إذا كنت تنوي أن تتعرف على صديق صيني، وفي ذات الوقت كانت لك علاقة مودة مع صديق آخر تايواني، فينبغي أن تكون على حذر لأن العلاقة بين الصين وتايوان تشهد اضطراباً وحرب سيادة باردة -وساخنة أحياناً - منذ سنوات عديدة. قد أبدو غريباً وأنا أطرح هذا الطرح غير المهم بالنسبة لك، ولكن انتبه مرة أخرى فأنت تهمّش صراعاً سياسياً وثقافياً طويل المدى بين البلدين والشعبين وتتعامل معه بسطحية مستفزة لكل منهما. هذا المثال الفانتازي ينطبق على تعاملنا مع الفن الغربي أو الشرقي أو أياً كان اتجاهه من حيث تقييمنا لأفكاره ومضامينه. فحين نشاهد فيلماً أمريكياً يقدم بطل الفيلم على أنه يهودي الديانة، نظهر حنقنا الشديد على المخرج والممثل وطاقم العمل ككل لمجرد أن لدينا مشكلة عويصة مع إسرائيل. حسناً نحن نعاني من مشكلة مزمنة على ما يبدو مع إسرائيل، ولكن ما دخل المخرج الأمريكي الذي يكوّن اليهود والعرب جزءاً من نسيج بلده الاجتماعي والسياسي دون أن يعني ذلك بالضرورة أن يتخذ موقفاً تجاه قضية صراعنا معهم!. وهنا أعود للمثال أعلاه في أول المقال: تخيل لو أن الصين اتخذت ذلك الموقف الصارم تجاه أي دولة في العالم تتعامل مع تايوان أو تتعاطى معها بشكل من الأشكال!. هل يبدو لك هذا التصرف منطقياً؟!. بالنسبة لي بالطبع لا، لأن ما يحدث بين الصين وتايوان لا يعنيني كعربي بشيء ولا يعني تعاملي مع كلا الطرفين بصداقة أو مودة أو مصلحة أنني أتخذ بالضرورة موقفاً من الصراع الدائر بينهما. جرّب عزيزي القارئ أن تقيم المخرجات الفنية والثقافية الصادرة عن أي ثقافة في الأرض بهذا المقياس وستشعر حتماً أنك أكثر ارتياحاً في تعاطيك معها دون أن تشعر بضغط المقياس العربي الشهير: مع أو ضد!.