"فالنتين بروساكوف" أستاذ جامعي روسي المولد، من أصل يهودي، لم تكن تعجبه الشيوعية فهاجر إلى الولاياتالمتحدة هارباً من جحيم الشيوعية وراغباً بنعيم الديمقراطية الغربية حيث عاش هناك 20عاماً وأثناء إقامته هناك صدم بالديمقراطية الغربية وظهر له زيفها، فعاد إلى موطنه الأصلي روسيا، وبعد تمعن وتفكير قرر أن يعتنق الإسلام فقد وجد فيه السعادة والحلول لكل مشاكل البشرية. بروساكوف عرف عنه انتقاده الشديد لإسرائيل ولأكذوبة الشعب المختار، وقد انعكس ذلك بوضوح من خلال كتاباته وأطروحاته سيما وأنه يعد من كبار الكتاب الروس، الذين تحظى كتاباتهم ومؤلفاتهم بشعبية كبيرة في روسيا. ومؤخراً دشن بروساكوف بموسكو كتابه (رحلتي إلى الإيمان) باللغة الروسية والذي يشرح من خلاله تجربته مع الشيوعية ورؤيته للديمقراطية الغربية، ولماذا اختار الإسلام في النهاية، وهو الكتاب الذي أصدره المجلس الإسلامي الروسي. حيث يستعرض بروساكوف في كتابه نبذة عن حياته، مشيراً إلى أنه كاتب وصحفي عاش مرحلة الاتحاد السوفيتي وثار عليه وحكم عليه بالسجن وبعد خروجه سمح له بالسفر ليرحل إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن ثم يعود إلى روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مكتسباً الجنسية الأمريكية، ومحاولاً أن يجد نفسه بعد ما عاش ايديولوجية الشرق والغرب ولكنه لم يجد نفسه إلا في الإسلام فاعتنقه وليصبح أحد الأدباء المدافعين عن الإسلام.وفي الكتاب يشير الكاتب إلى تجاربه المتنوعة وما صادقه في مشوار حياته من مواقف وما شاهده كصحفي نشيط من وقائع تاريخية سمحت له بأن يملك القدرة على قراءة الأحداث قراءة واقعية دون أي روتوش، كما عرض لنشاط بعض القادة في العالم الإسلامي أمثال رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد ويشير إلى رحلة عام 1973م لمدينة القدس كمراسل صحفي لمحطة وراديو "الحرية" حيث يوجد مقر البعثة الدينية الروسية، مستعرضاً أوصاف مدينة القدس وما تتمتع به مدينة للسلام.ويتحدث عن دور الإسلام في التاريخ الروسي ونشاط المسلمين الروس، موضحاً أن اتحاد الدول الإسلامية من شأنه أن يجعل منها قوة لا يستهان بها، خاصة في روسيا، مشيراً إلى أن روسيا مع الإسلام إنما تعني الانتصار، انتصارنا! ثم يستطرد في كتابه بعرض مقتطفات لبعض الروايات التي جاءت عن حقبة الحرب العالمية الثانية، وأن بعض هذه الروايات تشير إلى وجود اليهود داخل صفوف القيادة الألمانية بل منهم من كان قريب الصلة ب "هتلر" كما استعرض لمحات من الحياة في ظل الاتحاد السوفياتي ومدى سيطرة الاستخبارات السوفيتية حتى على قول وعقائد المواطنين. كما لم ينس الكاتب عرض تجربته في الولاياتالمتحدةالأمريكية، موضحاً عمق العلاقة التي تربط بين الولاياتالمتحدة واليهود منذ بداية القرن العشرين وأنها علاقة لا انفصام لها، منتقداً بشدة طريقة تعامل الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع العالم الإسلامي حتى مع مسلمي الولاياتالمتحدة. وقد عرف عن بروساكوف اهتمامه بدراسة المشروع الصهيوني ومصير إسرائيل حيث كان ذلك علامة بارزة لمؤلفاته المختلفة كما أنه معروف بانتقاده الشديد لإسرائيل، متوقعاً فشل هذا المشروع وزوال إسرائيل خلال 2025م، حيث يوضح أنه عند دراسة قيام إسرائيل نجد أنها عانت من مشاكل جدية خلال نشأتها وأن هذه المشاكل لم يتم التغلب عليها حتى الآن وما زالت قائمة، مشيراً إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن يعود المهاجرون السوفييت الى أوطانهم الأصلية إدراكاً منهم أنهم لا يرغبون في ربط مستقبلهم ومستقبل أبنائهم بمصير إسرائيل الغامض والمحفوف بالمخاطر.وفي هذا الإطار يشير المؤلف إلى ما ذكره الشيخ أحمد ياسين، الزعيم الروحي لحركة حماس، خلال عام 1999م، من أن نهاية إسرائيل قريبة، مستدلاً في ذلك بدليل قرآني ودليل تاريخي، ومشيراً إلى أن الدليل القرآني يكمن في أن الله يغير الأقوام كل أربعين سنة، ودليله التاريخي هو عندما خضع المسلمون لحكم الصليبييين أربعين عاماً، ثم قاوموهم حتى تحقق لهم النصر، وفيما يخص إسرائيل أشار بوساكوف ما ذكره الشيخ أحمد ياسين، إلى أنه منذ عام 1948لم تظهر أي مقاومة ضد اليهود حتى عام 1987م بداية المقاومة الفلسطينية والتي بدأت حتى خارج فلسطين في سوريا ولبنان، أي بعد مرور أربعين عاماً.