الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر مارس 2025    هل حان الوقت لالغاء الموافقات التأمينية؟    موجز    تراجع طفيف للأسهم الأمريكية في ختام التعاملات    لك حق تزعل    اتفاقات مع "قسد" في طريق التعافي بخطوات ثابتة.. سد تشرين والنفط تحت إدارة الدولة السورية    القمة الثلاثية تطالب بوقف إطلاق النار ودعم دولي للسلطة الفلسطينية    الهلال.. مجد تحول لأطلال    خسارة النصر.. تغربل الهلال قبل النخبة الآسيوية    في ظهوره الثاني هذا الموسم.. جماهير الاتحاد تشيد بمستوى الأسباني هيرنانديز في ديربي الغربية    "يلو 28".. قمة الوصافة وديربي حائل في أبرز مواجهات الجولة    موهبة عالمية جديدة على رادار الهلال    الأميرة هيفاء آل سعود: الفعاليات الرياضية استقطبت 14 مليون سائح    هل هناك رقم مقبول لعدد ضحايا حوادث المرور؟    "الحج" تحدد غرة ذي القعدة "آخر موعد".. و"الداخلية": 100 ألف ريال غرامة تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    أمير جازان يشهد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات المجتمعية.. تدشين حملة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    نقاط التحول    الساعة    ماجد المصري: لم أتوقع نجاح "رجب الجرتلي" الشرير والحنون    موجة تفشى الحصبة الحمراء في أمريكا    ماذا بعد العيد؟    "أكيارولي».. قرية إيطالية يشيخ سكانها دون أمراض    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأميركي تطورات الأوضاع الإقليمية    طيران الرياض وأسعار التذاكر    الأراجيف ملاقيح الفتن    اقتصاد وطني قوي    100 ألف ريال غرامة تأخر الإبلاغ عن الحاج أو المعتمر المنتهية مدة إقامته    رجال الأمن صناع الأمان    العراق: المحادثات بين السوداني وقادة الفصائل تحرز تقدماً    قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    بين النصّ الورقي و الأرشفة الرقمية.. حوار مع إبراهيم جبران    حوارات فلسفية في تطوير الذات    6% نموا سنويا في سوق الصدامات بالمملكة    بين التقاليد والابتكار.. أين شريكة الحياة؟    أخضر الناشئين يعاود تدريباته بعد التأهل لكأس العالم    الموظف واختبار القدرات    25% انخفاضا بمخالفات هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    يوم الصحة العالمي.. المملكة تعزز الوعي    أكثر من 8000 مستفيد من خدمات " إرادة" في رمضان    حضور لافت لثقافات متعددة بمعرض ليالي في محبة خالد الفيصل    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «طويق»    أمير جازان يدشّن حملة سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    قادة مصر والأردن وفرنسا يدعون إلى عودة فورية لوقف إطلاق النار في غزة    النصر يُعلن طرح تذاكر مباراة الرياض في دوري روشن للمحترفين    فيصل بن بندر يستقبل محافظ الدرعية وأمين الرياض    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    أمانة جمعية الكشافة تقيم حفل معايدة لمنسوبيها    السعودية تتأهل لكأس العالم لكرة القدم تحت 17 عاما للمرة الرابعة في تاريخها    "أمالا" تُثري بينالي الفنون الإسلامية بجلسات حوارية وورش عمل مبتكرة    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    منصة TikTok فرعية للفنانين    هجوم دموي جديد يعمق معاناة المدنيين في السودان    «أبوظبي» يطلق مؤشراً لقياس «قوّة ارتباط المجتمع باللغة العربية»    سمو أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أمير جازان يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعزيز استدامة الغطاء النباتي
نشر في الرياض يوم 25 - 03 - 2025

زراعة 140 مليون شجرة وتأهيل 300 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة
وضعت المملكة العربية السعودية بصمتها الخضراء على الأرض تحت قيادتها الحكيمة، ملتزمة بحماية مواردها الطبيعية واقتصادها الأخضر بما يتماشى مع المعايير البيئية العالمية، منذ أن بدأ الملك عبدالعزيز، -طيب الله ثراه-، بزرع حب الحياة الفطرية في نفوس أبنائه الكرام وأهمية المحافظة عليها، منطلقًا من هذا المبدأ أسس جلالة الملك خالد رحمه الله مزرعة الثُّمَامَة التي تحولت الآن إلى مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية، ومثلت النواة الأولى لبرنامج عمل الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وصولًا إلى النهضة الأولى من نوعها في التاريخ.
