ترى لم يفعلون بنا وبنبينا ذلك..؟ لم يكررونه بإصرار؟ ولم محمد عليه السلام بالذات؟ لقد هاج العالم كله من أجل تماثيل بوذا التي حطمتها طالبان، وما زالوا ينددون حتى بعد أن تم تحطيم أفغانستان بالكامل.. ثار اليهود والمسيحيون والهندوس والبوذيون والكنفوشوس وحتى الملاحدة.. من أجل تلك الحجارة، ثم ها هم يصمتون. فلم؟ إذا شتم يهودي بصفته اليهودية تقوم قيامة أوروبا وأمريكا، ولا تقعد تلك القيامة حتى ينال المجرم جزاءه.. ولذا استصدر اليهود من أمريكا وأوروبا قانونا يجرمون به كل من يمس اليهود دينا أو تاريخا أو حاضراً ولو بكلمة، أو يشكك في تاريخهم أو حتى أكاذيبهم وأساطيرهم. كنت قد قلت في مقال سابق عن (الآميش) أن هوليود انتجت أكثر من خمسمائة ألف فلم، أبرزت من خلالها أجمل ما في كل الحضارات والديانات حتى ولو كانت وثنية، إلا دين واحد هو الإسلام، وكل الشعوب إلا الشعوب المسلمة.. لكنني لم أتحدث إلا عن سبب واحد لتلك الإساءة والتي مبعثها أمران في نظري: الأول: أن القوم الذين رسموها ونشروها ليسوا ملاحدة، وليسوا لا دينيين. بل متدينون متعصبون، وهؤلاء هم أكثر الناس تعاطيا مع كتابهم المقدس بحذافيره. وفي هذه الحذافير تكمن الإشكالية. فالذي يتلى في الهياكل والكنائس وعلى المذابح هو غير المسكوت عنه، لأنه.. لا الكهنة ولا الباباوات، ولا غيرهم يجرؤن على قراءته، وسأضرب لكم مثالاً واحداً على ذلك المسكوت عنه الذي يحول من يقرؤه إلى شظايا في وجوهنا وأعيننا، ورسوما تنال من نبينا، لماذا، لأننا نحن فقط من كشف الزيف وقدم الروايات الموثقة.. لأن محمدا عليه السلام كشف المسكوت عنه، وهم يرون فشلهم من خلال نجاحه في ذلك. مثلا: نحن المسلمون نجل سيدنا داود عليه السلام، بل إن الله يطلب في القرآن من محمد عليه السلام أن يصبر على تهم المشركين وبذاءاتهم، كما صبر أخوه داود، ويصف داود بالأواب، فيقول تعالى في سورة (ص) 17: (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب) إذا فهذا النبي الكريم (داود) رمز وقدوة ولا أروع، بل إن محمدا صلى الله عليه وسلم وصف صلاته وصيامه بأفضل الصلاة والصيام، فقال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود: كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود: كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه - البخاري 3- 1257) ونحن نجل داود ونصلي ونسلم عليه اقتداءا بنبينا عليه السلام مؤمنين بكل ما قاله عن داود، أما هؤلاء المتعصبون فماذا يقولون عنه؟ ماذا يقولون عنه وهو بالنسبة لليهود نبي، وبالنسبة للمسيحيين جد إلههم؟ تأملوا ما سأنقله من أعظم كتبهم جميعا لتدركوا الفارق.. وسأعذركم إن أصبتم بالدهشة فلم تصدقوني. يقول كتابهم - باختصار- (أن داود كان يتمشى على سطح قصره، فالتفت إلى بيت جاره فرأى امرأة جميلة تستحم، فخلبت لبه، فأمر الحراس باختطافها وإحضارها، ثم قام باغتصبها، وبعد أشهر تبين أنها قد حملت منه، فسأل عنها وعن زوجها، فقيل له أنها (بتشابع بنت أليحام) زوجة وزير دفاعك (أوريا الحثي) الذي يحارب عنك كل هذه المدة، فلم يأبه بالأمر، بل قام بعمل (؟؟؟) حيث أمر الجنود أن يأخذوه إلى حيث تشتد المعركة، ثم يتركوه ليقتل، فينفرد بهذه الحسناء.. وتم تنفيذ المؤامرة فقتل أوريا المخلص، أما الكارثة الثالثة في هذه القصة، فهي أنهم يقولون أن سليمان عليه السلام، هو ابن هذا الحمل، أما الكارثة الرابعة والتي لا أدري كيف يتحملونها، فهي أنهم يقولون أن هذا المولود هو جد إلههم (يسوع) أي عيسى بن مريم) وهم يعترفون أيضاً أن لهذا المولود (سليمان) المولود أكثر من سبعمائة زوجة، وأكثر من هذا العدد من المحضيات.