بين عامي 2000 و2019م، ارتفع متوسط عمر الإنسان المتوقع عالميًا بنحو 10 %، وذلك من 66.8 إلى 73.4 عامًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.. وفي الدول ذات الأعمار الطويلة، مثل اليابان، ارتفع متوسط العمر المتوقع بشكل أكبر ليصل إلى مستويات قياسية في عام 2021م حيث بلغ 87.7 عامًا للنساء و81.6 عامًا للرجال، وهو تقدم ملحوظ مقارنةً ب67.8 و63.6 عامًا في عام 1955م. هذه الزيادة في عمر الإنسان المعاصر تعود إلى عدة عوامل، منها تحسن الرعاية الصحية والنظام الغذائي.. وقد نتج عن ذلك تغيير في مفهوم "الشيخوخة" من الناحية الطبية حيث اعتبرت الشيخوخة نفسها مرضا قابلا للعلاج، وهذا يعنى السماح للإنسان للعيش فترات طويلة جداً. يتزعم هذا التوجه في الطب فرع "طب محارب الشيخوخة" (Anti-Aging Medicine) (AAM).. يهدف هذا التخصص إلى تحسين حياة الأفراد وعيش حياة صحية من خلال الجمع بين نمط حياة صحي وتقنيات طبية حديثة ما سيقود إلى إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع للإنسان. ومن أهم المنظمات العالمية التي تعمل في هذا الاتجاه "الأكاديمية الأميركية لمحاربة الشيخوخة" (American Academy of Anti-Aging Medicine) (A4M). والذي لفت انتباهي تصريح رئيسها وأحد مؤسسيها وهو رونالد كلاتز الذي قال إن "هدفنا ليس التقدم في السن برشاقة، هدفنا هو عدم التقدم في السن أبدًا". حيث كان هذا الهدف هو هدف الملك السومري جلجامش قبل ما يزيد على أربعة آلاف سنة.. فعندما فقد جلجامش صديقه أنكيدو بالموت جن جنونه وقرر البحث عن "الخلود" كنوع من مقاومة داء الموت وهزيمته.. لقد أدرك جلجامش تمامًا حقيقة فنائه، فتساءل: "هل يا ترى سأموت أنا أيضًا، ألست مثل إنكيدو ولا أختلف عنه؟"، ثم صرح بوضوح: "أنا أخاف الموت"، قرر جلجامش على الفور التجول في البلاد: "لذا أجوب البلاد" سعياً للقاء الرجل الخالد ليعرف منه سر خلوده.. في رحلة البحث هذه عن الخلود قابل السيدة سيدوري فنصحته بالتمتع بكل لحظات حياته فالخلود -كما قالت- مستحيل، والموت لا بد منه. واصل جلجامش رحلته حتى بلغ النهر المحيط بالأرض حيث كان الرجل الخالد أوتنابشتم يعيش.. أخبره أوتنابشتم أنه غير قادر على طلب الخلود له من الآلهة، ولكنه أفصح له عن سر الخلود، وهي النبتة التي سيجدها في بئر عميقة في مكان حدده له.. عبر جلجامش نهر الموت عائداً، واتجه نحو البئر التي وصفت له، ونزل إلى قاعها وانتزع النبات وخرج به من البئر. ولم يأكل جلجامش من النبات على التو، بل قرر أن يحفظه إلى أن يتقدم به العمر ويحتاج لتجديد شبابه.. توقف جلجامش ليستحم في أحد الغدران، ووضع النبات على الشاطئ، وهنا خرجت أفعى وسرقت النبتة، ليتجدد جلدها كل فترة وتترك جلجامش إلى دموعه ومواجهة مصيرة البشري المحتوم.. الموت.