لايزال ارتفاع أسعار مواد البناء مستمراً ما ينذر في تباطؤ حركة التشييد والعمران في المملكة الأمر الذي ينعكس سلباً على المستثمرين في السوق العقاري بوجه عام وعلى المستأجرين وصغار الملاك بوجه خاص. وتحتاج السوق إلى وقفة قوية في مواجهة ارتفاع هذه الأسعار أو ضبطها أو تثبيتها على الأقل. وتشير توقعات سوقية إلى حاجة فورية لما يزيد على نصف مليون وحدة سكنية لإعادة التوازن إلى السوق. واصدر مجلس الوزراء أمس الأول قرارا بتخفيض رسوم الحماية الجمركية على 180سلعة من السلع التي تعد رئيسة للمستهلك، بالنزول بها إلى حد الرسم الجمركي الخليجي الموحد (إعفاء أو 5بالمائة)، ومنها مواد البناء مثل الجبس والبويات وأنابيب البلاستيك ولوازم الأبواب ولوازم الكهرباء والمفاتيح والافياش والكابلات الكهربائية والمباني مسبقة الصنع، وذلك لمدة ثلاث سنوات، ولذلك فإن المستثمرين على أبواب استثمر معتدل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وتعد صناعة العقار من القطاعات الاقتصادية المهمة في السوق المحلية حيث من المتوقع أن تفوق تراخيص البناء 37ألف رخصة الصادرة في عام 2010م إضافة إلى أن هناك الكثير من عوامل الطلب تتحكم في القطاع العقاري أبرزها ديناميكية السكان. حيث إن الإحصاءات تشير إلى التعداد السكاني خلال السنوات الثلاثين الماضية ارتفع من 7ملايين عام 1974م الى 24.5مليوناً في آخر إحصاء للسكان. وهو ما يشكل تحديا كبيرا في توفير المساكن التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة للبناء. وتوجد حاجة ماسة لتطوير القوانين المنظمة للبناء بما يجعلها قادرة على الوصول إلى نوعيات من المساكن العصرية التي تناسب متطلبات الأسرة وتعكس في الوقت نفسه الهوية المحلية التي تتناسب مع متطلبات المجتمع وطموحاته وتساهم في إثراء تراثها العمراني وتستفيد من الخبرة المهنية المتراكمة عبر الأجيال. وفي ظل ذلك، تشهد أسعار الحديد - باعتباره العمود الفقري في عمليات البناء - زيادة متلاحقة ومتتالية حتى وصل سعر الطن لأكثر من أربعة آلاف ريال، بعد ان طبقت محلات بيع الحديد التسعيرة الجديدة المبلغة لهم من قبل مصانع الحديد. كما تسارع الطلب المحلي على الأسمنت خلال الفترة الأخيرة في المملكة نتيجة الانتعاش الحاصل في قطاع البناء والتعمير والمقاولات في ظل الازدياد المطرد للسكان ومقابلة متطلبات التنمية الاقتصادية والعمرانية. حيث وصل حجم الطلب إلى أكثر من 30ألف كيس بقيمة تصل إلى 480ألف ريال في اليوم الواحد شملت طلبات من قبل القطاعين العام والخاص إضافة إلى القطاع الفردي. وقدّر عاملون في قطاع الأسمنت الذي شهدت فيها مستويات الطلب فيه ارتفاعاً كبيراً، حجم الشحنات بأكثر من 600شحنة يومياً تفاوت سعر الكيس الواحد من الأسمنت بقيمة تراوح بين 16إلى 22ريالا. ورفعت مصانع الخرسانة الجاهزة أسعار منتجاتها بمقدار - 1510ريالا للمتر الواحد اعتبارا من منتصف مارس الماضي، لتصل إلى - 210205ريالات مقابل 195185ريالا سابقا. وتأتي هذه الزيادة وفقاً للارتفاعات المتواصلة لأسعار المواد الخام، الأمر الذي دفع المصانع إلى زيادة الأسعار لتغطية الفجوة بين أسعار المواد الخام وقيمة المنتجات، إذ سجلت أسعار البحص زيادة 10في المائة لتصل إلى 45ريالا للمتر وكانت 35ريالا سابقا، وارتفاع تكاليف النقل بمقدار 5ريالات للمتر الواحد. وتواجه مصانع