هذه قصة من عشرات القصص التي لا يجرؤون على تلاوتها في دور عبادتهم، أو التحدث عنها في غرف البالتوك التي يشتمون فيها نبينا محمد عليه السلام لأنه تزوج تسع نساء.. هذا مثال من عشرات الأمثلة، فماذا تتوقعون من قوم هذه هي بنيتهم اللاشعورية. السبب الآخر لهذا التشويه لنبينا عليه السلام: هو ما لا أمل من تكراره والاحتفاء به.. هو هذا الإقبال المذهل والمتسارع على الإسلام، فبعد أن كان البابا السابق قد رسم خططه ومشاريعه لكي تصبح أفريقيا مسيحية عام ألفين ( 2000م)، فوجيء العالم بسكرتير البابا الجديد يصرخ قائلا: أوقفوا أسلمة أوروبا..!!! كنا نتحدث عن اكتساح أفريقيا.. فما الذي يكتسحنا في أوروبا، إنه القرآن..!!! ولعلكم شاهدتم المقابلة التي أجريت في برنامج بلا حدود مع القس القبطي، الذي اعترف بأنه يسلم في مصر يوميا من ثمانين إلى مائتين يومياً، ويقول أنه يسلم سنويا أكثر من خمسين ألفاً، وأنه تم رصد إسلام أكثر من مليون. وبهذه المناسبة التعيسة (الرسوم الوقحة) أوجه رسالة قصيرة لعلماء المسلمين في أوروبا وما حولها ودون تحديد، وأرجوا أن يعذروني على قسوتي فأقول لهم: أيها العلماء.. ما أنتم ومن أنتم لو لم يبعث الله محمداً عليه السلام؟ لقد اكتسبتم احترامكم ومنزلتكم وألقابكم من منزلة نبيكم عليه الصلاة والسلام، ولولا كلام الله وسنة محمد لما لقبتم بالعلماء، ولما قبلنا رؤوسكم، ولما حظيتم بهذا الإجلال والتوقير والاحترام من الحاكم والمحكوم، فقفوا مع نبيكم ولو من باب رد الجميل، فهو يستحق الكثير والكثير، ليس بالاستنكار والردود فقط، أو بالمقاطعة استنانا بعمل سيد بني حنيفة رضي الله عنه الذي أقره النبي عليه السلام، بل بمشاريع تثقيفية تجلون بها شخصية نبيكم للعالم كله، مشاريع تترجم لكل لغات الدنيا، بدلا من إهدار الوقت بالجدل حول فتوى ما، أو تأليف كتب ضخمة حول مسألة فرعية لم تأتوا بها بجديد. حتى أنتم أيها الأدباء والنقاد.. في رقابكم دين للقرآن ولمحمد عليه السلام، فلولا القرآن لما جمع الشعر لتفسيره، ولما وجدت علوم، كالعروض والبلاغة والنقد وغيرها.. أما رسالتي لرجال الفكر وقراء العقل العربي والإسلامي، فأقول لهم: سلطوا نقدكم على ذلك التراث المسكوت عنه، فإنكم في سكوتكم عنه تمارسون نفاقاً ثقافيا لا مثيل له، وتساهمون في تزوير الوعي البشري باسم قراءة العقل، بل أنتم في الحقيقة مشاركون في زرع الفتنة بيننا وبين الأوروبيين، عندما تسكتون على تلك الكوارث والزيف، وتصبون جام غبائكم على القرآن والسنة حتى أصبتم بالإعياء والفشل، وصرتم مثارا للسخرية، ولعلي أختم بمثال على بعض المفكرين الذين يمارسون هذا التزييف للوعي وهو الكاتب (علي حرب) الذي ألف ثلاثة كتب عن نقد النص ونقد الحقيقة، فإذا بحثت عن النص لم تجد سوى القرآن، وليته سكت عن تلك النصوص الأخرى، لكنه تورط وفضح نفسه فأثنى عليها بطريقة لا عقلانية تنم عن عدم عمق عندما قال: (يفقد القرآن فرادته إذن وإعجازه إذا ما ترجم إلى لغة أخرى، ويتحول إلى مجرد تفسير بين التفاسير الكثيرة، بينما يمكن أن تقرأ الكتب المقدسة الأخرى في أية لغة كانت دون أن يفقدها ذلك خصوصيتها وفرادتها) حسنا قلت عن القرآن، ولكن يا علي حرب هل أتى بقصة داود المزيفة التي أوردتها، والقصص الدموية الأخرى التي لم أذكرها والتي تعشعش في رؤوس القوم، إلا تلك التراجم التي لا يعرف من قام بها، ولا متى، ولا حتى ديانته أو إيديلوجيته، وهل ولد ذلك اللا شعور السيء عند أولئك المتعصبين إلا تلك القصص المزيفة.. أي فرادة يا أستاذ تبقى بعد كل هذه الجهالات المظلمة، وأي خصوصية والكاتب مجهول، والمترجم مجهول، والنص المترجم عنه مجهول، ولغة النص الأصل مفقودة. والمصادر لا تعد ولا تحصى؟ أية خصوصية في ترجمات عمياء كتلك.. تخلص من أميتك يا (علي حرب) واقرأ عن مترجم الكتاب المقدس (ويليم تندال) إلى الإنجليزية والمعتمدة اليوم، وماذا كان مصيره تجاه ذلك العمل، لتتعرف إلى ضحالة نقدك للنص، ونقدك للحقيقة. ألست تمارس تزييفا للوعي ومداهنة رخيصة وبكلمات لا تسعفك.