وفي جوف كل نهضة عظيمة، تكمن رؤية مستقبلية واضحة المعالم، ومع بيعة صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد، شهدت المملكة رؤية استراتيجية عظيمة، ألا وهي رؤية 2030 بمستقبل مشرق وطموحًا مبهرًا يصل عنان السماء، ولكن في المقابل لقد صاحب التوسع الاقتصادي السريع خلال العقدين الماضيين حدوث بعض الأضرار بالموارد الطبيعية والبيئة، مما تطلب دراسة وحلول عاجلة، وانطلاقًا منها قامت المملكة بجهود استثنائية للحفاظ على التوازن البيئي، حيث كثفت جهودها لتحقيق التوازن الدقيق بين النمو الاقتصادي والحفاظ على حياة الأرض.
رافقت هذه الجهود إنجازات بفترة قياسية، ولعل أبرز الإنجازات التي تحققها المملكة في هذا المجال، وانتقالها نقله نوعية مع إطلاق المبادرات مثل "مبادرة السعودية الخضراء" و" مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، كما مثلت خطوات مهمة نحو ترسيخ دور المملكة الريادي في مجال البيئة على المستوى العالمي.
أرضنا الخضراء
إنها مبادرة السعودية الخضراء، التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- في عام 2021م؛ لتؤكد التزام المملكة بتحسين جودة الحياة للأجيال الحالية والمستقبلية، والتصدي للتحديات البيئية التي تواجه المنطقة، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، والعواصف الرملية، والتصحر.
وتتكاتف العديد من القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، بدعم وإشراف وتوجيه المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر؛ لتحقيق مستهدفات المبادرة الواعدة.
ووفقًا لما قاله ياسر الجميعة - خبير ومدرب معتمد في مجال البيئة والزراعة، أن: «المبادرات الخضراء يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية من خلال تعزيز الزراعة المستدامة ويتحقق ذلك بالزراعة العضوية وتعزيز استخدام تقنيات الري الحديثة وتنويع المحاصيل بزراعة محاصيل مقاومة للجفاف والاستفادة من البيوت المحمية وإدارة الموارد المائية بالعمل على تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة وإعادة استخدام المياه المعالجة وتعزيز البحث والتطوير بدعم الأبحاث الزراعية والابتكار في الزراعة العمودية والعمل على تعزيز التعاون الدولي بتبادل الخبرات والاستثمار في الزراعة الخارجية»، وأضاف إلى ذلك: «تمثل هذه المبادرات خطوات استراتيجية نحو تعزيز الاستدامة البيئية واستعادة التنوع البيولوجي في المملكة، وهذه المبادرات تسعى إلى مواجهة التحديات البيئية مثل التصحر وفقدان التنوع البيولوجي، مع التركيز على تحقيق أهداف طويلة الأمد لتحسين جودة الحياة والحفاظ على الموارد الطبيعية، مع التركيز على النباتات المحلية من خلال إعادة التشجير وزيادة الغطاء النباتي. ويأتي تأثير هذه المبادرة من خلال التركيز على استخدام النباتات المحلية في التشجير وإعادة إدخال الأنواع النادرة وإنشاء المحميات الطبيعية والبحث العلمي والتطوير وتعزيز الوعي البيئي، ومما لاشك فيه بأن المبادرات الخضراء تمثل نقلة نوعية في جهود المملكة لاستعادة التنوع البيولوجي وتعزيز الاستدامة البيئية، من خلال التركيز على النباتات المحلية واستخدام تقنيات مبتكرة، يمكن لهذه المبادرات أن تحقق نتائج ملموسة في استعادة النظم البيئية ودعم الحياة البرية، ومع استمرار الجهود وتبني استراتيجيات علمية مدروسة، يمكن للمملكة أن تصبح نموذجًا عالميًا في مجال الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي».