الخرسانة الجاهزة أزمة حقيقة لتراجع حصصها المقررة من الأسمنت بمقدار 25في المائة - 30في المائة منذ شهر تقريبا، على الرغم من أنها تلقت وعداً من مصانع الاسمنت بتجاوز الأزمة الحالية منتصف ابريل المقبل، بعد التغلب على الأسباب الكامنة وراء تراجع الحصة الإنتاجية بمقدار 15في المائة - 20في المائة حالياً. فيما أرجعت مصانع الاسمنت الأزمة الحالية للطلب المتزايد في الأسواق المحلية، الأمر الذي يحول دون قدرتها على تلبية الاستهلاك المحلي، لاسيما في ظل استمرار الحركة العمرانية والمشاريع الاقتصادية العملاقة التي تشهدها المملكة في الوقت الراهن، سواء للمشاريع التابعة لارامكو السعودية او الجبيل 2او المدن الاقتصادية الموزعة على مدن المملكة في الوقت الراهن، الأمر الذي يرفع من الاستهلاك على الاسمنت في الوقت الحالي. ولم يخف على أحد المتغيرات المتتالية والمتلاحقة في أسعار مواد البناء والتشييد وقد لاحظ الجميع هذه الارتفاعات المتوالية. وتشهد مناطق المملكة ومحافظاتها طفرة في بناء المساكن في السنوات الأخيرة إضافة إلى المشاريع الحكومية خصوصاً التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية، إذ وجه في هذا الشأن خادم الحرمين الشريفين بالعمل على سرعة إنجاز ومتابعة تنفيذ 812مشروعاً موزعة على جميع مناطق المملكة لصالح وزارة الشؤون البلدية والقروية، بعد أن استعرض المجلس تقرير المتابعة المرفوع من وزارة الاقتصاد والتخطيط حول هذه المشاريع، التي تتمثل في "مشاريع تصريف السيول والطرق داخل المدن والقرى" والممولة من فائض إيرادات الموازنة للعامين الماليين (1424- 1425ه) و(1425- 1426ه). فيما أقر مجلس الشورى السعودي توصيات للإسراع لمواجهة أزمة الإسكان وذلك عبر تنفيذ مساكن شعبية سريعة في كل المناطق من خلال هيئة الإسكان التي تأسست مؤخرا. وتعاني السعودية كما غيرها من دول المنطقة من نقص حاد في الوحدات السكنية في العاصمة وباقي المدن، وأوضحت دراسة لهيئة تطوير مدينة الرياض أنها تحتاج إلى 30ألف وحدة سكنية سنويا. وكان وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل وجه بتشكيل لجنة متابعة تضم ممثلين عن الوزارة والمقاولين لإيجاد حلول فعالة لمجابهة ارتفاع أسعار مواد البناء والحديد التي تضاعفت بصورة غير مسبوقة، مما يهدد بتعثر العديد من المشاريع الجاري إنشاؤها للقطاعين العام والخاص. واجتمع الوزير زينل الأسبوع الماضي برئيس وأعضاء اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية. وتم خلال الاجتماع مناقشة المعوّقات التي ما زالت تعيق قطاع المقاولات وتحدّ من قدراته في المساهمة في مجال التنمية والنهضة العمرانية التي تعيشها المملكة في الفترة الحالية. وأكد وزير التجارة والصناعة حرص الدولة بالارتقاء بهذا القطاع الحيوي والمهم وتفعيل قدرات المقاول السعودي في دفع عجلة التنمية في عملية البناء والتشييد. وطالب المقاولون إضافة إلى إزالة العقبات التي تعترض عملهم، بإنشاء بنك للمقاولين أسوة ببنوك التنمية الخاصة بالقطاعين الصناعي، والزراعي، وإنشاء هيئة أهلية للمقاولين، وتسريع المدة الزمنية الخاصة بصرف مستحقات المقاولين، وتعويضهم عن ارتفاع الأسعار، وتفعيل القرار الخاص بصرف دفعات مقدمة للمقاول عند ترسية المشاريع الحكومية. من جهتهم، تخوف كبار المقاولين وموزعي من مسلسل ارتفاع أسعار الحديد