أن تخطف خبراً صحافياً من أي مؤسسة، فأنت تضع نفسك في خانة المساءلة أحياناً، وتضيق الخناق على مصدرك دائماً، أما أن تنقل مثله من مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مواقع الإنترنت، فلن يحاسبك أحد. ليس خافياً على أحد أهمية المعلومات للصحافي وللقارئ. لعل الخبر الأمني يتربع على قائمة الأكثر قراءة في أي صحيفة سعودية. طالعوا النتائج اليومية في المواقع الإلكترونية للصحف، ستجدون الجريمة في صدارة الأخبار. والصحافي في خانته مؤدياً دوره المهني القائم على المعلومة في بناء الخبر، سيكافح ويجاهد بغية الوصول إليها. والمجتمع لن يحاسبه لأنه قدم معلومة كانت خافية عليه، أو استكمل له معلومة رسمية ناقصة، ليقدم تفاصيل قصة أريد لها أن تصل موجزة إلى المتلقي. ولا أظن الصحافي الباحث عن المعلومة قاصداً التشهير وتصفية الحسابات مع الموقوفين، وهذا ما لا ينطبق على الصحافيين الآخرين، الذين يقومون بدور الناقل الخبري لكشوفات الموقوفين في القضايا الأخلاقية في مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لينشروها عبر المجالس وفي المواقع الإلكترونية؛ لتصفية الحسابات الشخصية والفكرية مع مخالفيهم. فلا يكاد يمضي أسبوع واحد حتى نجد في منتديات الحوار الإلكتروني أخباراً مسربة من قلاع هيئة الأمر بالمعروف تتحدث عن إيقاف فلان في قضية أخلاقية، والقبض على فلان الفلاني في خلوة غير شرعية، أو وهو في حالة غير طبيعية. هل أزيدها كارثة: تسريب مشاهد مسجلة عبر الهاتف للمقبوض عليهم! هذا النوع من الأخبار نجده باستمرار دون أن يحاسب المصدر، فهل فكرت رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ملاحقة موظفيها الذين يسربون الأخبار لأصدقائهم في الإنترنت؟ على مدى سنوات طويلة لم يثبت للجمهور أن رئاسة الهيئة فكرت في إيقاف هذا النزف الفضائحي، كما تفعل مؤسسات حكومية أخرى، رغم أن الفارق واضح بين الحالتين، في قصد الصحافي الناقل للخبر تحقيق واجبه المهني ومتطلباته الوظيفية، في حين يمارس الآخر الدور السيئ في فضح من أرادت لهم رئاسة الهيئة الستر. لا شك لدي أن رئاسة الهيئة وقياداتها من مسؤولي المراكز في البلاد يعملون على فضيلة الستر في القضايا الأخلاقية، وحلها بعيداً عن أعين الشرطة وهيئة التحقيق والادعاء العام، وقد أشار إليّ أحد مسؤوليها أنهم نجحوا في الستر وإنهاء القضية مكتبياً لأكثر من ثلثي القضايا في مدينته خلال عام واحد. الخلل يبقى في هؤلاء الموظفين الذين يخالفون توجهات رؤسائهم في تمرير الفضائح إلى الأصابع الإلكترونية، والخلل الأكبر هو في حالة الصمت والسكون الإداري داخل جهاز الهيئة عن هذه الممارسات.