يشهد قطاع توصيل الطعام في المملكة العربية السعودية نموًا غير مسبوق، مدفوعًا بالتحول الرقمي السريع وتغير أنماط الاستهلاك نحو المزيد من الراحة والمرونة. فمن المتوقع أن يرتفع عدد مستخدمي الإنترنت عبر الهواتف المحمولة في السعودية بمقدار 5 ملايين مستخدم بين عامي 2024 و2029، مما يعكس نموًا بنسبة 22.17% خلال هذه الفترة. أصبح اليوم الطلب عبر التطبيقات الرقمية الوسيلة الأساسية للمستهلكين. حيث أصبح الاعتماد على الخدمات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. كما أن ظهور المطابخ السحابية وخدمات التجارة السريعة (Quick Commerce) أسهم في تغيير توقعات المستهلكين، حيث باتوا يبحثون عن خدمات أسرع وأكثر كفاءة. لطالما هيمنت منصات مثل "هنقرستيشن" و"جاهز" على السوق، حيث استحوذت "هنقرستيشن" على أكثر من 50% من الحصة السوقية في بعض المدن الكبرى، بينما شهدت "جاهز" نموًا بارزًا بعد إدراجها في السوق المالية السعودية (تداول) عام 2022، ما رفع قيمتها السوقية إلى نحو 8.9 مليار ريال سعودي. ومع ذلك، فإن دخول "كيتا" إلى السوق أضاف بُعدًا جديدًا للمنافسة، حيث قدم نموذجًا يركز على المستهلك من خلال إزالة العوائق التقليدية مثل رسوم التوصيل المرتفعة، وتقديم توصيل مجاني غير محدود، وعروض حصرية مع أكثر من 25,000 مطعم، تشمل علامات تجارية عالمية ومطاعم محلية بارزة. منذ أكتوبر الماضي 2024، احتل "كيتا" المرتبة الأولى كأكثر تطبيق تحميلًا في فئة الأطعمة والمشروبات على متجر Google Play و App Store في السعودية، متفوقًا على جميع التطبيقات الاخرى واستمر في الصدارة حتى وقت كتابة هذا المقال. هذا الإنجاز يعكس الإقبال الكبير على المنصة وثقة المستهلكين بها، مدعومًا بنموذجها الفريد الذي يركز على الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة العروض الحصرية، وتجربة المستخدم الفائقة، ما يعكس الطلب المتزايد من قبل المستهلكين السعوديين على تجربة توصيل أكثر كفاءة ومرونة. هذا النمو السريع يعكس التحولات في سلوك المستهلك الذي بات يبحث عن خدمات تلبي احتياجاته دون تكاليف إضافية أو تعقيدات غير ضرورية. مقارنة بالمنصات الأخرى، نجح "كيتا" في تقديم تجربة مبسطة وسلسة، حيث أدى نموذج عمله الذي يعتمد على التوصيل المجاني والتوصيل السريع إلى جذب فئة واسعة من المستخدمين الذين يفضلون خدمات فعالة من حيث التكلفة. كما أن انتشاره السريع في عدة مدن يعكس قدرة المنصة على تلبية الطلب المتزايد في المملكة، مما يعزز من موقعها كمنافس قوي في قطاع التوصيل الرقمي. في سوق يشهد تطورًا سريعًا، تعتمد الشركات على المنافسة لتحفيز الابتكار وتحسين الخدمات. توفر "كيتا" تجربة مستخدم مبنية على السرعة والمرونة، حيث تضمن شبكتها اللوجستية التي تضم أكثر من 30,000 سائق توصيل تنفيذ الطلبات بكفاءة غير مسبوقة في السعودية. توسع "كيتا" السريع من الرياض إلى جدة، مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، مع خطط لدخول مزيد من المدن السعودية، يعكس التزامها بمواكبة الطلب المتزايد في مختلف المناطق. في ظل وجود عدة لاعبين، يستفيد المستهلك السعودي من تحسين الأسعار، خدمات أسرع، وتجربة