الرياض هي القلب النابض للمملكة العربية السعودية، وهي مدينة تنبض بالنمو والطموح والابتكار، وفي ظلِّ التوسع الحضري المتسارع، يبرز لنا تحدٍ ملح هو إدارة النفايات؛ حيث تنتج الرياض حوالي 8 آلاف طن من النفايات الصلبة يومًيا، وعلى الرغم من جهود الحكومة التي أطلقت عدة مبادرات لتعزيز إعادة التدوير وفصل النفايات، فإنَّ جزءًا كبيرًا من المسؤولية كذلك تقع على عاتق السكان. إنَّ الممارسات البسيطة، مثل: رمي النفايات في حاويات غير محكمة الإغلاق، أو ترك المخلفات في الأماكن العامة؛ تؤدي إلى مشكلات بيئية وصحية وإدارة النفايات بشكل غير صحيح تلوث الهواء وتلوث مصادر المياه وتشكل بيئة خصبة للحشرات والقوارض الناقلة للأمراض، كما يؤدي حرق البلاستيك إلى إطلاق سموم ضارة في الهواء، بينما تتسرب الملوثات من مدافن النفايات إلى التربة والمياه الجوفية. كما أنَّ النفايات المتراكمة توفر بيئة مثالية تزيد من خطر تفشي الأمراض، فإذا لم تتم معالجة هذه المشكلات؛ ستظل تهدد الصحة العامة والبيئة الطبيعية في الرياض. تلعب العادات الثقافية والسلوكيات الاجتماعية دورًا حاسمًا في كيفية تعامل المجتمع مع النفايات، وعلى الرغم من أنَّ سكان الرياض يفخرون بنظافة مدينتهم، إلا أنَّ إعادة التدوير لا تزال أمرًا ثانويًا لدى الكثير، ويؤدي نقص الوعي وغياب البنية التحتية الداعمة إلى صعوبة المشاركة الفعالة، حتى لدى الراغبين في ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ بعض الوظائف المتعلقة بإدارة النفايات تحمل حساسية اجتماعية؛ مما يقلل من عدد الأشخاص المستعدين للمساهمة في نظافة المدينة؛ ولتحويل النفايات من مشكلة إلى فرصة، نحتاج إلى تغيير طريقة تفكيرنا، إذ يجب أن تصبح الاستدامة جزءًا من حياتنا اليومية، وأن يكون لكل فرد دور في حماية البيئة. لقد بدأت الرياض بالفعل باتخاذ خطوات واعدة لتحسين إدارة النفايات، على سبيل المثال: ساهم برنامج الرياض النظيفة في تحسين جمع النفايات وتشجيع السكان على فصل النفايات. كما تمَّ تركيب حاويات ذكية مزودة بأجهزة استشعار لمنع امتلائها الزائد، وتعمل الشركات بالتعاون مع مراكز إعادة التدوير الاعتماد على مواد تغليف أكثر استدامة، بينما تستمر حملات التوعية العامة في تثقيف السكان حول أهمية التخلص المسؤول من النفايات، كل هذه الجهود تشكل أساساً لمدينة أنظف وأكثر استدامة. وبالنظر إلى بعض التجارب العالمية، فقد نجحت العديد من الدول في تطوير أنظمة فعالة لإدارة النفايات من خلال استراتيجيات مبتكرة، تقوم على فصل صارم للنفايات باستخدام حاويات ملونة، مع فرض غرامات على المخالفين؛ مما يضمن معدلات إعادة تدوير مرتفعة، حيث يمكن للرياض أن تستفيد من هذه النماذج لتطوير نظام أكثر كفاءة واستدامة في إدارة النفايات؛ مما يقلل من التأثير البيئي ويعزز استخدام الموارد بشكل أفضل. إنَّ الطريق إلى رياض أنظف يبدأ بممارساتنا اليومية؛ فالعادات البسيطة، مثل: فرز النفايات، وتقليل استخدام البلاستيك، والتخلص من المخلفات بشكل صحيح، يمكن أن تُحدث فرقًا كبيراً، والتعليم والوعي هما المحركان الرئيسان للتغيير الدائم. وإدارة النفايات ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي واجب مشترك لكل منا دور في الحفاظ على نظافة الرياض وصحتها، بالتعاون والاستثمار في حلول مستدامة، وتعزيز ثقافة المسؤولية البيئية، يمكن للرياض أن تصبح نموذجًا عالميًا في إدارة النفايات؛ فلنعمل معًا من أجل رياض أنظف وأجمل لأنفسنا ولأجيالنا المقبلة.