بادئ ذي بدء لا يمكن اختزال الحديث عن ذلك في مقال تحكمه ظروف الاخراج ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، لذا سوف أركز على ثلاثة أمور أرى انها تحظى بأهمية بالغة تمثل انطلاقة خلاقة لبحث أوسع. أولاً: السياسة الائتمانية: انطلق نشاط البنك الائتماني منذ أكثر من أربعين عاماً بلغ تمويله خلالها أكثر من 39مليار ريال قروض وأكثر من 13مليار ريال إعانات وتهدف السياسة الائتمانية في البنك إلى المساهمة في التنمية الزراعية وبالتسهيل على المزارعين وتحقيق مفهوم التنمية المستدامة لأفراد المجتمع وكذا تحقيق معدلات جيدة من سرعة دوران رأس المال من خلال الاقراض وفقاً لضمانات مختلفة والحفاظ على سيولة نقدية وشبه نقدية تحافظ وتدعم المركز المالي للبنك. ان المتتبع لهذه السياسة يرى انها مرت بمراحل متفاوتة على مدى نشاط البنك من زيادة مفرطة في التمويل مقروناً بضعف استخدام الضمانات من الناحية العملية في سبيل تحقيق هدف البنك في المساهمة في التنمية الزراعية التي لها أثر اقتصادي واجتماعي مباشر، إلى تقييد التمويل من خلال استخدام فعال للضمان أو وضع ضوابط جديدة ويظهر ذلك جلياً في إعادة الاقراض رغم وجود أقساط مستحقة طالما قدم المقترض ضماناً آخر كوجود مستحقات له لدى الصوامع، وكذلك في القروض التشغيلية إذا ما قدم المقترض ما يفيد بوجود مدخلات له لدى الصوامع، إلا ان هذه الضمانات لا يتم تحقيقها في كل الأحوال، ولقد تطورت هذه السياسة إلى تخصيص 70% من الارتباط للقروض التي في حدود 200ألف ريال وتمويلها بنسبة 100%. ويتجه البنك حالياً إلى فتح مجالات أخرى للاقراض لعل أهمها إعادة إقراض الجمعيات التعاونية. ومن نافلة القول ان سياسة البنك الائتمانية انعكست إيجاباً على تطور أداء القطاع الزراعي بالمملكة وكان البنك سبباً رئيساً في النهضة الزراعية، ونعتقد ان طرق البنك مجالات أخرى في الاقراض أصبح أمراً ملحاً تفرضه مبادئ التجارة العالمية "العولمة"، فضلاً عن الاستراتيجية العامة للمياه، لذا فإن التزام البنك بدراسات جدوى اقتصادية للقروض الجديدة من جهة ودعم المزارعين في القرى والأرياف كهدف اجتماعي من جهة أخرى قد يكون ذا أولوية قصوى في هذه المرحلة من وجهة نظري المتواضعة. كما ان وضوح السياسة الائتمانية وإدراكها للجميع يساهم بدرجة كبيرة في انجاحها. ثانياً: الاستثمار لا يخفى على أي محلل للمركز المالي للبنك انه يتمتع بوضع جيد من ناحية توفر سيولة نقدية وشبه نقدية وهي التي يسهل تسييلها في فترة وجيزة. والبنك يستثمر أغلب أمواله في سندات التنمية الحكومية وأذون الخزانة وهذه يجب أن يؤخذ في الاعتبار انه قد يتم تصفيتها أو تخفيضها في ظل الوضع المالي الجيد لايرادات الدولة، ولذا فإن المأمول أن يسعى البنك وبجدية إلى تنوع استثماراته بفتح مجالات استثمارية أخري كالدخول في الاكتتابات الأولية للشركات المساهمة أو المساهمة بمبلغ القرض في الشركات الزراعية الواعدة أو المستثمرين وفي ذلك تحقيق مصلحة مشتركة للطرفين وبما لا يؤثر على التزام البنك في التسهيل على المزارعين. ثالثاً: التنمية البشرية إن إدارة أعمال البنك وفقاً لمفاهيم جديدة تتطلب كوادر بشرية ذات كفاءة عالية ولديها القدرة على بذل العناية المهنية الواجبة، والمتمعن في واقع البنك رغم الجهود المبذولة يرى أن التدريب يكون في الغالب حسب رغبة الموظف - وهي رغبة مشروعة - والتي تتجه إلى هدف الاستفادة من التدريب لغرض الترقية. وإن إعادة تأهيل الموظف بما يتواءم مع متطلبات الفترة الحالية والمستقبلية للبنك قد يكون الحل الأفضل للبنك بالاضافة إلى المحافظة على الموظف الكفء، مع مراعاة ان المحافظة على الموظف الكفء يتطلب توفر مزايا مالية للموظف وبنود كافية للتدريب مع أهمية التركيز على التدريب على رأس العمل. واعتقد ان البنك مؤسسة مالية كبرى يتمتع بمركز مالي قوي وإدارة مخلصة قادرة على تحقيق ذلك ونحن متفائلون عقب اقرار مجلس الشورى لنظامه الذي تم الكشف عليه مؤخراً. * مدير إدارة المراقبة المالية بالبنك الزراعي