تكررت في الآونة الأخيرة حالات "خطف" المواليد من المستشفيات الحكومية مما أدى الى تزعزع ثقة بعض أفراد المجتمع في الإجراءات الأمنية المتخذة في اقسام المواليد، خوفا من السرقة او تبديل الأطفال. ويعد "النظام الالكتروني" هو الأفضل بعد اخفاق "الأمن البشري" في حماية المواليد من الخطف أو "التبديل" الى جانب تنامي ثقة الأسر بالتقنية للكشف عن هذا النوع من الحالات في ظل غفلة العنصر البشري من الحماية. "الرياض" قامت بعمل تحقيق موسع للبحث في الأنظمة الأمنية لحماية المواليد من الخطف والتبديل من جهة، ومن جهة أخرى البحث في الإجراءات القانونية التي تلجأ لها الأسرة في حالة تعرضها لخطف أو تبديل أبنائها حديثي الولادة. قارئات البطاقات في البداية قال الأستاذ صالح الصفيري ان الناحية الأمنية يفترض أن تكون تقنية بحتة، مع ملاحظة احتياج التقنية لعدد من العوامل التي تساعد على الحماية ومنها: - التصميم الهندسي إذ يجب مراعاة الجانب الأمني فيه من ناحية موقع مكتب الممرضات ليسهل على الممرضات مراقبة الدخول والخروج إليها والأفضل أن تكون مقابلة مباشرة لكونتر الممرضات كذلك تحديد بوابات الزيارة إذ يلاحظ في بعض المستشفيات كثرة بوابات دخول وخروج الزوار مما يصعب مراقبتهم. وأضاف إن العنصر البشري والتنظيم الأمني وتحديد المسؤوليات مهم لمعرفة من هو المسئول عن حماية الأطفال هل هو رجل الامن في المستشفى والمتواجد عند البوابة أم الممرضات المسؤولات عن الحضانة، موضحا أن الامن النسائي مهم لتفتيش الزائرات بدقة، وتكثيف تواجدهن وقت الزيارات خصوصا في غرف الحضانة لمتابعة دخول وخروج الزوار إلى الحضانة، بالإضافة إلى منع خروج الأطفال من الحضانة منعاً باتاً وإقفال غرفة الحضانة ومنع دخول أي شخص وقت الزيارة مؤكدا على أهمية وتحديد الأوقات الخطرة كأوقات الزيارة والتي يجب أن يكون فيها جهاز الامن والكادر الطبي المسؤول عن الأطفال في حالة استنفار ومتابعة لحركة الزوار وتحديد الأماكن التي لا يجب تواجدهم فيها. وأشار إلى أن أهم التقنيات التي تساعد في الحد من هذه المشكلة تقنية الكاميرات الامنية وتجهيزاتها فيمكن من خلال هذه الانظمة ربط حضانة الأطفال مع كونتر الممرضات المسؤلات ومع غرفة الام بحيث يتم وضع كاميرا أمام كل سرير واستخدام أنظمة المتركس للتوزيع بحيث يمكن للام أن ترى طفلها طوال الوقت وربط النظام مع غرفة الحرسات الامنية للمراقبة خلال 24ساعة حيث سبق أن تم تركيب مثل هذا النظام في احد المستشفيات الخاصة. وقال من الأنظمة الفاعلة هي أنظمة قارئات البطاقات وهذه الانظمة تعتبر من احدث الانظمة للمتابعة والرصد والإنذار وهي عبارة عن بطاقة بطول 2سم وعرض نص سنتيمتر يتم وضعها بسوار حول معصم أو رجل المولود وهذه البطاقات ذات إرسال ضعيف جدا بحيث لا يوجد لها أي تأثير صحي على الطفل ويتم تركيب لواقط إرسال حساسة جدا في عدة أماكن يتم اختياره من قبل المتخصصين في هذه الانظمة وتربط في أنظمة الحاسب مع إدخال خريطة للمباني في الحاسب وعند نقل الطفل يكون هناك نقاط محرمة إذا تجاوزها الطفل يتم إطلاق الإنذار مع متابعة الطفل في الحاسب وتحديد تنقله في المستشفى مما يسهل على الامن العثور عليها قبل خروجه من المبنى مشيراً إلى أنه يلاحظ مما سبق بان العنصر البشري هو الأساس وان التقنية تعتبر دعماً ومهما كانت التقنية متطورة فان الضعف في العنصر البشري يؤدي إلى التقليل أو حتى عدم الفائدة من هذه الانظمة. إنذار صوتي وضوئي كما تحدث الاستاذ مازن النهدي مسئول في شركة أمنية، وقال انه على الرغم من توفر كاميرات المراقبة في معظم المستشفيات على مستوى المملكة الا ان هذا لم يمنع من خطف وتبديل الأطفال حديثي الولادة مشيرا الى أن مثل هذه الحوادث لا يمكن السيطرة عليها بشكل تام وذلك قد يكون لتهاون بعض إدارات المستشفيات بالحفاظ الأمني على أقسام مواليد الرضع . وأضاف انه يتطلب الحد من هذه الجرائم، نستخدم التكنولوجيا حديثة ومتطورة لضمان سلامة الرضع والحفاظ عليهم، وذلك يعمل النظام بتقنية RFID بحيث يتم وضع حساسات عند المخارج الخاصة بالمنطقة الموجود فيها المولود، ويعطي إنذاراً في حال خروج المولود من المنطقة المحددة له، كما يتم إرسال إنذار عند محاولة العبث أو قطع الأسورة المخصصة للمولود، بالإضافة إلى توفر نظام مطابقة الأم مع المولود فعند اقتراب المولود من الأم يتم إصدار صوت يؤكد الأم الحقيقية للمولود عن طريق الأسورة المطابقة لكود المولود والتي تزود بها الأم في غرفة الولادة، وهناك العديد من المنبهات الخاصة للتحكم بخروج المولود إلى منطقة أخرى من أجل الفحص بحيث يتم إصدار إنذار في حال تأخر المولود عن العودة للمنطقة المحددة له، وهذا النظام الأمني الخاص بالأطفال حديثي الولادة مجرب في معظم الدول الأوربية، وقد أثبت فعاليته وجدارته على مر السنين ولا يوجد له أية أضرار صحية على المولود أو الأم . الاسوارة الالكترونية وقال الأستاذ فارس الجرباء إن الاسوارة الالكترونية مجربة في دول الغرب وأثبتت جدارتها على مر السنين حيث يتم إطلاق الانذر الصوتي والضوئي عند ابتعاد المواليد عن المساحة المحددة في النظام كحدود المستشفى أو الوقت المسموح لنقل المولود من غرفة إلى أخري، بالإضافة إلى وضع شاشة لحاضنة الأطفال موصلة بغرفة مراقبة على مدار الساعة وخصوصا في وقت الزيارة وان تكون الكاميرات في جميع مرافق الولادة . شك الأم دليل قانوني وقال المستشار القانوني سامي التميمي أن أول الإجراءات القانونية اللازمة على الأسرة إتخاذها عند الشك بتبديل مولودها هو إبلاغ رئاسة المستشفى مع ذكر الأسباب في بلاغها التي دعت إلى هذا الشك، وعلى إدارة المستشفى في هذه الحالة أن تبادر بالاستجابة وتبحث الأسباب التي أدت إلى هذا الشك ومراجعة حالات المواليد لديها وكافة الاحتمالات حول هذا الموضوع حتى تتأكد من الحقيقة وتعيد الأمور إلى النطاق الصحيح وتعالج الخطأ الذي حدث بإتخاذ الإجراءات المناسبة حتى لا يتكرر ذلك مستقبلا، فإذا اقتنعت الأسرة بذلك وأطمأن قلبها إلى هذا التصحيح تكون المشكلة قد تم حلها وإن كان لها الحق في الرجوع على المستشفى بطلب التعويض عن الخطأ والإهمال. وأضاف: أما إذا لم تقتنع الأسرة بذلك أو أهملت المستشفى إتخاذ الإجراءات الكفيلة بكشف الحقيقة، فإن على الأسرة إبلاغ الهيئة الصحية الشرعية المختصة لتصدر قرارها بعد التحقيق في الواقعة، ولهذه الأسرة حق الطعن على قرار الهيئة الصحية الشرعية لدى ديوان المظالم. أما عن كيفية إثبات التغيير فهي ذات شقين:- - الشق الأول يعتمد على الرؤية حيث إن الأم عادة ترى جنينها عقب الولادة مباشرة من حيث الشكل أو الحجم ثم الإحساس، أو أن يكون مع الأم من يرافقها ويرى المولود قبل تبديله أو إختفائه. - والشق الثاني يعتمد على الصفات الوراثية عن طريق التحليل المعروف بمصطلح (DNA) وأشار الى أن الخطف جريمة يعاقب عليها الشرع والنظام ويكون الخاطف فيها " محارباً" ويكون المستشفى شريكاً في الخطأ حيث لم يتخذ الإحتياطات الكفيلة بعدم حدوث ذلك، ويكون الإبلاغ عن وقوع حادث الخطف مباشرة ضد المستشفى ويكون البلاغ لمركز الشرطة المختص الواقع في دائرته المستشفى مع طلب إتخاذ الإجراءات الكفيلة بسرعة القبض على الجاني من المعلومات المتوفرة ومن خلال ما يتبين من التحقيقات ثم إحالة الموضوع برمته إلى المحكمة المختصة للفصل فيه. أما إذا ما تم القبض على الجاني واتضح أنه تكرر منه العمل الإجرامي، أو ثبت أن المستشفى تتكرر فيه هذه الحوادث فإنه من المعلوم شرعاً ونظاماً أن هذا التكرار للجريمة يعتبر من الظروف المشددة التي تستوجب توقيع أقصى العقوبة، وذلك لأن لجسد الإنسان المسلم وروحه حرمة عظيمة