بمبادرة من مجلس السفراء العرب في فرنسا وبالاشتراك مع "معهد العالم العربي"، تمّ الإعلان عن جائزة جديدة هي جائزة الرواية العربية، وقد نالها الروائي اللبناني الياس خوري عن روايته وعنوانها "كأنها نائمة" والتي صدرت ترجمتها الفرنسية عن دار "أكت سود" الباريسية، وحملت الترجمة توقيع رانيا سمارة. وفي حفل جرى في المعهد وضمّ عدداً من الشخصيات الديبلوماسية والثقافية، تحدث رئيس المعهد دومينيك بوديس عن أهمية هذا العمل الثقافي في التعريف بأوجه الإبداع العربي، كما تحدثت سفيرة الأردن في فرنسا دينا قعوار عن أهمية الجائزة. وتعاقب على الكلام عدد من الكتّاب من بينهم الكاتبة اللبنانية باللغة الفرنسية فينوس خوري غاتا. وكانت كلمة الختام للياس خوري الذي شكر الذين منحوه الجائزة واعتبرها جائزة للرواية اللبنانية، وقدّمها بدوره لصديقيه الراحلَين إدوارد سعيد وسمير قصير. تقتضي الإشارة إلى أنّ هذه الخطوة التي تسعى إلى إبراز الصوت الإبداعي العربي في فرنسا، جاءت بمبادرة من سفيرة الأردن. وكان النشاط الأول الذي دعا إليه مجلس السفراء العرب مهرجاناً للشعر العربي في باريس شارك فيه عدد من الشعراء من مختلف الدول العربية. في روايته الفائزة "كأنها نائمة"، يتحرك الياس خوري داخل فضاء روائي مفتوح على النوم والحلم والموت. وهو يستخدم من أجل ذلك لغة تزاوج بين اللغة الفصحى المنحوتة وتلقائية الكلام. وتروي البطلة ميليا في الرواية ما عاشته وما ستعيشه، انطلاقاً من حكايات أسرتها اللبنانية آل شاهين، وأخبار عائلة زوجها منصور الحوراني الفلسطيني. في مناخ من الفانتازيا، نتابع المرويات والأحداث الخارقة التي تحكيها ميليا لا سيما أنها ترى في مناماتها ما حدث وما سيحدث، وتنفتح في هذه المنامات أبوابُ الحاضر والمستقبل. هكذا يصبح الحلم في الرواية عتبة لحيَوات أخرى يضيق بها الواقع في يقظته ومحدوديته. ويصبح السرد الروائي لعبة فنية غاوية وممتعة. قبل رواية "كأنها نائمة" للياس خوري، شكّلت روايته الأخرى "باب الشمس" التي تحولت فيلماً سينمائياً، محطة بارزة في نتاجه الأدبي. والرواية رحلة مأسوية تستحضر الذاكرة الفلسطينية من تحت ركام الحروب والهزائم، ولقد عرفت كيف تستجلي هذه الذاكرة بدون السقوط في الوصف والشعارات الإيديولوجية، أو في استدرار العطف والشفقة. من هذا المنطلق، يمكن القول إنّ تاريخ الشعوب يمكن أن نعثر عليه في بعض الأعمال الأدبية أكثر مما نعثر عليه في كتب التاريخ. ورواية "باب الشمس" تندرج ضمن هذه الأعمال. فالكاتب لا يؤرّخ للحدث ولا يرصده بقدر ما يمضي في ما يولّده الحدث عند الذين يشهدون عليه، أو يعيشونه. وهو بذلك يختزن نبضَ الأحياء والأموات معاً، ويحاول أن يكون صدى لصوتهم العميق. كأنه يؤمن بأنّ الذاكرة التي تُروى لا تموت. من هنا يمكن فهم العلاقة بين الأدبي والسياسي في نتاج الياس خوري، فلبنان وفلسطين في عمله الروائي لا يحضران كمادة روائية فقط، وإنما أيضاً وبدايةً، كهمّ سياسي وإنساني. وهكذا فإنّ الكتابة عند الياس خوري لا تنحصر في البعد الجمالي فحسب، بل هي كذلك فعل كياني ووجودي. وهو نفسه يعتبر أنّ العمل الروائي اليوم يشهد على زمانه وعصره، وهو السجلّ الأساسي للحياة في المجتمعات العربية الراهنة.