لا يمكن أن نتحدث عن الاستدامة دون الإشارة إلى الاستخدام المسؤول سواء الموارد المالية أو الطبيعية والبيئية، لعلنا عشنا سنوات عديدة في الفكر العشوائي، حتى جاءت رؤية 2030 التي يوماً بعد يوم تظهر لنا النقاط العمياء في خريطة حياتنا ليس الاجتماعية فقط بل حتى الفردية والمعنوية. إن الاستخدام للموارد بقدر الاحتياج يدعم بشكل كبير مقدرات وثروات الأجيال القادمة التي كانت ستكون ضحية لفكرة "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب"، اليوم نحن في عصر الحوكمة والمحاسبة والمساس بأي ثروة وطنية محل محاسبة ورصد مستمر من الجهات المعنية. نعم إن الاستدامة قد تبدو كمفهوم واسع وربما مستهلك لكن المعالجة التي تأتي بعدها بالغالب تكون ناجعة، فهي تحقق التوازن بين القوى وتحد من الهدر وتحافظ على التنوع وتحسين جودة الحياة. الشعور بالمسؤولية سمة غالبة لكل فرد واعٍ، ومواجهة التحديات العالمية واليومية يتطلب رسم إطار شامل لخدمة المجتمع، واليوم نشر المعرفة والتثقيف باب مفتوح كل ما نحتاجه هو أن نتابع بشكل مستمر التطورات والمبادرات التي ننعم بها اليوم في المملكة، والمشاركة الفاعلة في المشروعات التي تهدف للاستدامة والوعي المجتمعي. ويلعب الجيل الشاب دوراً محورياً في تعزيز الاستدامة، ولك أن تتصور أن مجتمعنا يتشكل في أكثره من 70 ٪ من الشباب وتمثيل أصواتهم يسهم في صنع القرارات على كافة المستويات ومراعاة احتياجاتهم التعليمية والصحية. واللافت أن مملكتنا الغالية تغرد خارج السرب في ملف التمكين والمبادرات الاجتماعية النوعية، وريادة الأعمال، من خلال المشروعات المبتكرة والمؤتمرات السنوية في شتى المجالات. اليوم حس المسؤولية هو المحك في كل برامجنا، والابتكار في الحلول للمشكلات هو ما يجعل الشخص يتقدم رغم المعوقات، دعوة الجيل الشاب للاستفادة القصوى من الأدوات الرقمية سواء المالية والتقنية سيساعدهم بلا شك بالاندماج التام مع مستقبلهم، ودعم أفكارهم ومشروعاتهم الصغرى مهم وجوهر التوازن المجتمعي. أخيراً، العمق لا السطح فإن التبني العشوائي للاتجاهات والممارسات الثقافية بشكل روتيني دون نقد وتحليل أو تقدير للمعاني العميقة يفقدها قيمتها مع الوقت وتصبح مجرد عادات فارغة من الروح. من الضروري أن نعزز المرونة في التقبل والحوار بين الأجيال وألا يدعي طرف المعرفة المفرطة والحقيقة المطلقة، يحتاج المجتمع للكثير من الرسائل المباشرة والتأكد من سلامتها ومناسبتها. نعم الاستدامة فكرة وجعلها قيمة عليا مسؤولية وأمانة.. دمتم بخير.