عند الله تبارك وتعالى، دلت آيات الكتاب العزيز وأحاديث النبي الكريم عليها فجاءت الأدلة آمرة بحفظ بدن المسلم وروحه، ومرغبة في ذلك ومحذرة من الاستخفاف بها، وتوعدت من سعى في هلاكها بشديد العذاب وأليمه. موضحا ان العقوبة تتحدد حسبما يبين من التحقيقات أو يتبين للمحكمة، إذا كانت الجريمة وقعت بحسن نية أو بسوء نية أو عمد، إذ ربما يكون الحادث ليس خطفاً وإنما تم أخذه أو تبديله على ظن من الآخذ بأنه طفله. جريمة جنائية إدارية وتحدث المحامي والمستشار القانوني فهد بن عبد العزيز الجرباء عن الفرق بين خطف المواليد، وتبديلهم، فقال إن الفعل الأول (خطف المواليد) يمثل وجهاً واحداً من أوجه الجريمة وهو : الجريمة الجنائية العمدية، بينما يمثل الفعل الثاني (تبديل الأطفال ) وجهين من أوجه الجريمة . وأضاف: انه تارة يشكل الفعل جريمة جنائية عمدية إذا تعمد مرتكبها ارتكاب هذا الفعل وتارة أخرى يشكل الفعل مخالفة إدارية فمنها ما هو مقصود من بعض الممرضات ومنها ما هو عفوي لا أحد له دخل بذلك، ومنها ما هو نتيجة تسيب أو إهمال وعدم مبالاة من العاملين بالمستشفيات وبالتالي تختلف العقوبة الجنائية والتأديبية باختلاف الوصف الجرمي للفعل وهذا لا يعفي مسؤولية وزارة الصحة باعتبارها الرئيس الأعلى للمستشفيات والمستوصفات والتي من مسؤوليتها حراسة وحفظ المواليد وتسليمهم إلى ذويهم وهم في كامل صحتهم وعافيتهم، لذلك فهي تتحمل كامل المسؤولية في هذه القضية عن أي إهمال في متابعة ومراقبة الأطفال المواليد في قسم الحضانات التي لا يدخلها سوى الممرضات مع تقيدهن باشتراطات التعقيم وما شابه ذلك.. وأشار الى أن الإجراءات القانونية الواجب على الأسرة اتخاذها عند الشك بتغيير أو تبديل ابنها هو إبلاغ إدارة المستشفى بالواقعة ، لتحديد أسماء المواليد وعناوينهم في تلك الفترة من واقع سجلات المستشفى ومحاولة التحفظ على كافة المواليد في تاريخ الواقعة، وإبلاغ الجهات الرسمية( الشرطة ) بذلك، موضحا انه يتم إثبات هذا التبديل، عن طريق البصمة الوراثية والحمض النووي الذي شاع استعماله كثيراً في الوقت الراهن وأصبح من أهم وسائل الإثبات التي يتم اللجوء إليها عند التنازع حول إثبات نسب أو نفيه أو الشك فيه، وتمييز المواليد المختلطين في المستشفيات، حيث يمكن أخذ المادة الحيوية التي تستخرج منها البصمة الوراثية من الأجزاء التالية : الدم، المني، البول، اللعاب، جذر الشعر، العظم، السائل الأمينوسي للجنين، خلية من الجسم، خلية البيضة المخصبة بعد انقسامها، وهذه الوسيلة فضلاً عن كونها دقيقة وسريعة، فإنها لا تتعارض مع الشرع الحنيف حيث أقرها المجمع الفقهي الذي قام بتعريف البصمة الوراثية (بأنها البنية الجينية نسبة إلى الجينات أي المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينه)، مما يتعين اللجوء إليها بشرط أن يتم ذلك عن طريق الجهات المختصة بوزارة الصحة لإجراء التحاليل اللازمة بهذا الخصوص على أن لا يترك هذا الأمر على عواهنه من دون ضوابط أو معطيات تشير إلى حالة اشتباه، وبالتالي يؤمل من الجهات المختصة إصدار نظام بهذا الخصوص يحدد متى يمكن اللجوء إلى هذا العمل ووفق أي من الشروط. وفي حال حدوث خطف وتبديل بين المواليد فهم رجال الضبط الجنائي الذين يقومون بعملهم من إجراء التحقيقات اللازمة والمحاضر ومن ثم رفعها إلى الجهات القضائية المختصة . وقال الجرباء لقد حددت مادة نظام الإجراءات الجزائية القائمين بأعمال الضبط الجنائي وهم (أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام ومديرو الشرط ومعاونوهم وضباط الأمن العام ... الخ) . مؤكدا على أن الجهات أن تضاعف جهودها الأمنية في الوصول إلى الشخص الذي قام بهذا العمل غير الانساني والوصول إلى كل من ساعد أو حرض أو اشترك في هذه الجريمة حتى ينالوا العقوبة المترتبة.