لا يصل الناس إلى حديقة النجاح من دون أن يمروا بمحطات اليأس والإخفاق والتعب، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات، بل يتجاوزها ليصل إلى مراده، وإن الحياة لهي الحقبة الزمنية التي يعيشها الإنسان ليثبت ذاته من خلالها، فليظهر فيها كل منا بريقه ويجعل من نفسه محطاً للأنظار ومحلاً للاقتداء، ولنهتف بأعالي صوتنا متحدين مصاعب الكون ونقول: "عذراً أيها الكون فقد ولدت لأنجح!". نستعرض فيما يلي سبيل الارتقاء والنجاح، وكيف لي أن أكون قدوة حسنة، وأخيراً، لكل شيء نهاية، فهل يمكن لبريقي أن يظل بعد الرحيل؟ إن النجاح والتميز سبيلين للارتقاء، لا أعني بذلك النجاح العلمي فحسب، بل النجاح في شتى مجالات الحياة العلمية والعملية والاجتماعية وغيرها، فكم من أُناس قد تركوا تلك البصمة التي لا يمكن لها أن تمحي من جذور الذاكرة بإنجازاتهم ونجاحهم، لكن لا يعني ذلك أنهم قد وصلوا إلى مرادهم بمحض مصادفة أو بيسر، فلا شك أنهم قد تعثروا في طريقهم، وإن مع العسر يسراً. ربما يجد بعضهم أن هذا الطريق وعر أو صعب المنال. إن الوصول إلى المراد ليس بالأمر الصعب ولكنه لا بد وأن يسبق بخطوات تمهد لنا الوصول إليه، وإن لكل مجتهد نصيب، فكلما زاد اجتهاد الفرد، زادت فرصته من البريق واللمعان. من المؤكد أن لنجاح أي شيء معايير أساسية، وإنه لمن المألوف أن معيار النجاح العلمي يكمن في الجد والمثابرة والاجتهاد، لكن ما هو معيار النجاح في المجلات الأخرى؟ لقد دعانا ديننا الحنيف للتمسك بمبادئ وأساسيات، وإن الدين لخلق، فمن طمع بشموخ الجبال الراسيات وعلو النجوم سعى وراء ذلك والتزم به. ومن أكثر ما يجيب الناس في الشخص ذاته هي صفة التواضع، فمن تواضع رفع الله منزلته، وقد قال الشاعر: تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع ولا تك كالدخان يعلو بنفسه إلى طبقات الجو وهو وضيع إن لكل شيء نهاية وزوال، فهل يمكن لذلك البريق أن يدوم؟ نعم، إن ما يقوم به الإنسان من إنجازات ونجاح يسجل في تاريخه ولصالحه، فهذا هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن نذكر به بعد الممات، فإن أردنا إثبات ذاتنا وإبقاء أثر وبصمة في الحياة، لا بد وأن نرسم ابتسامة أو نحقق إنجازاً. وأخيراً، ما أجمل أن نذكر بعد أن تحوينا الأرض ويغطينا التراب، فإن أردت تحقيق ذلك فابدأ بفعل جديد يترك ذلك الأثر الطيب بعد الرحيل، فلكل شيء زوال ولذلك الأثر بقا