بدأت أمس فعاليات المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي والذي افتتح الأحد تحت عنوان (الثقافة واحترام الأديان) ويستمر لمدة يومين. دعا البروفيسور يوزو إيتاجاكي من جامعة طوكيو باليابان في كلمته بالجلسة الاولى من جلسات المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الاسلامي إلى أهمية الحوار والنقاش بين أصحاب الحضارات المختلفة للتوصل إلى قواسم مشتركة، مشيرا إلى أن التحديات التي يواجهها العالم اليوم تستدعي مزيداً من الحوار الذي ينبغي أن يقوم على أسس واضحة وصحيحة. وكانت الجلسة الأولى تحت عنوان "الأديان في عصر العولمة" وأدارها ، البروفيسور يوزو إيتاجاكي الذي أشار إلى أن الإسلام دين له أتباعه العديدون المنتشرون في كل مكان في العالم. بعد ذلك قدم رئيس الجلسة المتحدثين الرئيسيين وهما البروفيسور هيديكي كانو من اليابان والدكتور أحمد شحلان من المغرب. حيث بدأ د. كانو حديثه بالتأكيد على ضرورة أن يتواكب الدين مع الحضارة المعاصرة والتعامل مع مشاكلها، قائلا: من الضروري وضع قواعد للتعامل اليومي حفاظا على أنماط الحياة المعاشة والسماح بالتجاوبات بين مختلف المجموعات العرقية. وبيّن أن الشعب الياباني لديه شعور قوي في التعامل مع أصحاب الديانات الأخرى والانفتاح عليها، وأنه على المجتمع الياباني وأصحاب الديانات في اليابان الانسجام مع الحضارة الإنسانية لرأب الفجوة بين الإنسانية في الوقت الحالي. وطالب د. كانو في كلمته العالم كله بما في ذلك المسلمين بالتعاطي المنفتح مع المفاهيم الجديدة التي تطرح نفسها يوميا، حتى لا يتخلف أحد عن الركب العالمي. بعد ذلك تحدث الدكتور أحمد شحلان "متخصص في الفلسفة الإسلامية وله خبرات واسعة في الحوار بين الإسلام والمسيحية"، حيث قال إن هذا المنتدى يركز على الدور الذي تلعبه الثقافة في تنمية الحوار والاحترام بين الأديان، ولا يمكن التحدث عن الأديان والعولمة بصورة مجردة. وأوضح شحلان بأن الإسلام يحترم كل الديانات ويوسع صدره لكل الحضارات، وهناك شواهد تاريخية موثقة تدعم هذا الطرح وتؤيده بشدة، بجانب ما جاء في القرآن والسنة النبوية. وأضاف نجتمع اليوم لنتأمل في صفاء ذهني أفعالا عظيمة لدين عانق في مسيرته أعمالا إنسانية مبهرة. وحول العولمة اوضح شحلان بأن ليس في العولمة اليوم جديد من حيث المفهوم، وإنما الجديد في الوسائل والعناصر المستخدمة في استخدامها. وشدد د. شحلان على أن الإسلام انتشر بالكلمة والمعرفة، حيث ركز على المعرفة والمسؤولية وترك للإنسان حرية الاختيار، موضحا أن التعارف أمر دعا إليه الإسلام كما في الآية الكريمة "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..."، وأنه ليس المقصود بالتعارف التعارف العادي، بل تبادل الخبرات والمكتسبات الحضارية والموروث الإنساني وتحديث القدرات من أجل إشاعتها. وحول حوار الحضارات قال شحلان علينا أن نحمي ثقافاتنا وهوياتنا، وهناك وسائل متعددة في هذا الإطار. وعقب د. هاشيزومي الأستاذ في معهد طوكيو للتكنولوجيا، على المتحدثين فقال إن الإسلام يعد حضارة لا ثقافة، لأن الأولى أشمل وتتسم بطابع عالمي أكثر تتعدد فيها الأعراق ولها علاقة أكبر بالدين. ثم عقب الدكتور دين شمس الدين من إندونيسيا و"متخصص في الفكر الإسلامي في جامعة جاكرتا"، حيث أرجع ما عليه العالم حاليا من كوارث مدمرة وفقر ومشاكل بيئية إلى التركيز المفرط على الحرية غير المسؤولة وغير المنضبطة، وهذا التركيز المفرط على الحرية دون مسؤولية يدعونا إلى الحاجة إلى إعلان عالمي جديد يتعلق بمسؤولية البشر. وأشار شمس الدين إلى أن العولمة الحالية عولمة علمانية تجذب المنافسة بين الدول على الموارد، ما أدى إلى نزعات من الدول لاستخدام القوة من أجل التحكم في الموارد والسيطرة عليها فغدت الحروب خيارا لتهميش الشعوب، ما أدى إلى ردود فعل عنيفة. وأكد شمس الدين إلى أن الإسلام ركز على القيم الأخلاقية مستشهدا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ونحن بحاجة كبيرة إلى القيم الأخلاقية بجانب الحوار بين الحضارات. واختتم حديثه بالقول: إن التحالف الإسلامي مع دول شرق آسيا والصين والهند واليابان سيكون مهما لتحقيق توازن جديد في العالم.