هنالك توجه ونية لاستحداث قانون يخول بنزع حضانة الطفل من والديه في حال ثبوت ممارستهما العنف والايذاء ضده، ونقلها لأحد أقاربهما عملا بالقاعدة الشرعية لا حضانة لفاسق هذا ما صرح به الأمين العام المساعد للجنة الوطنية للطفولة التابعة لوزارة التربية والتعليم السعودية محمد القديري. تصريح واعد من لجنة ينتظر المجتمع منها الكثير من الخطوات الفعالة لضمان حماية الأطفال من العنف الأسري، والذي راح ضحيته أطفال ابرياء فجع المجتمع بتفاصيل معاناتهم من اضطهاد ذويهم ولعبت الأنظمة الحالية دورا في تفاقمها لمحدوديتها وقصورها وعجزها عن رصدها الا بعد انتهائها بوفاة ضحاياها. فما هو العنف الذي يمكن أن تعتبره الجهات المسؤولة سببا في نزع الوصاية؟ هل هو الإيذاء الجسدي فقط، أم الإيذاء النفسي والإهمال أو حتى الإنكار؟ قد يكون الإيذاء الجسدي هو السهل للرصد والإثبات اذا ما فعّلت الأنظمة الضرورية وتعاونت الجهات المسئولة في ما بينها لإثباته. لكن ماذا عن الإيذاء النفسي والإهمال ، واللذين يمكن أن يمارسهما الوصي على الطفل انتقاما من الأطراف الأخرى فيه. ماذا عن حق النفقة التي يبرع كثير من الأوصياء في التهرب منها وبمباركة من الأنظمة الحالية العاجزة عن ملاحقتهم أو اجبارهم. أو ليس التجويع والإخضاع لذل الحاجة نوعا من أنواع الإيذاء. كم هو عدد المطلقات والأرامل اللاتي عانين ظروفا صعبة وعشن مع أطفالهن أدنى مستويات الفقر بسبب تضارب الأنظمة وعجزها عن انصافهن. كم هو عدد الأطفال القصر الذين مورست عليهم ضغوط لا انسانية وحرموا الرعاية الحقيقية من الأوصياء عليهم من إخوة أو أعمام ولم ينصفهم أحد فهل يمكن ان تنزع الوصاية من ذلك الولي وتعطى لأمهاتهن؟ ما هي المعايير التي سيتخذها القضاء لنزع الوصاية والحضانة ممن يمكن أن تطبق عليه القاعدة الشرعية وكيف يثبت الفسوق عليه؟ ماذا عن المرضى النفسيين الذين يحرص اهلهم على اخفاء حقيقة مرضهم خوفا على ابنهم او ابنتهم وعلى انفسهم من أي نظرة منتقصة لهم ويمارسون العنف ضد ابنائهم هل ستعاقب الأنظمة المريض النفسي أم ستعاقب عائلته؟ ماذا عن المدمنين والمدمنات هل تعتبرهم الأنظمة أهلاً للحضانة أو الوصاية ؟ هل المجتمع مهيّأ لتقبل مثل هذه الأنظمة والتفاعل معها وإلى أي مدى يمكن التأكيد والتأكد من تطبيقها ومجتمعنا كان ولا يزال يعاني من تهربه من الاعتراف بعيوبه او التفاعل معها نظاميا؟ حمايتنا لحقوق الطفل لن تتحقق بوضع الأنظمة فقط بل في ضمان تفعيلها وتطبيقها لتحمي الطفل قبل ان يتفاقم الضرر والإيذاء عليه وليس بعد أن يحفر آثاره على شخصيته أو جسده. الوقاية خير من العلاج وفي قضايا العنف ضد الأطفال فالتقييم الدوري لأوضاع الطفل والمتابعة لسلوكيات الأسرة مع التوجيه والإرشاد هي السبيل الأمثل للحد من تفاقمها أو منعها لذا يجب علينا أن نركز الجهود على حماية الأسرة وتأهيلها قبل وقوع العنف أو بدئه بدلا من قصرها على ما بعده فلا يكون لنا من حلول إلا التفريق أو العقاب.