وأردف بتأكيد زعيم حماس الروحي بأن المقاومة الفلسطينية قد كشفت الحقيقة المخيفة للصهيونية وأنه بعد أربعين عاماً أخرى نتوقع أن تندثر إسرائيل تماماً بإرادة الله. ويتناول المؤف مصير إسرائيل ليس فقط من وجهة نظر قادة المقاومة بل تطرق إلى بعض اليهود الذين يشككون في شرعية إسرائيل، موضحاً أن كثيراً منهم يرى أن المشكلة الرئيسية التي تواجه إسرائيل لا تكمن في شراسة المقاومة، بل تبقى رهينة المشكلة السكانية "القنبلة الديمغرافية للشعب الفلسطيني" والتي ليس لدى اليهود سلاح يمكنه أن يقضي عليها. ثم استعرض في كتابه مقتطفات من تقرير أعده "إسرائيل هاريل" والذي أسس مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، والذي حذر فيه من تدهور الوضع السكاني لليهود في مقابل الفلسطينيين الأمر الذي ينذر بخطر فادح على إسرائيل بحلول عام 2025م حيث أشار إلى الوضع الديمغرافي العربي ونظيره اليهودي في فلسطين على النحو التالي: أولاً الوضع الديمغرافي العربي: إنه مع حلول عام 2025م إن من المتوقع أن يتواجد في إسرائيل (غرب نهر الأردن) 15مليون نسمة نصفهم من العرب، مشيراً إلى أن هذه النسبة العربية لا يمكن السماح بها حيث أن نسبة العرب في حدود ما قبل 1967م 20بالمائة وأن التزايد في السكان العرب داخل إسرائيل يزيد بمقدار 3بالمئة عن اليهود والمؤشر الحالي يشير إلى أن العرب في تزايد مستمر.كما يشير إلى دراسة قام بها "أتون سوفير" البرفيسور بجامعة حيفا، من سكان بدو النقب يتضاعف كل 12عاماً وأن البدو حالياً يمثلون ربع سكان النقب. ويقول إن العرب يمثلون الآن أقلية في الدول الديمقراطية ( 20بالمئة) لذلك فإنهم يمكنهم إعاقة تحقيق رغبات الأكثرية خاصة إذا كان لديهم إيمان بأن كل هذه الأرض ملكهم وحدهم ودون غيرهم وإننا سوف نشهد هذه الأقلية وهي تتحول م 20بالمئة إلى 30بالمئة حتى تتحول إسرائيل لدولة عربية بحتة. ثانياً الوضع الديمغرافي اليهودي: إن الخطر الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل هو الوضع الديمغرافي خارج حدودها، مشيراً إلى أن اليهود بعد عام 1945م (وبعد الهولوكوست) كان تعداد اليهود 13مليوناً والآن تقلص العدد إلى 12مليوناً، في الوقت الذي تزايد فيه المصريون ثلاث مرات. ويتوقع التقرير اختفاء يهود الولاياتالمتحدة تماماً بعد مرور 30عاماً وذلك وفق نسب التزايد المشار إليها، مشيراً إلى ما يمكن أن تواجهه إسرائيل في حال تحررت الإدارة الأمريكية من ضغط اللوبي اليهودي. أيضاً أورد بروساكوف إلى أن أحد البراهين التي تؤكد شكوك الكثير من سكان اسرائيل على مستقبل وجود إسرائيل هو كتاب التاريخ الذي يتم تدريسه في المدارس الإسرائيلية، موضحاً وجود كتابين لتاريخ إسرائيل الأول للتلاميذ اليهود والآخر للتلاميذ العرب. حيث يقول إن الكتاب المخصص للتلاميذ العرب يذكر أنه بعد إعلان وجود إسرائيل تم احتلال كافة الأراضي وهاجر العرب بيوتهم وأصبحوا لاجئين ومع نهاية الحرب تم توقيع اتفاق هدنة بين الدول العربية وإسرائيل، وأن الكتاب المخصص لليهود يذكر أنه في الرابع عشر من مايو عام 1948م قام "ديفيد بن جوريون" بإعلان قيام دولة إسرائيل وفي نفس اليوم أعلنت كل من السعودية ومصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق الحرب على إسرائيل ولكن إسرائيل صمدت في هذه الحرب التي سميت بعد ذلك بحرب الاستقلال. ويرى الكاتب أن ظهور كتابين بهذا الشكل إنما هو تعبير عن روح انهزامية داخل إسرائيل متفقاً في ذلك مع وزير التخطيط الإسرائيلي ليبرمان. حيث أن الكثير مما يجري على أرض الميعاد ليس كما خطط له الصهاينة الأوائل وأن تغييرات قد طرأت على خططهم الاستعمارية. ويشير الكاتب إلى أن الروح الانهزامية تزداد وتقوى، وأن فلسطين آجلاً أو عاجلاً سوف تصبح دولة واحدة موحدة وأن المشروع الصهيوني محكوم عليه بالفشل والزوال. الجدير بالذكر أن بروساكوف كان استاذاً لوزيرة الخارجية الأمريكية الحالية كونداليزا رايس، حيث قام بتعليمها اللغة الروسية أثناء دراستها الجامعية بأمريكا.