من التقاليد الاجتماعية التي تنقلها إلينا شوارد الشعر فيما يتعلق بالملابس وزينتها اهتمام المرأة بتجميل ملابسها، فهي عملية منافسة بين الفتيات أيهن تبدع لوناً متميزاً من صنعة يديها، فلا مشاغل للتفصيل أو الخياطة ولا نماذج معينة ولا تسهيلات للحصول على المواد الفنية من خرز وحرير ونحوها، وإنما هي معامل متحركة تصاحبهن في المرعى وفي المنزل وأينما وجدت الفتاة فراغاً. لقد أدركت في قريتنا بوادي الصفراء طرفاً من ذلك، حينما كان سوق القرية يوفر شيئاً من ذلك أو يقوم المسافرون إلى المدينةالمنورة أو ينبع البحر باحضاره وفق الصورة التي يعبر عنها البيت التالي: دادي دويدي داد إسمع وصاتي هات لي رصاص جلال ما هو دقيسي ودادي التي تدللني بها ابنتي اليوم اقتباساً من الحضارة الغربية كانت تطلق على الموالي، وهذه الفتاة التي نسب إليها هذا البيت من الشعر كان مولاها مسافراً إلى المدينة فطلبت منه احضار رصاص وهو نوع يشبه التل المعدني رصاص على شكل خرز منه الجلال كبير الحجم، ومنه الدقيسي صغير الحجم. وكانت تزين به أشياء كثيرة منها أحزمة تتمنطق بها البنات، وبراقع وعباءات نسائية وغيرها من الأوعية، والرصاص سهل التطويع ولونه الفضي يناسب الرداء الأسود ونحوه من الألوان، وإلى جانب الرصاص يستخدم الخرز الملون صغير الحجم وكذلك التل الذي يستخدم إلى جانب الرصاص يقول الشاعر: نبغي حرير الشام لاءجل المخاويل والتل لا تنساه خله في بالك والمخاويل تطريز بالرصاص والتل للعباءة النسائية (قناع. شاش( يمتد التطريز رأسياً على العباءة من قمة الرأس حتى ملتقى الردفين حيث يلتقي بتطريز أفقي من النوع نفسه، ويستخدم ذلك التطريز في البراقع التي تختلف أشكالها من قبيلة إلى أخرى وبخاصة في منطقة ما بين الحرمين الشريفين، من قبائل حرب وسليم. ومثلما يستخدم التل والرصاص والحرير والخرز هناك الودع وأنواع العملات النقدية وبخاصة في البراقع والأوعية الجلدية مثل المذاخر للبارود والحساكل للنقود والبن والهيل والعياب لحفظ المواد الغذائية والأدوات المنزلية. وميزت ثياب الرجال بالتطريز بخيوط الحرير في الصدر وعلى المنكبين والياقات وسائر المخيط واشهرها تطريز (العريجة( والذي لتعرجه يتطلب مهارة صناعية دقيقة ويسمونها المشالي: يامحمد سعيد ياابو مشالي دقاقة جرحي عيا يطيب والمال تحت الوساقة وللنساء تسمى المشالي شبيكة واكثر ما يستخدم هذا التطريز في الصدريات: ياابو صديرية على الصدر شبكى واقوم واقف وانثنى واقعد ابكى وحرفا السين والصاد يتداخلان ويتبادلان المواقع في نطق سديرية وصديرية. ومن أنواع الأقمشة التي يتباهى بها الفتيان الملّة، تفصل منها ثياب للفتيان، والملة قماش بين الأصفر والأحمر: هلي ياهلي ما فصلوا ثوبي الملَّة دقيق المشالي لا لبسته يضفيني ويراعى السن والجنس في اللباس فالعباءة للنساء وتكون ضافية وعريضة وعليها مخاويل (تطريز( عريضة أما البنات فعند سن الزواج خمار ضاف وتطريزه لا يكون عريضاً وقد لا يكون مطرزاً وحتى العباءة النسائية ليس من الضروري تطريزها، أما البنات الصغيرات ما فوق سن الخمس سنوات فيرتدين خماراً ليس ضافياً ويسمى البخنق ويبدأ صغيراً ويكبر حسب سن الفتاة فهو يثبت حول الراس ليغطي الشعر والأذنين ويلتقي طرفاه من الأعلى تحت الذقن، حتى إذا ما بلغت الفتاة سن الحجاب جيء لها ببخنق من طرقتين (قطعتين( من القماش، ويبقى الشكل كما هو إلا أن التقاء الطرفين من الأعلى يكون فوق الانف أو فوق الشفة العليا قال الشاعر: والبخنق اللي تلبسه طرقتين فوق الشفايا والثمان المناظيم وطرقتان أي قطعتان والثمان المناظيم هي مقدمة الأسنان. ولعل لنا عودة إلى هذا الموضوع.