من يحدد شرعية المنافسة بين الشركات الكبرى؟ طالما أن القوانين تكاد تكون غائبة أو مغيبة إن صح التعبير... وطالما أن التشريعات والأنظمة مفقودة و من يشرع هذه القوانين من جهات حكومية في سبات عميق... المنافسة والاحتكار وكذلك الغش التجاري والإغراق والتلاعب بالأسعار... الخ كلها مصطلحات فضفاضة تعوم في الهواء أو تسبح على الورق إن لم تكن هنالك ضوابط وتشريعات صارمة وفعلية تحد من تفاقم انتشارها أو إذا أسيئ استخدامها.. في الواقع تكمن أهمية وضع نظام لتشريعات المنافسة أو ما يعرف بالممارسات التجارية، لأسباب عدة ومنطقية منها استهداف حظر الممارسات التجارية غير المشروعة وتحديدا الاحتكار والهيمنة على السوق، كما يهدف أيضاً إلى توفير الإطار الرقابي الذي يضمن سلامة البيئة التنافسية التجارية. وبالمناسبة تعد تشريعات المنافسة - أو تشريعات منع الاحتكار كما تسمى في بعض النظم - من بين التشريعات المستجدة التي جاءت وليدة سياسات واتفاقيات تحرير الأسواق والتجارة الدولية... وها نحن الآن أما بوابة الدخول الرسمي في تحالف استراتيجي كبير على مستوى العالم ضمن إطار وتشريعات منظمة التجارة العالمية التي نحن بصدد مباشرتها فعلياً، فهل نحن قادرون على التكيف مع أجواء تلك التشريعات في ظل غياب تلك القوانين لدينا؟... من المؤكد أننا سنواجه صعوبة بالغة عند الدخول فعلياً في هذه المعمعة إذ لم نبادر في تحديث وتغيير ملابسنا القديمة... ولكي نكون أكثر واقعية، لا أرى في الجانب الآخر مانعاً من خلق بيئة تنافسية محلية بلمسة احتكارية بسيطة ليكون مبدأها التنافس والتعاون الشريف، فمن الممكن أن تتعاون الشركات المحلية على فتح أسواق خارجية لمنتجاتها، أو أن تتشارك - على سبيل المثال- في تكلفة المعارض الدولية لتخفيض التكلفة؟ أو قد تتعاون مثلاً لخلق قنوات توزيع جديدة ثم تتنافس في البيع من خلال تلك القنوات، ولذلك أسباب عدة منها صغر حجم البعض منها وعدم قدرتها منفردة على تطوير قنوات التوزيع... وهذا ما تقوم به بعض الحكومات في بعض الأحيان وهذا هو النوع المقبول الى حدٍ ما لبعض أنواع الاحتكار. المنافسة الشريفة التي أراها بعيداً عن الاحتكار المذموم تتطلب خلق نوع من تكافؤ الفرص بين الهيئات والفعاليات الاقتصادية المختلفة والحد من القدرة ليس فقط على الاحتكار، بل وأيضاً الحد من السيطرة على مقاليد الأمور الاقتصادية وتعطيل للمنافسة وعدم احترام تكافؤ الفرص ، ففي عصر العولمة ، أصبحت المنافسة عابرة للقارات فما من حدود تمنع تدفق السلع والخدمات ومع الشركات متعددة الجنسيات القادمة إلينا قريبا وبقوة لا مستقبل لأي منتج محلي وقد أصبح للمواجهة شكل آخر غير الشكوى والتظلم أو التنازع الهامشي غير المجدٍي.