ما دام أننا قد فتحنا ملف الابتعاث بمقال سابق بعنوان "المبتعثون وتشريف الوطن".. فإننا بذلك نكون قد أشرعنا الأبواب أمام القراء الكرام وخاصة من يعايشون الابتعاث ويعرفون أحواله عن قرب.. ومنهم من كون خلفية واسعة عن واقعه فليس من رأى كمن سمع. وقد جاءت ردود القراء مواكبة تماما لأهمية الموضوع.. والذي يخص فئة غالية جدا علينا جميعا وهم أبناؤنا المبتعثون في الغربة.. والذين لا شك يحتاجون منا للكثير من الاهتمام بأحوالهم وشؤونهم وحل مشكلاتهم ليعودوا إلى وطنهم متسلحين بالعلم مع رقي الفكر ليسهموا في نهضته المباركة. وحملت الردود الكثير من الأفكار الهادفة لإصلاح الأوضاع.. وتشخيص لبعض المشكلات والتي تتمحور حول سلوكيات بعض المبتعثين وعدم أنضباطيتهم أو جديتهم في دراستهم.. مما يعطى صورة غير مشرفة عن المبتعث.. ويرى البعض أن هذا عائد بالدرجة الأولى لابتعاث طلاب قد حازوا نسباً متدنية في المرحلة الثانوية.. بمعني أن المعايير التي استخدمت من قبل المسؤولين عن الابتعاث لم تكن دقيقة أو موضوعية.. وألمح بعض القراء إلى وضع المبتعثين الذين يدرسون على حسابهم الخاص وضرورة ضمهم للبعثة حلاً لواقعهم الصعب الذي يعيشونه.. ومعاناتهم التي تحتاج إلى تدخل سريع. أحد القراء الكرام اقترح على وزارة التعليم العالي إلزام أي طالب قبل مغادرته لبلد الابتعاث حضور سنة تحضيرية تشتمل على معلومات شاملة عن بلاد الابتعاث.. وقوانينها وطرق التعامل والفرص المتاحة أمام المبتعث.. والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه الطالب المبتعث.. وحق وطنه عليه وأنه سيصبح سفيرا معتمدا لبلاده.. مع دراسته لمقررات في لغة الدراسة وكذا البلاد التي سيذهب إليها.. وكل هذه الأفكار دون ريب جديرة بالمناقشة والدراسة والأخذ بأفضلها. فرص الابتعاث والتي عادت مرة أخرى وبقوة وبمكرمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدا لله بن عبد العزيز- يحفظه الله - لا نشك إطلاقاً في أهميتها كونها تتيح الفرصة أمام طلابنا وطالباتنا للاستفادة من الأنظمة التعليمية في الدول المتقدمة.. والجامعات العريقة.. وتأهيل الشباب في تخصصات غير متوافرة لكنها في المقابل تحتاج إلى المزيد من العناية والتنظيم.. وتطبيق المعايير الدقيقة لاختيار الأفضل من بين المتقدمين.. وإعداد دورة تحضيرية شاملة لإعداد المبتعث من جميع النواحي.. وأن يكون اجتياز الدورة شرطاً أساسياً للموافقة النهائية على ابتعاث الطالب.. والأمر الأكثر أهمية وضرورة وحتمية الاهتمام بالمبتعثين وهم في تلك البلاد.. ومتابعة أوضاعهم وحل مشكلاتهم.. والتأكد من حسن سيرهم في الدراسة وإزالة ما يعترضهم من عقبات. في رأيي أن إدارة الابتعاث بوزارة التعليم العالي مدعوة لتقييم تجارب الابتعاث وإصلاح الخلل.. والتأكد من مستوى الجامعات التي يتم ابتعاث الطلاب للدراسة فيها.. وأن لا يكون دورها فقط مقصوراً على الابتعاث.. وحتى تحل معضلات المبتعثين سيستمر موضوع الابتعاث ساخناً ملتهباً