لا يمكن لجميع الشركات والمؤسسات والمنظمات في عصر العولمة أن تنجح وتحقق أرباحاً بدون النظر في حاجة عملائها، فالمصدر الوحيد لتحقيق الربح هو العملاء وليس غيرهم ولكن كثيراً من الشركات لدينا تغفل ذلك الجانب ولا تهتم بالعملاء إطلاقاً، من هنا تبرز أهمية إدارة علاقات العملاء والتي تعتبر في الوقت الراهن لدى الكثير من الشركات العالمية فلسفة إدارية هامة وضرورية للاستمرار في عالم يعج بالمنافسة الشرسة. الهدف الرئيس من إدارة علاقة العملاء هو بناء علاقة طويلة وقوية مع العملاء والذي من شأنه أن يحافظ على العملاء ويسعى إلى تحقيق رضاهم، هناك بعض الدراسات الحديثة التي أثبتت بأن المحافظة على 5% فقط من عملاء الشركة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الأرباح بمعدل لا يقل عن 25% وذلك يرجع إلى التكلفة العالية لاستقطاب عملاء جدد بالإضافة إلى أن العميل لا يكون مربحاً للشركة بشكل كبير إلا بعد عدة سنوات يقضيها العميل في الشركة وهذا بدوره يجعلنا نركز على العميل ليس فقط من عملية شراء واحدة ولكن من خلال بناء شراكة مع العميل تستمر لعدة سنوات. إن تطور التجارة الالكترونية حول العالم (بالرغم من أنها في المملكة لازالت في البداية) يجعل من CRM أو إدارة علاقات العملاء ضرورة ملحة للكثير من المنشآت حول العالم، فالعميل حاليا يستطيع أن يفاضل ويختار ما يحتاجه وهو موجود في البيت أو المكتب أمام شاشة الحاسب، شركة Amazon أو المكتبة الالكترونية على سبيل المثال تمكن الجميع من الحصول على أي كتاب في العالم وبسعر أقل من الكثير من المكاتب المنتشرة جغرافياً، Ebay.com موقع إلكتروني مميز تتواجد فيه ملايين السلع وبأسعار زهيدة مقارنة بالمحلات الأخرى. نحن الآن نعيش عصر الاقتصاد القائم على المعرفة، والمعلومة الصحيحة هي بيت القصيد ولا يمكن للشركة أن تحصل على المعلومة إلا عن طريق تجميع بيانات تاريخية متنوعة عن العملاء، معرفة ما يحتاجونه، النظر في شكاوى العملاء وغيرها من البيانات الهامة والضرورية من وقت إلى آخر وهنا تبرز إدارة علاقات العملاء لتحقيق ولاء العميل للشركة. الكثير من الشركات الموجودة لدينا لا تهتم إلى شكوى العملاء ويعتبرون أن الشكوى في حد ذاتها كارثة وهذه النظرة القاصرة يجب أن تتغير فشكوى العملاء من أهم أسباب نجاح الشركات لأنها وببساطة تقود إلى تطوير المنتجات والخدمات وتقديمها بشكل أفضل للعملاء. يقول الرئيس التنفيذي السابق للخطوط البريطانية: عندما يتوقف العملاء عن تقديم شكواهم إلى قسم خدمات العملاء في الشركة سيكون عمل الخطوط البريطانية في خطر. الشيء الآخر هو أن الشركة يجب أن تذهب و تستمع للعميل ولا تنتظر أن يقدم العميل الشكوى، لأن الدراسات الموثقة أيضا أثبتت أن 95% من العملاء غير الراضين عن المنتجات أو الخدمات لا يشتكون من ذلك وفقط 5% هم من يقدم الشكوى، لذلك يجب أن تحاول الشركات تحفيز العملاء على إبداء آرائهم والاستماع إليها ليكون ذلك وسيلة للتطوير المنتجات والخدمات. من السهل جدا أن يقوم العميل بالشراء من أي متجر أو محل ولكن الصعب هو عودة العميل مرة أخرى لذلك المتجر أو المحل، عندما أتجول لدى الكثير من المتاجر في المملكة أجد أن بائعي المتاجر يحاولون بشتى الطرق إقناع العميل بشراء السلعة حتى وإن كانت لا تتوافق مع حاجاته ورغباته وهذا ما لا يقبله التسويق، ولكن هل فكر البائع في إمكانية عودة العميل مرة أخرى؟ هل فكر البائع بإشباع حاجاته ورغباته حتى يحقق رضا العميل ومن ثم ولاء العميل؟ CRM أو إدارة علاقات العملاء تجيب عن تلك الأسئلة وتنظر للعميل من عده زوايا وليس فقط من عملية شراء واحدة. إن التميز في الوقت الراهن للكثير من الشركات ليس فقط فيما تقدمه من منتجات، فالكثير من المنتجات الموجودة في العالم متماثلة ومتشابهة، ولكن التميز يكون في تقديم الخدمات بشكل جيد للعميل والتفوق على المنافسين وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بوجود إدارة علاقات عملاء متميزة في الشركة، إحدى الدراسات التي نشرت في المجلات العلمية في الآونة الأخيرة تشير إلى أن 68% من العملاء في قطاعات متعددة توقفوا من الشراء من الكثير من المتاجر والمحلات ليس لأنهم غير راضين عن جودة المنتجات التي قاموا بشرائها أو لأنها لا توافق رغباتهم ولكنهم توقفوا عن الشراء بسبب أن موظفي الشركة غير مهتمين بهم ولا يساعدونهم فيما يحتاجونه للشراء ! @ رجل أعمال وأستاذ الإدارة والاقتصاد وعضو جمعية الاقتصاد السعودية