طموحات يقودها «الغطاء النباتي»
إنَّ رحلة تحول المملكة نحو الاستدامة ليست مجرد خطوات عابرة، بل هي سيمفونية من التعاون والابتكار من خلالها صدرت اتفاقيات تشمل حماية الأرض ومواردها.
على مدى الأعوام الخمسة الماضية، ومن ضمن الجهود لتحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، عقد المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر العديد من الشراكات مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، وعلى المستوى المحلي وقع العديد من الاتفاقيات مع كافة القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، ورسم المنهجية العلمية لاستدامة الزراعة، باستخدام الحلول المبنية على الطبيعة؛ حيث أجرى الدراسات الحقلية الكاملة، لتقييم كل البيئات التي يمكن الزراعة فيها بشكل مستدام؛ مستهدفًا الزراعة في جميع مواقع الغطاء النباتي، مثل (الغابات الجبلية والأودية والمراعي والسبخات)، ومرتكزًا على نهج فاعل ينص على أن تكون الأولوية الاستراتيجية اليوم هي المحافظة على ما هو موجود، ثم الانتقال تدريجيًّا بالزراعة وإعادة التأهيل.
كما تبنى المركز الحلول المبتكرة والمستدامة لخدمة برامجه ومشروعاته الهادفة إلى تحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، مثل أدوات الذكاء الاصطناعي، والاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية، وطائرات الدرون، وغيرها من التقنيات المبتكرة؛ لتسريع وتيرة الإنجازات، محققًا قفزات نوعية نحو تأسيس بيئة مستدامة تتناغم مع رؤية 2030، وتعزز من سلامة البيئة.
تسريع الانتقال الأخضر
ومن أجل بيئة خضراء مستدامة أطلق المركز البرنامج الوطني للتشجير؛ لتجسيد طموحات التشجير، واستعادة الأراضي المتدهورة للمملكة التي تسعى مبادرة السعودية الخضراء إلى تحقيقها، وتتماشى أهداف هذا البرنامج مع الاتفاقيات البيئية الدولية.
يقوم البرنامج بدور محوري في تعزيز استدامة الغطاء النباتي وزيادة المساحات الخضراء في المملكة، ويشمل هذا الدور قيادة استراتيجية وطنية شاملة للتشجير واستعادة الأراضي المتدهورة، وتنسيق جهود التنفيذ على مستوى القطاعات والمناطق المختلفة، وتقديم الدعم الفني وأفضل الممارسات في مجال زراعة الأشجار والإدارة المستدامة للأراضي، بالإضافة إلى مراقبة التقدم المحرز في زراعة الأشجار، وإعادة تأهيل الأراضي، وقياس نسب استدامة الأشجار، وتقييم الإنجازات العامة للبرنامج.
وأسفرت الجهود التي يقودها البرنامج، بتعاون الشركاء من كافة القطاعات عن زراعة أكثر من 140 مليون شجرة، وتأهيل نحو 300 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة، بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه المعالجة؛ حفاظًا على مواردنا الطبيعية.