إلى أكثر من 4آلاف ريال باعتبار هذا السعر مساو للأسعار في المنطقة الخليجية. واعتبر بعض المتعاملين أن هذا السعر غير عادل، لأن المملكة هي من المصنعين للحديد من خلال ما تملكه من مصانع في عدد من المناطق، بخلاف الدول الخليجية التي تعتمد على الحديد المستورد. ويتوقع ان يكون سعر 4آلاف ريال دافعا للحد من تصدير الحديد السعودي، إلى الدول الخليجية، ويصبح متوفرا في السوق المحلي، بالسعر الخليجي. وارتفع سعر المواد الخام من الحديد التي يتم استيرادها من البرازيل من 100دولار للطن، إلى 160دولار بارتفاع بلغ نحو 65في المائة. ويعتقد على نطاق واسع ان أسعار المواد الخام التي يتم استيرادها هي الأكثر ارتفاعا عن المواد التي تستخرج أو يتم تصنيعها محليا بسبب الزيادة في مصاريف النقل واختلاف العملات، ويشمل جميع مواد البناء بما فيها الحديد. وتضرر عدد من المقاولين من هذه الزيادة في الأسعار وتكبدوا خسائر كبيرة جراء هذه الارتفاعات المتلاحقة في الأسعار يوميا حيث ان العقود التي أبرمت بينهم وبين أصحاب العمائر قبل هذه الزيادة وفي ظل الأسعار التي كانت في أسواق الحديد او مواد البناء بصفة عامة وقد ادى ذلك إلى حدوث بعض الخلافات بين المقاولين وأصحاب العمائر. وكثرت مطالبة أصحاب المشاريع الصغيرة والفردية بالتدخل وايجاد حل لهذه المعضلة في الأسعار ليتمكنوا من استكمال بناء عمائرهم ومساكنهم. وتطرّق تقرير صادر من وزارة التجارة والصناعة إلى أن أسعار الأسمنت في بعض مناطق المملكة شهدت أواخر الربع الأول لعام 1428ه ارتفاعا نتيجة زيادة الطلب حيث شهدت هذه الفترة طفرة عمرانية كبيرة الأمر الذي أدى لطول فترة انتظار الشاحنات خارج مصانع الأسمنت على الرغم من الزيادة المطردة في إنتاج مصانع شركات الأسمنت. وأضاف التقرير أن الوزارة توفر الأسمنت في كافة الأسواق المحلية وبأسعار ملائمة للمواطنين حيث حثت الشركات لتزويد السوق المحلي باحتياجاته من الأسمنت والتعاون مع الوزارة نحو إعطاء الأولوية للمواطنين أصحاب فسوحات البناء وتقوم فروع الوزارة بالتعاون مع شركات الأسمنت بتسهيل توفير كميات من الأسمنت في الأسواق المحلية. وبدأت شركات الأسمنت بتنفيذ توسعات في طاقاتها الإنتاجية إذ إن بعضها دخل مرحلة الإنتاج التجريبي حاليا فيما يتوقع دخول التوسعات الأخرى مراحل الإنتاج التجريبي قريبا وسيكون لهذه التوسعات أثرها الفاعل في إمداد السوق المحلي بحاجته من الأسمنت، حيث بدأ مصنع أسمنت رابغ توسعته الهادفة لزيادة إنتاجه. وترجع ارتفاعات الأسمنت نتيجة النقص الحاد في المواد الأولية لتصنيع مادة الأسمنت وبخاصة البحص وهنا تكمن الحاجة لإنشاء كسارات تنتج البحص خاصة الذي يعتبر إحدى المواد المهمة في الأسمنت. مجلس الشورى السعودي أقر توصيات للإسراع لمواجهة أزمة الإسكان وذلك عبر تنفيذ مساكن شعبية سريعة في كل المناطق من خلال هيئة الإسكان التي تأسست مؤخرا. وتعاني السعودية كما غيرها من دول المنطقة من نقص حاد في الوحدات السكنية في العاصمة وباقي المدن، وأوضحت دراسة لهيئة تطوير مدينة الرياض أنها تحتاج إلى 30ألف وحدة سكنية سنوياً. وتشهد جميع المناطق طفرة في تنفيذ بعض المشاريع الحكومية والخاصة وطالت هذه الطفرة بناء المساكن خلال في الفترة الأخيرة خصوصاً التي يمولها صندوق التنمية العقارية، إذ مول الصندوق خلال هذه السنوات منذ عام 1425ه وحتى نهاية