لم يكن مسلسل باب الحارة الأعمق فنياً، والأكيد انه بالمقاييس الفنية لم يكن الافضل أعني من حيث استخدام الكاميرا او حركة الممثل او ابداع الفنانين...، ونجاحه جاء لأن النص اعاد للمشاهد الصورة الاجتماعية المفقودة والمرغوبة في الوقت نفسه...، نعم النساء يرغبن بصورة الزوج القوي الحنون المتمثل في غير عنصر في المسلسل..، الرجال ايضاً تمنوا رؤية تلك الزوجات المتفانيات في خدمة اسرتهن والرغبة الجامحة لارضاء الزوج مع لباقة الكلمة وفنون الاطباق وتنويع الاطعمة...، الفتيات حلمن بصورة الشاب الملتزم القوي صاحب النخوة والحمية لاسرته رجل تحتمي به اخته وتعشقه زوجته ويهابه الجميع لم يكن الشاب مستهتراً او متعاطيا او سارقا للأموال .. كان نموذجا راقيا يمثل افضل القيم واسمى الاخلاق...، وفي المقابل انشدّ الشباب العربي لصورة الفتاة الحنونة الطيبة الخاضعة بحب لوالدها الناعمة مع امها ذات النفس الراقي في طبخها...، وقبل كل ذلك المتماسكة في اخلاقها ودينها... نماذج جميلة لبشر مات ووجودهم في الواقع صعب..، وبات وجودهم في الدراما العربية عموماً والخليجية خصوصاً مفقوداً حيث التركيز على سراديب الظلام وانحرافات بعض الشباب وطمع بعض الرجال وخمول وانكسار بعض النساء هو محور الكثير من الدراما العربية مما جعل المشاهد العربي يتابع باب الحارة من منطلق تنظيف التلوث الثقافي في مجتمع الدراما العربية لعل وعسى ان تشارك الدراما في تعديل مسار بعض التغيرات الاجتماعية السلبية وما اكثرها.. الانبهار لم يكن فنياً بالمقاييس الفنية بقدر ما كان اجتماعياً من خلاله عبر المشاهد عن رغبته في عودة الجمال الاجتماعي داخل الاسرة وداخل الحارة الواحدة لأن التواصل مع الجار رغبة انسانية اكدتها الشريعة ولأن حب الاسرة ايضاً رغبة فطرية عند الجميع ولان الالتزام الاخلاقي عند الشباب رغبة لا يختلف عليها احد ولأن دور الفتاة داخل المنزل وان تعلمت وعملت لابد ان يكون موجوداً بوضوح.. كان نجاح باب الحارة بسبب لهفة الكل على العودة للقيم الاصيلة ولاخلاقيات الفرسان بعد ان اصابت الانسان العربي عموماً الفيروسات والامراض بسبب سيطرة القيم الاقتصادية على كل اشكال العلاقات الانسانية بدءاً بعلاقات الزواج مع بعض وانتهاء بعلاقات الأبناء مع اهاليهم حيث الارتباط المادي يطغى على الكثير من علاقاتنا وتقييمنا لأهمية تلك العلاقة فبعضنا للاسف يحب بقدر ما يأخذ من المال والهدايا...، وبعض الابناء يفضل امه او اباه وفق معايير مادية بحتة ولأن ذلك لا يتفق مع فطرة الانسان تلهف الاغلبية على مشاهدته الى حد انه كان يعالج بعض آلامنا الاجتماعية والنفسية...