إذا أردنا تعريف الكفاءة، أو الفعالية، أو جودة وتميز الخدمات، فلا حاجة إلى فتح كتب الإدارة، والغوص في أدبياتها كل ما علينا ان نقوم به هو فتح كتاب الميدان والبحث عن أمثلة واقعية .. خذ على سبيل المثال: في أحد البنوك، وبسبب التماس كهربائي، اشتغل جرس الانذار في الساعة الحادية عشرة صباحاً، لكن البوليس لم يحضر الا بعد العصر. وفي أحد البيوت وقف على الباب شخص يدعي أنه يريد قراءة العداد بعد صلاة العشاء، وعندما شك صاحب البيت بالأمر واتصل بالنجدة كان الرد من النجدة بالقول: ليس لدينا سيارة!. وحصل تصادم بل اعتداء من قبل عمال يقومون بمهنة غسيل السيارات في مواقف أحد المجمعات التجارية الكبيرة، على موظفي الأمن بهذا المجمع، وقرأت في رواية الخبر أن الشرطة لم تصل إلى موقع الحدث الا بعد ساعتين!! وفي البنوك حشد كبير من العملاء ولا يوجد سوى موظف واحد لخدمتهم مع أن سرعة الخدمة هي من الشعارات الدعائية التي تتنافس بها البنوك. وفي بعض الأجهزة يحضر المراجعون في الصباح الباكر قبل بدء ساعات العمل (الدوام) ثم يحضر الموظفون (الموظفات) ويستبشر المراجع بالحضور المبكر للموظف لكنه يتفاجأ بفترة راحة قبل العمل للفطور، وتبادل الأحاديث وعلى المراجع الذي حرص على الحضور المبكر لينينتهي قبل الزحمة أن ينتظر، وأن لا يتجرأ بالسؤال عن السبب.. وفي موقع عمل آخر، يغيب الموظف الذي يرتبط عمله بشكل مباشر بالمراجعين دون وجود بديل يقوم بعمله. وفي بعض المؤسسات يُقال لك إذا اتصلت هاتفياً اترك اسمك وهاتفك ليتم الاتصال بك، فتفعل ما طُلب منك، ولكن لا يتم الاتصال بك!!. تلك الصور السلبية ليست هي الغالبة وليست خاصة بمجتمع معين فقد روى لي أحد الأصدقاء أنه كان في إحدى الدول الأوروبية مع عائلته، وكان في أحد المطاعم لتناول وجبة الغداء، وطلب المقبلات والمشروبات، ثم بعد طول انتظار لم يحضر الطلب أو الطبق الرئيسي وعندما استفسر قال له الجرسون: "لقد نسي الطباخ طلبك" وعليك ان تختار إما المزيد من الانتظار، أو تدفع مقابل المقبلات والمشروبات وتمضي في سبيلك، ولكن الجوع جعله يختار الانتظار رغم اقتراح أحد ابنائه بأنها فرصة للمطالبة بالتعويض كما فعل الزبون في أمريكا الذي طالب بتعويض مالي لأن القهوة كانت ساخنة أكثر من اللازم. نعم كانت فرصة، ولكن إذا كنا سنطبق هذا المبدأ، مبدأ التعويض عن سوء الخدمة فإن وقتنا كله سيكون مخصصاً بشكل يومي للمطالبات ولن نجد وقتاً للعمل. وعندما يقرر العميل عدم المطالبة بالتعويض عن الخطأ، فهذا لا يعني أن يسكت فهناك طرق اخرى لرفض الأخطاء، والدفاع عن حقوق المراجعين والعملاء.. إن من حق المراجع سواء كان امام موظف عام، أو موظف من القطاع الخاص ان يحظى بخدمة تلبي احتياجات المراجع النظامية، وتحترم حقوقه كمراجع وكإنسان، وفي حالة الخدمات الميدانية مثل الاسعاف، وحفظ الأمن، ومهام الدفاع المدني، وحوادث المرور، فإنه لا يفيد المثل الذي يقول: "أن تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي على الاطلاق". فجزء من الثانية قد ينقذ إنساناً من الموت أو يمنع وقوع كارثة. وكما أشرنا هناك صور اخرى جميلة لا بد من التوقف عندها في مقالة اخرى سعياً إلى التذكير بأهمية جودة الاداء، الناتج عن الاخلاص، والتدريب، والإدارة الفاعلة، ومن أجل التثقيف والتوعية بحقوق المراجعين والعملاء وعدم السكوت عن التقصير والاخطاء.