استثمار المستقبل.. الاقتصاد الأخضر
يُوفر المركز العديد من الفرص الاستثمارية، بشكلٍ موسمي أو طويل الأجل، تتنوع ما بين مشاريع ترفيهية أو رياضية أو سياحية بيئية؛ بغية الارتقاء بمستوى جودة الحياة، وتعزيز الغطاء النباتي، ودعم استدامته وفق المقاييس والضوابط البيئية للاستثمار؛ تحقيقًا لمستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، ووفق رؤية المملكة 2030، وتهدف الفرص التي يوفرها المركز إلى:
* حفظ وتنمية ثروة الوطن الطبيعية.
* توفير بدائل السياحة المستدامة لزيادة جودة الحياة.
* زيادة الشراكات والفرص الاستثمارية
* معالجة التحديات التي تواجه تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.
* تقليل التكاليف وزيادة الإيرادات (المباشرة وغير المباشرة).
الحد من الكربون... نحو هواء أنقى
في خطوة تاريخية، يعكس «الحياد الصفري لانبعاثات الكربون» إلى التزام المملكة البيئي نحو مواطنيها،
وتحقيق طموح المملكة في الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م، عبر تبني نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، كما تعمل على تسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تشرف المبادرة على تنفيذ خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، وتسترشد بثلاثة أهداف رئيسة هي:
1. تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2030م.
2. زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة خلال العقود القادمة، بما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.
3. حماية 30 % من المناطق البرية والبحرية بحلول عام 2030م.
وفي هذا السياق شارك كريم النبوي- خبير الاستدامة البيئية رأيه، حيث قال: «دور المجتمع المحلي في تعزيز ثقافة التقليل من الانبعاثات الكربونية محوري وأساسي، فهو العنصر الفاعل في تحقيق التحول نحو الاستدامة وهو المحرك الرئيسي لتطبيق كافة القرارات الاستراتيجية للمملكة، ويبدأ الدور من الوعي والتعليم، حيث يجب نشر المعرفة للعامة حول التأثيرات البيئية للأنشطة اليومية وأهمية تبني أنماط حياة أكثر استدامة من اجل الصحة العامة ورفع جودة الحياة، وبالإضافةً إلى ذلك، يلعب الأفراد أنفسهم دورًا هاما في تقليل البصمة الكربونية من خلال قراراتهم الاستهلاكية اليومية، مثل اختيار وسائل النقل الصديقة للبيئة مثل وسائل المواصلات العامة أو الدراجات أو حتى المشي، تقليل الهدر الغذائي، التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة متى أمكن في المنازل مثل الطاقة الشمسية، واختيار أجهزة في المنزل واثاث صديق للبيئة وذو بصمة كربونية قليلة، كما أن للمجتمع دورًا في تحفيز القطاع الخاص والحكومات على تبني ممارسات أكثر استدامة من خلال دعم الشركات المسؤولة بيئيًا والمشاركة في الحملات والمبادرات البيئة التوعوية، كل فرد هو جزء من المجتمع المحلى له دور كبير سواء كان قرار شخصي للتغيير للأفضل او كدور مؤسسي يساهم بشكل كبير في التغيير بناء على قرارات داخل الشركات او بالتأثير في قرارات المجموعة».
وتابع قوله عن مساهمة التقنيات الحديثة في تسريع الوصول إلى الحياد الصفري الكربوني في المملكة وذلك من خلال عدة نقاط وهي: "أن الهيدروجين الأخضر يعد وقودًا مستدامًا يمكن إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مما يساهم في خفض الانبعاثات في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الصناعة والنقل. كما أن المملكة لديها موارد هائلة تؤهلها لتصبح رائدة عالميًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر ولدينا مشروعات نيوم خير دليل على ذلك، بجانب التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه هي تقنية تساعد في خفض الانبعاثات من الصناعات الثقيلة، حيث يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصادر الانبعاثات الكبيرة مثل محطات الطاقة والمصانع، ثم يتم استخدامه في تطبيقات صناعية أو تخزينه تحت الأرض، ومن الجدير بالذكر أن من أكبر المشاكل التي تواجه العالم الان هو التحول المناخي الذى من ضمن اهم أسبابه زيادة نسب الكربون في الجو ومن ضمن افضل الحلول والتقنيات الحديثة لمجابهة ذلك تقنيات مثل الهيدروجين الأخضر والتقاط الكربون».
