لم تكد أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في الدانمرك تتراجع قليلاً في نشرات الأخبار والصحف، حتى خرج معتوه آخر في هولندا، هذه المرة سياسي برلماني عن حزب الحرية اليميني، هو جيرت فيلدرز الرجل الذي لم يزل يطالب بوقف هجرة المسلمين إلى هولندا،ووقف بناء المساجد وحظر تداول القرآن بين أبناء الهولنديين من الجالية المسلمة، في تناقض فاضح مع أبسط الحقوق التي يدعو إليها حزبه المتطرف، وهو أمر أصبح واضحاً في ثقافة الغرب التي بهرت كثيراً منا سابقاً بمفاهيمها المطاطة عن الحرية والمساواة التي يبدو أنها لا تخص أحداً غيرهم. جيرت فيلدرز يرغي ويزبد منذ فترة عن عزمه عرض فيلم وثائقي، يستعرض فيه "نصوصاً فاشية" من القرآن الكريم، تدعو الناس إلى القيام بأعمال شريرة، ولا يكتفي بهذه الأفكار السطحية التي يستطيع أي عاقل إدراك خطأ منهجيتها لو كلف نفسه فعلاً مجرداً كالقراءة، وفيما تبدي الحكومة الهولندية قلقها على البرلماني وتزيد من الحراسة عليه، لا تبالي بمشاعر الآلاف المؤلفة في هولندا والملايين خارجها. في حادثة مقتل ثيو فان جوخ الذي أخرج فيلم "خضوع" الذي كتبته الصومالية الأصل "أيان هيرسي" عام 2004م، تم الصمت عن الاستفزاز وأسباب الجريمة وتم التركيز على دين الشاب المغربي الأصولي الذي قام بالعملية، ولا شك أنه شيء لا يمكن تجاهله، كما لا يمكن تجاهل مقدار الاستفزاز الهائل لمشاعر المسلمين عندما يجدون نصوص القرآن الكريم مكتوبة على جسد امرأة عارية، كل هذا يسير في تنظيم يبدو سياسياً من الرسوم المسيئة حتى فيلم يناير الموعود، من أجل تأكيد مفهوم صدام الحضارات الذي يدفعنا له الغرب دفعاً عبر الاستفزاز الفكري حيناً أو الاستعمار العسكري أحياناً أخرى.