نشرت جريدة "الرياض" يوم السبت الماضي بتاريخ 6ربيع الآخر خبراً بعنوان (ضبط فلبيني يمتهن آيات القرآن في حي الروضة بوضعها تحت مكابح سيارته) ولقد قبضت عليه الهيئة. ومن قرأ تعليقات القراء على الخبر يدهش من ذلك الانفعال القوي غير الموجه تجاه الفلبيني. وتجد أن القليل منهم فقط من تروى وكان منطقياً حليماً وافترض حسن النية وأن الفلبيني ربما لم يقصد الإساءة لنا ولديننا خاصة وأنا أعلم ان كثيراً من الأجانب ممن لا يعرفون اللغة العربية تعجبهم طريقة الكتابة في لغتنا الجميلة وينظرون إليها كنوع من الزخرفة والفن الجميل وقد يعلقونها في منازلهم على الحائط، وقد يخطئون ويفعلون كما فعل الفلبيني. "إن كان بالفعل لم يقصد ذلك". أعود لتعليقات القراء الهوجاء فبعضهم تطوع لضربه بالعقال، وهناك من أقسم بأنه لو شاهده لقام بحرقه. وآخر يقترح قطع رجليه ودعوات من مثل: "الله يقطع قدميك مع الفخذ يامجرم" والله يمسخ هذا الفلبيني الخنزير، وهناك من دعا عليه بالشلل.... وهكذا قليلة هي التعليقات الواعية المنطقية من مثل "لاأدري هل وضعها عن جهالة أم عن قصد؟." وأيضاً قلة من تنبهت إلى رحمة سيد البشر الرسول صلى الله عليه وسلم مع من أساء إليه أو للإسلام أين الرحمة؟ أين التعقل والتروي قبل إصدار الحكم على الآخر. وكيف نخدم ديننا إذا ما اتسمت ردود فعلنا بالعصبية والانفعالية وإيقاع الضرر بالآخر؟. وماذا لو نفذنا كل ما اقترحه القراء بالفلبيني؟ وأرجعناه لبلده حاقداً علينا كارهاً لنا ولديننا. أكيد أنه سينشر عنا صورة سيئة وأننا شعب قاس خاصة وأن صورتنا في العالم صورة سيئة بعد انتشار الإرهاب. إن ما قرأته مؤلم جداً ويعكس لنا الحالة الفكرية والانفعالية التي يتسم بها مجتمعنا وكيف تتسم التنشئة الاجتماعية لأطفالنا التي تقوم بها الأسرة ومؤسسات المجتمع الأخرى، وهي انعكاس لطريقة التعليم القائمة على الحفظ والتلقين لا على التفكير والقدرة على الاستنباط والاستنتاج وفوق ذلك الضبط الانفعالي. وفي النهاية شوهت سمعتنا ووصمنا بوصمات مؤلمة ولازلنا نتصرف بنفس الطريقة وكأن شيئاً لم يكن الا يكفي الحكيم أن يتعلم من ماضيه؟ وكم كنت أتمنى لو أن الخبر لم ينشر وفيه حكم مسبق فيكفي كلمة "يمتهن آيات القرآن" ونحن لانعلم الحقيقة بعد.