لو ذهبتَ إلى جدة ولم تزر مدينة الطيبات العالمية للعلوم والمعرفة، فإنك ربما تفقد عنصراً من عناصر المتعة والجذب الثقافي والحضاري الذي تتمتع بها مدينة جدة، والتي تتركز في شاطئها الجميل ومناظرها الرائعة، وبنسمات بحرها المنعشة في معظم فصول السنة، وخاصة في فصل الشتاء. وإذا سنحت لك الفرصة، وكنت محباً لأحياء جدة القديمة ومتاحفها، فإن من المناسب زيارة مدينة الطيبات التي يقع فيها بيت عبدالرؤوف خليل التراثي او ما يطلق عليه متحف عبدالرؤوف خليل. صُمم هذا البيت او المتحف على الطراز الإسلامي بلونه الأبيض الجميل، وشكل الخشب الذي تتزين به أبوابه وشبابيكه وسلالمه مما يضفي عليه أصالة تراثية مع زخرفة إسلامية رائعة. ورغم أنني زرت هذا البيت التراثي منذ فترة طويلة، إلا أن أثره في نفسي كبير جداً، ويصعب أن أذكر جميع ما يحفل به هذا الصرح الحضاري الرائع. وبيت عبدالرؤوف خليل التراثي هو جزء من مدينة الطيبات التي تتكون من المسجد ومبرة الطيبات الخيرية والمكتبات ومراكز المعلومات، ومركز تدريب الموهوبين. وهذا البيت مصمم على نمط بيوت جدة القديمة التي كانت موجودة في حي السبيل، وحارة المظلوم.. الخ. وفي البيت التراثي أو المتحف كثير من الأشياء المهمة مثل الجناح الذي يجسد كفاح موحد البلاد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - لاستعادة ملك آبائه وأجداده، ونشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في أجزاء المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف. وهناك جناح جمعت فيه بعض الأحجار الكريمة والمعادن، وهناك أجنحة خاصة لعشاق الفنون التشكيلية، بالإضافة الى بعض اللوحات الجميلة من الفنون العالمية. وقد حظي التراث الإسلامي بمزيد من الاهتمام، حيث يوجد أكثر من جناح للتراث والفنون الإسلامية مع التركيز على تراث المملكة العربية السعودية. وهناك قسم او أجنحة لعلم الفلك والعلوم الأخرى، وما تحفل به الأرض من تنوع أحيائي، بالإضافة الى تاريخ الحضارات القديمة. ولا يمكن أن أنقل في هذه العجالة ما يحتويه هذا البيت التراثي او المتحف الرائع لمحب التراث الأستاذ عبدالرؤوف خليل الذي استطاع أن يضع في هذه الأرض الطيبة نفحات من عشقه وإبداعه وذكرياته ومتابعته وقدرته على نقل ما اختزنه في ذاكرته الى متحفه وبيته التراثي الجميل. إن مدينة الطيبات وما يوجد فيها تحكي قصة حب وعشق وإبداع ليس لمدينته الجميلة: جدة فقط، ولكن لمجمل ما تنبض به بلادنا الغالية من حب وشغف وعظمة بتراثنا الإسلامي العريق. آمل للرجل الذي أسس مدينة الطيبات والمعرفة ان يمتعه الله بالصحة والعافية.. وأن يحرص السياح والزوار لمدينة جدة على التعرف على ما يحفل به هذا البيت التراثي وما حوله من واقع كأنه خيال من الماضي الذي يستشرف آفاق المستقبل في مملكة الخير والإنسانية. والله ولي التوفيق.