يبدع الشاعر (ابن سريع) - راعي المعشبة - بلدة من بلدان اقليم سدير، في عرض أحاسيسه بشكل يفوق النظم الشعري إلى حد التألق والتميز نظراً لشموله ودقة تعبيره ولانه ينهل من معاناة حقيقية لا يصور فيها حالة مستعارة أو تمثيل لخيال لا واقع له. وللشاعر في ميدان التجسيد الشعوري عن طريق النظم الشعري مواقف عديدة لانه كان رفيق المعاناة ولصيق الهم الحياتي الذي ألجأه يوماً من الايام لكي يقول معاناة حية حيث تجمعت عليه الهموم وتكالبت عليه الغموم واطبقت عليه من كل الجوانب مصاعب الدنيا، حتى صعد رأس مرتفع من تلال بلدته التي تتخذ هضاب طويق وقمته مسرحاً لعمرانها فاشرف من فوق رجم في علياء البلدة ليمسح دموعه ويمسح الأفق بناظرين ويبث همومه في قصيدة مملوءة بالحرارة تزدحم بالضيق وتعبر عن توالي مصائب تجمعت على الشاعر وتوالت عليه في عدد من أعزائه منهم مرض والده وضعفه وعجزه ثم وفاة أخيه ثم ما حل بصديقه محمد فمات، ثم ما أصاب غنمه من الخسارة والموت فلم يبق له من شيء سوى أن يبيح هذا المكنون في قصيدة فوق علو المرتفع وعبر الآفاق ليصل إلى كل مجتمعه في حينه ويتناقله الرواة عبر الأجيال حتى وصل الينا بالحرارة والمعاناة نفسها فيقول: نط المشقى في رفيع المباني في راس رجم ونّ ساعة رقى فيه القول عندي واجد مردفاني آخذ من الزينات والشين أخليه هذا زمان بالماصيب كواني أكن عبرات على الله مشاكيه ما شفت حي ما فجعه الزماني أحد حلاله وآخر فجع غاليه نبي نعد فجوعنا ذا الزماني نبي نعد من أوله ثم تاليه أول فجيعه دوك ذرب اليماني راعي دلال ما تونى مقهويه راعي صحون وسطها الزاد باني وجنوب خرفان بالأريل يشريه واليوم دونك طايح في المكاني يالله يالمطلوب ونك تعافيه ثاني فجيعه وين درع كساني ضافي البنايق زبن من هو لجى فيه هذاك أبو داموك حبه كواني يا وي قلب للموده مصافيه يا دمع ياللي فوق خدي ملاني يا روع قلبي كل ما حل طاريه أطلب عساه بوسط خضر الجناني الله يخلف أول شبابه بتاليه ثالث فجيعه وامحمد كواني ما دامت الدنيا فلا ناب ناسيه إلى أن يقول: رابع فجيعه وين هطل الاذاني متن المثاني سعد من هو حلب فيه ستر لاهلها شوحن المعاني لا من راعي الزاد غلق مشاريه أفضل بهن وأحمد ولي عطاني حليبهن دايم عن الجار ما اخفيه وأذبح بهن وإن كان جونا العواني ما أروح للقصاب للحم أبا أشريه ما نيب في دبرة ولي بشاني هذي تدابير إلهي مسويه والقصيدة أطول من ذلك لكن لعل الأبيات المحذوفة لا تتوافق مع توجه النشر بالاضافة إلى كون المعنى قد اتضح وبراعة الشاعر جسدتها المعاني العديدة في القصيدة مما لا يحتاج معه إلى مزيد من الاسترسال.