كان ماجد الموظف في مركز إداري جيد في إحدى شركات الاتصالات المحلية، في قمة الفرح وهو يسمع الهاتف المصرفي:"إن رصيدك الآن 4ملايين وسبعمائة ألف ريال.."، حققها بالمضاربة في سوق الأسهم، التي بدأها بأربعمائة ألف ريال.. وبعدها بأيام يزداد فرحاً عقب حصوله على تسهيلات بنكية تعادل قيمة رصيده، ليضخ في محفظته 8ملايين ريال.. في نهاية عام 2005م، ماجد يستمع للهاتف المصرفي ذاته يقول أن رصيدك الآن مئتي ريال!. نمت القروض الشخصية للإفراد في السعودية من 18مليار ريال، إلى 180مليار ريال تقريبا خلال الثلاث سنوات الأخيرة، ذهب كثير منها خسائر في سوق الأسهم.. ترى ماذا لو وجهت تلك القروض إلى المساكن التي تعتبر أصولاً ثابتة، وأحيانا كثيرة جدا ذات قيمة متعاظمة. يرى كثير من المواطنين أن برامج التقسيط، أو التمويل للأفراد لا تزال مجحفة وتخدم الممول أكثر من أن تحقق احتياج المستفيد من التمويل، ورغم أن جهات التمويل في المملكة تجد مبررات (مقنعة) لارتفاع نسبة الفائدة على القروض، بسبب غياب الأنظمة التي تضمن انتظام السداد واكتماله، إلا أن الاقتصاديين يرون، أنه حتى في ظل ارتفاع نسبة الفائدة، فأن التمويل العقاري يبقى استثماراً فردياً مجدياً، من ناحيتين، الأولى في كونه توفيراً طويل الأمد في أصل ثابت (منزل) وليس في أسهم..!!، والثانية جودة المنتج السكني - خاصة في السنوات الأخيرة - مما يجعل قيمته متعاظمة مع مرور الوقت. قبل أكثر من 8سنوات، قال لي صديق كندي، أنتم أيها السعوديون شعب لا يعرف كيف يستثمر، ومن يستمر ينجح، وبعض ممن ينجح يبدع، قلت كيف؟ قال أنتم شعب يكره القروض، وأحيانا لا يعرفها.. نسبة لا بأس بها منكم يبلغ متوسط راتبه 12ألف ريال، لو حصل على قرض حسب النظام المتبع لحصل على حوالي ربع مليون، يستطيع أن يؤسس منها استثمارا، أو حتى تملك استثمار عقاري، وأضاف هل تعلم أن 80في المائة من الشركات المتوسطة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بدأت نشاطها من رهن أصول عقارية، ومن ثم الحصول على تمويل مالي! حملني حديثه إلى أحدى البنوك، للسؤال عن طلب قرض شخصي، بعد أسبوعين من الأوراق والمراجعات حصلت على تمويل يزيد قليلا عن 120ألف ريال نقدا، ولإيماني الشديد بجدوى العقار، اشتريت أرضاً شمال الرياض.. بعد حوالي خمس سنوات، انتهيت من السداد، والأرض اليوم سجلت ضعفي قيمتها. في حياتنا هناك الكثير من التعاملات اليومية نحكم على عدم جدوها، لحديث البعض، أو لاستعراض تجارب فاشلة، وأحياناً كثيرة جدا بسبب أرث اجتماعي، ممن سبقنا، أرث يرسخ أحيانا أفكار خاطئة، من ذلك القروض الشخصية. القرض يمكن أن يكون استثمارا إذا كان مدروساً، ويمكن أن يكون دماراً إذا كان مستهلكاً، من يقترض ويستثمر في أسواق العقار، أو الصناعة، أو التجارة، فقد وضع قدمه على أولى طرق النجاح - بعد توفيق الله - ، ومن جعلها في استهلاك غير ذي جدوى كسيارة تفوق احتياجاته الاجتماعية والاقتصادية، أو صرفها في ضواحي باريس في الصيف، فقد وضع قدمه على طريق المطالب والديون. أخيراً.. هناك فرق بين قرض الاستثمار وقرض والاستهتار.