريجي المعاهد إلى تدني مستوى التحصيل العلمي محملا المسؤولية لوزارة الصحة والتعليم العالي التي رخصت لمثل تلك المعاهد. وقال «هم يستنزفون القطاع الحكومي بتدريبهم مرة أخرى فهم في المقابل لن يستطيعوا تكملة درجة البكالوريوس، فلن تقبلهم أي جامعة ولن يقبل أي قطاع توظيفهم ولكن تم إنقاذهم بقرار ملكي بتوظيفهم وإلا كانواسيواجهون مصيرا مجهولا، حيث بلغ عدد خريجي المعاهد 16 ألف متخرج، وأربعة آلاف أجبر القطاع الخاص على توظيفهم وثمانية آلاف سيتم توظيفهم في وزارة الصحة في القطاع الحكومي . استغلال وجشع: وقال الموسى عن شركات التشغيل مقابل نسبة من الأرباح» أنا ضد دخول التجارة في القطاع الصحي فإغراء الطبيب بالنسبة يفتح باب الاستغلال والجشع فالمفروض أن يكون القطاع الصحي حيادي كما أن المريض سيكون هو الضحية خاصة إذا أعطي الطبيب مجالا يستطيع فيه أن يستغل المريض بعمل فحوصات وأشعة إضافية. وذلك لتحقيق النسبة المتفق عليها ورفع نسبة الأرباح والمواطن هو المتضرر في النهاية». المستشفيات الخاصة: بلغ عدد المستشفيات بنهاية عام 1430، 408 مستشفيات بزيادة 15 مستشفى عن العام الذي سبقه، و بلغ عدد مستشفيات وزارة الصحة 244 مستشفى تشكل 59.8 % من إجمالي عدد المستشفيات في المملكة، في حين بلغ عدد مستشفيات الجهات الحكومية الأخرى 39 مستشفى تشكل 9.6 % من إجمالي عدد المستشفيات في المملكة، و بلغ عدد مستشفيات القطاع الخاص 125 مستشفى تشكل نحو 30.6 % من إجمالي عدد المستشفيات في المملكة، و بلغ عدد القروض الممنوحة من قبل وزارة المالية لمساعدة القطاع الخاص على إقامة المشروعات التنموية ومن ضمنها مشروعات إنشاء المستشفيات و المستوصفات 7521 مليون ريال حتى نهاية العام 1432ه، حيث بلغ عدد القروض الممنوحة للمشروعات الصحية 21 قرضا بمبلغ 257 مليون ريال.