اكد وزير الدفاع الأميركي بيل غيتس ليل أمس ان العمليات العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان ستصل تكاليفها الى 170مليار دولار على مدى السنة المالية المقبلة التي تنتهي في أواخر شهر سبتمبر (ايلول) 2009.ويضاف هذا الرقم الى مبلغ ال 515.4مليار دولار الذي طلبته ادارة الرئيس جورج بوش من الكونغرس في مطلع الأسبوع الجاري كميزانية لوزارة الدفاع للسنة المالية المقبلة، وهي أكبر ميزانية عسكرية في تاريخ الولاياتالمتحدة على الإطلاق. وجاء هذا الطلب في أعقاب اصدار مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي قبل أسبوعين تقريراً جاء فيه أن نفقات العمليات العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان تتزايد سنوياً بصورة مطردة، فبعد أن كانت بلغت حد ال 83مليار دولار سنويا منذ العام 2003وحتى العام 2005، فإنها ارتفعت الى 120مليار دولار في العام 2006و 171مليار دولار في العام 2007، ومن المتوقع أن تصل قبل نهاية هذا العام 193مليار دولار. وقال التقرير إن مجموع ما أنفقته ادارة بوش على حروبها في العراق وأفغانستان وما تسميه بالحرب على الإرهاب منذ 11سبتمبر 2001بلغ ما يناهز ال 700مليار دولار. ولكن ما هال الأميركيين في التقرير الجديد لمكتب الميزانية في الكونغرس، وهو مكتب محاسبة مستقل للحكومة الأميركية، هو أن جميع تكاليف حربي العراق وأفغانستان يتم خوضها على "الكريديت كارد" (بطاقة الائتمان) التي تضع الحكومة الأميركية نفقاتها الاضافية عليها. ويأتي ذلك بسبب رفض حكومة بوش رفع الضرائب على الأميركيين لتمويل مغامراتها العسكرية. وكان غيتس قد أدلى بتصريحه عن حجم ما تطالب به وزارته لتمويل حربي العراق وأفغانستان في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي يوم أمس، محذرا من أن هذا الرقم لن يكون نهائيا. وحين سئل إن كان هذا سيعني أن ميزانية الدفاع الأميركية الشاملة للسنة المالية المقبلة ستصل الى حوالي 685مليار دولار، بما في ذلك نفقات الحرب في العراق وأفغانستان، رد بالإيجاب، مضيفاً أنه "لا يثق كثيرا بدقة هذا الرقم". وأوحى ذلك، كما درجت العادة منذ بداية الحرب في العراق في العام 2003بأن الرقم مرشح للارتفاع. يذكر أن ادارة بوش درجت على طلب مبالغ ميزانية فرعية منفصلة عن ميزانية وزارة الدفاع لتمويل حربيها في العراق وأفغانستان منذ غزو العراق في ربيع العام 2003.وجاء في تقرير مكتب الميزانية في الكونغرس السابق الذكر أنه منذ هجمات 11سبتمبر 2001على الولاياتالمتحدة "وقع الكونغرس شيكات للحكومة الأميركية بمبلغ كلي قدره 691مليار دولار للإنفاق على الحرب في أفغانستان والعراق وأنشطة ذات علاقة مثل إعادة إعمار العراق وغير ذلك". وبصورة عامة، قال تقرير المكتب إنه تم إنفاق مبلغ 440مليار دولار على غزو العراق والحرب المستمرة منذ ذلك التاريخ، وهي الحرب التي شُنت أساسا على أساس تطهير العراق من أسلحة الدمار الشامل التي لم يُعثر لها على أي أثر في العراق. وذكر التقرير أرقاما هائلة بالنسبة الى حجم الدين العام للحكومة الأميركية والتي تساهم حربا العراق وأفغانستان في زيادتها بصورة هائلة شهريا. وقال إن تكاليف هذه الحرب - التي تبلغ 11مليار دولار شهريا - "تضعها حكومة بوش على بطاقة اقتراضها الحكومية كلها تقريبا". وأضاف التقرير ان هذه النفقات قد فاقمت من مجموع الدين العام على الحكومة الأميركية الذي أصبح يبلغ الآن 9تريليونات دولار، مع أنه لم يكن أكثر من 5.6تريليونات دولار حين تولى بوش السلطة في يناير من العام 2001.ويقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن هذا يعني أن مجمل الفوائد السنوية التي تدفعها الحكومة الأميركية على ديونها العامة تبلغ الآن 243مليار دولار سنويا، فضلا عن العجز في الميزانية الاميركية المتوقع ان يصل الى 250مليار دولار هذا العام. وقال المكتب في تقريره انه اذا لم يتم ايجاد حل لتقليص هذا الدين، خصوصا اذا تواصل نشر القوات الاميركية في العراق لفترة طويلة، فإن مجموع ما ستدفعه الولاياتالمتحدة من فوائد فقط على ديونها الحالية العامة سيصل الى 2.7تريليون دولار على مدى العقد القادم. وعلى صعيد آخر وصل وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ونظيرته الاميركية كوندوليزا رايس امس الى قاعدة قندهار الجوية جنوبافغانستان الواقعة في قلب منطقة تمرد طالبان. وكان ميليباند ورايس وصلا الى كابول في زيارة مفاجئة لافغانستان. وقالت رايس للصحافيين الذين رافقوها الى كابول "بصراحة آمل في مساهمات اكبر بالقوات" من قبل دول التحالف. واضافت "نحتاج الى مساهمة اكبر في القوات من جانب افغانستان ايضا". وعقد وزراء الدفاع في حلف شمال الاطلسي اجتماعا في فيلنيوس في محاولة لاستعادة التلاحم بشأن افغانستان، بينما تعزز الولاياتالمتحدة ضغوطها ليزيد حلفاؤها مساهمتهم في القوة الدولية للمساعدة على احلال الأمن في افغانستان (ايساف) لمواجهة تمرد حركة طالبان. وردا على سؤال حول ما يمكن ان يحصل اذا لم ترسل الدول الاخرى في الحلف تعزيزات، قالت رايس "في كل الاحوال، ستشهدون مزيدا من المساهمات في القوات". واضافت ان "المشكلة هي التأكد من انها القوات المناسبة في المكان المناسب". وتابعت رايس ان "ما نحتاج اليه ليس عددا هائلا من الجنود بل مساهمة في الجهد الذي يمكن للحلف الاطلسي تقديمه". واوضحت ان وزير الدفاع روبرت غيتس سيسعى لتحديد حجم التعزيزات المطلوبة خلال اجتماع فيلنيوس. من جهته، قال ميليباند ان جهود الاسرة الدولية من اجل احلال الاستقرار في افغانستان تدخل "مرحلة جديدة" ستجمع بين العمليات العسكرية وتحركات اخرى على الصعيد السياسي والتنموي. من جانبه اعتبر تقرير اعده مجلس سنليس وهو مجموعة للبحوث والتفكير أمس الأول، ان عجز الحلف الاطلسي عن توفير الامن في افغانستان يجعل من "غير الواقعي تماما" احتمال اجراء انتخابات رئاسية في هذا البلد في ربيع 2009.وقال المدير الكندي لمجلس سنليس الماس باوار زاكيوال ان "تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة سيكون مستحيلا اذا لم يشهد الوضع الامني تحسنا كبيرا، وسيؤدي ذلك الى تسلم حركة طالبان الاشراف على الأمن في الجنوب". واضاف لدى تقديم هذا التقرير انه لا تتوافر لدى كل بلدان الحلف الاطلسي الارادة السياسية لحل المشاكل الأمنية الكبيرة التي تواجهها افغانستان. واكد ان "اربعة بلدان فقط تتصدى لطالبان في افغانستان، وهي كنداوالولاياتالمتحدة وبريطانيا وهولندا"، موضحا ان "من غير الملائم القول ان الحلف الاطلسي بكامل اعضائه يدعم حكومة كرزاي". وحيال هذا الوضع، اوصى بطرح مسألة الاستقرار في افغانستان ودعم حكومة كرزاي في مجلس الامن من جديد، لزيادة قوات المجموعة الدولية في البلاد والسماح باجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في ابريل - مايو 2009.ويوصي المجلس ايضا بزيادة عناصر المجموعة الدولية الى 80الف رجل، و"رفع القيود الوطنية التي تمنع ارسال قوات الى الجنوب" لمحاربة طالبان.