عام 1427ه أكثر من 75ألف قرض بقيمة إجمالية بلغت 21مليار ريال، وارتفعت فيها نسبة القروض الممنوحة بواقع 300في المائة، وهي الفترة التي تلقى فيها الصندوق دعماً بنحو 18مليار ريال عام 1425ه من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز . وشهد العام المالي - 14281427ه تقديم 13.436قرضاً بقيمة 3703ملايين ريال لبناء 16131وحدة سكنية خلاف ما أقره الصندوق من تمويل 4610قروض جديدة بقيمة 1.28مليار ريال لبناء 5532وحدة سكنية بمختلف مناطق المملكة تمثل الدفعة الأولى من القروض المعتمدة في ميزانية العام المالي الجديد -14291428ه. ولم يكن الارتفاع الأسعار في السعودية فقط بل طاول المنطقة العربية والعالم ككل، لكن الزيادة لحقت المنطقة الخليجية على وجه الخصوص نظراً للتقدم العمراني الحاصل فيها نظراً لتبادل الاستثمارات في المنطقة إذ يستثمر سعوديون في الإمارات وقطر ومصر واليمن والكويت وكذلك الحال بالنسبة للإماراتيين وغيرهم. إذ طرحت اليمن أمام رجال أعمال سعوديين وخليجيين 42فرصة استثمارية تتوزع على القطاعين العام والخاص، بتكلفة 11.25مليار ريال. وأعلنت اليمن في مؤتمر الاستثمار السياحي والعقاري الذي عقد أخيراً في مدينة المكلا اليمنية، عن تأسيس عدة شركات مساهمة، للاستثمار في مشروع ميناء المكلا الجديد للحاويات بتكلفة إجمالية 1.5مليار ريال، إضافة إلى المنطقتين الصناعيتين بالشحر والوديعة، وتطوير أرخبيل سوقطري. وشارك في المؤتمر 480مشاركا من 14دولة خليجية وعربية وأجنبية، من بينهم 152رجل أعمال من السعودية والخليج. ويسعى اليمن للدخول ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، ليكون عضوا كامل العضوية في دول مجلس التعاون الخليجي ويطمح إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وطرحت اليمن استثمارات إستراتيجية لشركات خليجية في مجالات التنمية العقارية والسياحية في كل من صنعاء وعدن والحديدة، بتكلفة تزيد عن 2.5مليار دولار، حيث تتوزع هذه الاستثمارات على شركات سعودية. وقطرية. وإماراتية ومصرية. وأخرى عالمية متخصصة في التنمية العقارية والسياحية. ويبحث الملتقى الأول لأنظمة البناء الموحدة الخليجية المقرر عقده في 19مايو المقبل في الرياض ضرورة تطبيق أنظمة بناء خليجية موحدة، على الرغم من إن بلوغ هذا الهدف يتطلب عدة تنازلات في مقدمتها التنازل عن بعض المعايير الفنية المتعلقة بأنظمة البناء في دول المجلس. ويهدف الملتقى إلى تواصل القيادات الوظيفية لتوفير أنظمة بناء خليجية موحدة. وحققت الأسواق العقارية في دول مجلس التعاون الخليجي نموا بواقع 59في المائة مع تسجيلها مشاريع بقيمة 143مليار دولار أمريكي ( 536.25مليار ريال) خلال العام 2007، مقابل 90مليار دولار ( 337.5مليار ريال) خلال العامين 2005و2006، ومن المتوقع مواصلة النمو في القطاع. وشهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص نموا هائلا شمل كافة القطاعات المرتبطة بالعقار والإنشاء وبمعدل نحو 32.7بالمائة سنويا منذ العام 2001.وتبلغ إجمالي قيمة المشاريع العقارية قيد الإنشاء حاليا في دولة الإمارات لوحدها نحو 225مليار دولار، مع توقعات بنمو القطاع بمعدل سنوي بواقع 25.4بالمائة خلال الفترة ما بين عامي 2007و2010، وذلك بفضل تواصل العمل على تحديث القوانين وتبني سياسة تشجيع الاستثمار في القطاع العقاري في الدولة.