كيف استطاعت مجلة العربي ان تستمر في الصدور على مدى نصف قرن دون توقف؟ كان هذا هو السؤال البسيط هو السؤال المحوري الذي دارت حوله نقاشات نخبة من المثقفين العرب الذين دعتهم تلك المجلة الرائدة احتفالا بيوبيلها الذهبي في الكويت مؤخرا. كان كل محاضر في تلك الندوة تقريبا يبدأ محاضرته بذلك السؤال قبل أن ينحاز لموضوعه في دائرة البحث عن كل ما يتعلق بتلك المجلة التي صدرت في الكويت عام 1958وما زالت تصدر محافظة على رونقها القديم مع كثير من الإضافات التي أضافها كل رئيس تحرير من الرؤساء الثلاثة الذين تعاقبوا عليها بعد وفاة رئيس تحريرها الأول الدكتور احمد زكي. ورغم ان قلة من محاضري تلك الندوة والمشاركين فيها أجاب على السؤال المحوري بشكل دقيق بعيدا عن المجاملات التي تسود في تلك المناسبات عادة، إلا أنهم اجمعوا على أهمية أن تبقى المجلة مستمرة في الصدور حتى بعد ظهور الكثير من المجلات الثقافية العربية الأخرى والتي قد تبدو بالنسبة للبعض أكثر شبابا وحيوية وانتماء للعصر من المجلة الخمسينية. شخصيا أرى أن مستقبل أي مطبوعة مرهون بمزاج قرائها أولا، فإن أرادوا لها البقاء استمروا في قراءتها مما يجعل من أمر إيقافها من قبل المسؤولين عنها مسألة صعبة للغاية، وإن أرادوا لها أن تغير سياستها فعلوا ذلك بمجرد إشعار محرريها برغبتهم تلك عبر مدى إقبالهم على شرائها.. وبالتالي فمجلة العربي، على سبيل المثال، مستمرة في الصدور ليس لأن المسؤولين فيها يريدون ذلك، وحسب، بل لأن طلبات زيادة عدد النسخ ما زالت في تصاعد من قبل جميع مراكز توزيعها في معظم البلاد العربية. وهذا ينطبق على بعض المجلات الثقافية الأخرى، ولكنه لا ينطبق على مجلات عريقة أخرى يتباكى البعض منا، تحت وطأة الشعور بالحنين مثلا، عليها كلما لاح شبح موتها... فالمجلات الناجحة وحدها تستحق الاستمرار...