لطالما كنت أرى في البطاقة الحمراء "التي تظهر أحيانا في ملاعب كرة القدم" أنها تعبير عن إيقاف الفوضى والتخلص من المخالفين، ولكن ما هذه البطاقة التي تظهر داخل الملعب فقط ولا نراها خارجه لمن ينتمون لعالم المستديرة، فهناك من يحتاج لإبرازها تجاهه، لكن كيف يمكننا ذلك؟ في الأحداث الكروية الأخيرة كانت هناك مناظر مقززة تبدأ من استديوهات التحليل والقراءات الفنية للمباريات من قبل ضيوف هدفهم الإثارة والتحايل على الحقيقة وتمر بالمدرجات التي كان لها هذا الأسبوع نصيبا من الفوضى التشجيعية اللفظية التي بلغت شأنا مقلقا في مواجهة الأهلي والاتحاد مساء السبت الماضي، وتأخذ نصيبها كثيرا من على مواقع التواصل الاجتماعي كما هو القذف والشتم لكل ما هو مسؤول أو لاعب منتمٍ للهلال من جراء خسارته أمام النصر. لن ندخل في تفاصيل المدرجات والمواقع، لأننا نرى أن المُعاتب الأول هم من يجلس كضيوف البرامج الرياضية فتجد منهم من لا يكفيه كرتا أحمر بل إيقاف دائم ومنع من فرط فوضى معلوماتية تعصبية تتزين بالكذب والتدليس ولا تخجل من ترديده، حتى أنه من فرط كذبهم أوجدوا طرقا للتشكيك والتزوير في المعلومة الرياضية والتأثير على الجماهير. لهامش الحرية في الإعلام الرياضي دور في ذلك ولا ننكر أن بعض القنوات الرسمية والرزينة قد خاطرت وهي تستضيف بعض من تحسبهم أنهم في عداد أصحاب المسؤولية المهنية الإعلامية، لكنها رضخت لأنها وجدت في الفوضى المعلوماتية التي يصنعونها تحقيق المزيد من الربح والإثارة، ولا عليها إن كان ينعق كالغراب وإن كان أشد ألماً بفعله، ووفق مبدأ التكسب، والأمر اتسع الآن لأن فئة جديدة قد اكتشفت وقعاً جديداً لتعبر عن نفسها المتطلعة للتكسب بكل ما أوتيت لتظهر جملة من المداحين المهزوزين الخائفين ويصاحبها رهط من الهزليين المضحكين وتافهين من الحالمين الذين في كل واد يهيمون، ممن لا يقلقهم أن يلقوا الشتم أو اتهامهم بالكذب! المصيبة الأكبر ووفقا لمعلومات متابعين متخصصين تم نشرها على مواقع التواصل أن حجم ما يعالج من موضوعات في البرامج الرياضية الحوارية قليل جدا ولا يكاد يذكر وأقرب وصف يتناسب معه أنه تافه وسخيف ولا يتناسب أبدا مع ما يحتاجه الواقع المحلي، والأدهى أنها "أي القنوات" تريد ذلك لأن التنافس لديها يخص أمور التسويق وليس المصلحة العامة، ولذلك فلا نستغرب بتجلي قدراتها العالية في محاصرة كل الأكفاء والاذكياء والموهوبين والمبدعين، وبما جعل الحوار الرياضي التلفزيوني هشا ضعيفا وبإمكان أي مشاهد بسيط أن يكشف كل التزييفات الصادرة منها! قد أكون أظهرت بعض الغيض تجاه ما يحدث.. لكن قد فاض الكيل لأننا بتنا أمام مسؤولية عظيمة تجاه رياضتنا وما تحتاجه لأن مستقبلها عظيم باستحقاقات كبرى، لاسيما أن التجاوزات الرياضية التي تحدث لها أكبر الضرر على المجتمع وكل ما يؤدي للارتقاء والتطور رياضيا، ونختم بالقول إن الموضوعية ليست أخلاقيات خاصة بضيوف الحوار الرياضي، بل إنها أخلاقيات مؤسسة إعلامية ككل.