استخدام أكثر مرونة، حيث يدفع التنافس بين الشركات نحو تحسين التطبيقات، توسيع خيارات المطاعم، وتقديم مزايا حصرية مثل نموذج "كيتا" القائم على إلغاء رسوم التوصيل والاشتراك. أصبحت التكنولوجيا عنصرًا محوريًا في تطوير قطاع توصيل الطعام، حيث تعتمد العديد من الشركات على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لتعزيز الكفاءة وتقديم تجربة أكثر تخصيصًا للعملاء. وفي هذا الإطار، تستفيد "كيتا" من البنية التكنولوجية المتقدمة لشركتها الأم "ميتوان" في تحليل أنماط الطلب وتحسين أوقات التوصيل، ما يعزز من قدرتها على مواكبة متطلبات السوق المتنامية في المملكة. في الوقت ذاته، يتجه القطاع عالميًا نحو استكشاف حلول مستقبلية مثل الطائرات بدون طيار والروبوتات، والتي يُتوقع أن تشكل جزءًا متناميًا من عمليات التوصيل خلال السنوات القادمة. وتشير التقديرات إلى أن سوق التوصيل الذاتي – بما يشمل الروبوتات والطائرات بدون طيار – قد يتجاوز 6.2 مليار دولار عالميًا بحلول عام 2030، مما يعكس توجّهًا متزايدًا نحو الأتمتة بهدف تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف التشغيلية. بشكل عام شهد قطاع توصيل الطعام عالميًا نموًا هائلًا، حيث تجاوزت إيرادات السوق حاجز التريليون دولار في عام 2023، وفقًا لبيانات Statista، ويُتوقع أن تواصل هذه الإيرادات نموها لتصل إلى حوالي 1.85 تريليون دولار بحلول عام 2029. يشمل هذا النمو كلًا من توصيل الوجبات والمواد الغذائية، ويعكس تحولًا جوهريًا في سلوك المستهلكين وزيادة الاعتماد على المنصات الرقمية، إلى جانب الاستثمارات الكبيرة في تحسين تجربة المستخدم والخدمات اللوجستية. تتماشى هذه الاستثمارات مع رؤية السعودية 2030، التي تركز على التحول الرقمي، ودعم القطاعات غير النفطية، وتعزيز بيئة ريادة الأعمال. من خلال توسيع عملياتها واستثماراتها، تساهم "كيتا" في خلق فرص عمل جديدة، وتحسين البنية التحتية الرقمية، ودعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الخدمات اللوجستية والمطاعم. كما أن دعم القطاع من خلال التقنيات الذكية والاستثمارات يعزز من استدامته، ما يجعل المملكة بيئة جاذبة لمزيد من الشركات الناشئة والمستثمرين العالميين. مع استمرار السوق في التطور، يبرز تساؤل حول الاتجاه المستقبلي للصناعة، وهل سيشهد السوق اندماجات بين اللاعبين الكبار لتعزيز حصتهم، أم أن المزيد من المنافسين الجدد سيواصلون تقديم نماذج أعمال مبتكرة تغير قواعد اللعبة؟ كيف ستؤثر التطورات التكنولوجية والاستثمارات المتزايدة على طبيعة الخدمات خلال السنوات القادمة؟ وما هو الدور الذي ستلعبه رؤية 2030 في توجيه القطاع نحو المزيد من الابتكار والاستدامة؟ في ظل هذه التحولات، يبدو أن المستهلك السعودي هو الرابح الأكبر، حيث تستمر المنافسة في دفع معايير الخدمة إلى مستويات أعلى، مع تحسين الكفاءة وخفض التكاليف. وبينما تمضي المملكة قدمًا في استراتيجيتها للتحول الرقمي، يظل قطاع توصيل الطعام واحدًا من أكثر القطاعات ابتكارًا، حيث تقود شركات مثل "كيتا" مرحلة جديدة من التوسع والتميز في تجربة المستخدم، ما يعيد تعريف مشهد التوصيل في المملكة.