بالصدفة وقع بين يدي كتيب أصدرته جمعية حقوق الإنسان بعنوان (أعرف حقوقك)، وأعجبني ما احتوى عليه من مواد لنظام الإجراءات الجزائية التي ضمنت حقوق أي إنسان قد يكون في موقف اتهام من السلطة سواء صح هذا الاتهام أم لم يصح، ولأنه قد يتعرض أي إنسان لمثل هذا الموقف فيجب ان تتاح له الفرصة كاملة للتعرف على حقوقه والا يتم اهدارها بأي حال من الأحوال، ونشر مثل هذه الكتيبات هو السبيل إلى ذلك، فهي توضح وبشكل مبسط لغير المختص هذه الحقوق، عند تعرضه لأي إجراء قد يمس حريته وكرامته كالقبض والتفتيش. وأريد هنا ان أبسطها أكثر فلو كنت أيها القارئ في الشارع أو في أي مكان وجاءك شخص (مدني أو عسكري) وأراد القبض عليك أو تفتيشك فتأكد انه من رجال الضبط الجنائي المذكورين حصراً في المادة رقم 26من النظام نفسه، فهم الوحيدون الذين يملكون الحق في ذلك (كأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، ورؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومديري الشرطة)، وإذا تأكدت من ذلك فاسأل نفسك هل انت متلبس بجريمة؟ فإذا كانت اجابتك ب (لا) فاسأله هو هل معه أمر من السلطة المختصة بأن يقبض عليك أو يفتشك؟ فإذا كانت اجابته ب (لا) فقل له وبالفم المليان: (لا يحق لك ان تقبض عليّ لأن نظام الإجراءات الجزائية الذي أصدره ملك المملكة العربية السعودية نص في مواده رقم 33و 35و 41و 42بأنه لا يجوز ان تقبض عليّ أو تفتشني، إلاّ إذا كنت متلبساً بالجريمة أو لديك أمر من السلطة المختصة). وأما إذا كنت عاثر حظ وانطبقت عليك إحدى هاتين الحالتين، فاعرف حقوقك: 1- يجب عليك ان يخبرك بأسباب إيقافك، 2- لك الحق ان تتصل بمن ترى ابلاغه بما حصل لك، 3- يجب عليه معاملتك بما يحفظ كرامتك، ولا يجوز إيذاؤك جسدياً أو معنوياً (راجع المادة رقم 35من النظام نفسه). 4- يجب عليه ان يبادر بابلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام فوراً (المادة 33)، 5- وفي جميع الأحوال لا يجوز ايقافك لأكثر من 24ساعة إلاّ بأمر مكتوب من المحقق عضو هيئة التحقيق والادعاء العام، وإذا لم تستطع ان تأتي بما يؤكد براءتك خلال هذه المدة، فيجب ان يتم إرسالك إلى المحقق الذي يجب عليه ان يستجوبك خلال 24ساعة، ثم يأمر بايقافك أو اطلاق سراحك (م 34)، 6- إن رجال الضبط الجنائي مسؤولون عن كل خطأ يرتكبونه أثناء قيامهم بوظيفتهم، لذلك فإن تعسفهم في استعمالهم لسلطتهم الممنوحة لهم بالقبض عليك أو تفتيشك توجب العقوبة التأديبية والجزائية علاوة على تعويضك مادياً عن الأضرار التي لحقت بك نتيجة ذلك، فقد حدد المرسوم الملكي رقم 43وتاريخ 1377/11/29ه عقوبات لمن يقبض على أي شخص أو يفتشه بوجه غير مشروع بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات أو غرامة لا تزيد عن عشرين ألف ريال، 7- فأما في حال تعرضك لأي تجاوز أو إيذاء من قبل رجال الضبط الجنائي، فهذا لا يبرر أبداً تجاوزك أنت حدود الاستجابة لهم أو الإساءة إليهم، بل عليك المجاراة والاكتفاء بمحاولة إثبات تلك التجاوزات سواء بالشهود أو غيره من طرق الاثبات، ومن ثم رفع دعواك إلى ديوان المظالم فهو الجهة المختصة في هذه الحالة. وأقول لرجال الضبط الجنائي من شرطة ومحققين ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قفوا على نصوص هذا النظام واعملوا بها ولا تقعوا في محظورات تتنافى مع كرامة الإنسان التي حفظها ديننا الحنيف بقوله تعالى: (وقد كرمنا بني آدم) (الاسراء: 70) وكونوا القدوة فإن لكم دوراً أساسياً لا غنى عنه يعلي من شأن تلك الحقوق التي يتمتع بها كل من وقف موقف الاتهام بما يمكنه من المحافظة على إنسانيته واظهار براءته، فالمجتمع المتحضر هو الذي يحترم حقوق الإنسان وهو الذي يبرز المبدأ الأصيل من ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لا ان يسوق الاتهام مسبقاً ويحدد مصير المتهم بمجرد القبض عليه. @ باحث قانوني