وأكد النبوي أن: «الأبنية الخضراء تلعب دورًا محوريًا في تقليل التأثير البيئي السلبي للنمو العمراني السريع، خاصة في المدن الكبرى التي تواجه تحديات بيئية كبيرة مثل التلوث، استهلاك الموارد الطبيعية، وانبعاثات الكربون. هذه المباني والمجتمعات العمرانية المستدامة تعتمد على تصميمات وتقنيات تقلل من استهلاك الطاقة والمياه، وتعزز استخدام المواد الصديقة للبيئة في الانشاءات، كما تساهم في تحسين جودة الهواء الداخلي وتقليل درجات الحرارة من خلال دمج المساحات الخضراء والتقنيات الذكية ودمج وسائل المواصلات العامة من أجل تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة»، أما من ناحية كونها معيارًا عالميًا لمستقبل المدن، ذكر:» التحول نحو الأبنية الخضراء لم يعد مجرد توجه بيئي، بل أصبح ضرورة اقتصادية واجتماعية، خاصة مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني».
واختتم قوله بأن: «الدول التي تتبنى سياسات وتشريعات داعمة للبناء المستدام مثل أكواد البناء الأخضر وبرامج التحفيز التشجيعي، تضع نفسها في مقدمة المدن المستقبلية القادرة على تحقيق توازن بين التنمية والبيئة، مما يجعل الأبنية الخضراء معيارًا عالميًا في تخطيط وتصميم المدن الحديث ولدينا العديد من الأمثلة حاليا على ذلك من ضمنها مشروعات مثل مجتمعات روشن والمربع الجديد وأيضا مشروعات أخرى مثل المسار الرياضي وحديقة الملك سلمان».
عهدنا للأرض
يسعى المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر إلى تنفيذ الأهداف الاستراتيجية التي تجسدها مبادرة السعودية الخضراء؛ للمساهمة في الارتقاء بمستوى المعيشة من خلال تخفيض المناطق الملوثة بيئيًّا وإعادة تأهيلها، كما يحرص على تطوير حماية البيئة من الأخطار الطبيعية، وتعزيز الوقاية من الحشرات والآفات المضرة بالغطاء النباتي، وتنمية موارد المملكة الحيوية وضمان الاستفادة المستدامة منها، من خلال تنمية مواقع الغطاء النباتي وحمايتها والرقابة عليها، وتأهيل المتدهور منها، والكشف عن التعديات عليها، وحماية الغابات والمراعي الطبيعية والمتنزهات الوطنية واستثمارها.
وفي هذا الاتجاه أكد سعد بن شنار - مهندس زراعي أن هنالك علاقة بين تغير المناخ وانتشار الآفات في المملكة، حيث قال:» تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى تسريع دورة حياة العديد من الآفات، مما يزيد من أعدادها وانتشارها، كما تتحول بعض المناطق إلى ملائمة لانتشارها وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بجانب تأثير تغير كمية وتوقيت هطول الأمطار على بيئات تكاثرها، وعلى سبيل المثال، يمكن للرطوبة العالية أن تعزز من تكاثر بعض الحشرات والفطريات، في المقابل، يؤدي الجفاف إلى هجرة بعض الآفات بحثًا عن بيئات أكثر رطوبة، كما قد تساهم العواصف الرملية في نقل بعضها إلى مناطق جديدة وبسببها تضعف النباتات عن طريق العواصف، ولا سيما أن تغير المناخ يؤثر على توازنها ، مما يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي وزيادة انتشارها»، وذكر عدة مراحل للتعامل معها وذلك من خلال: «أولًًا من خلال المراقبة المستمرة والتنبؤ، مع استخدام أنظمة إنذار مبكر وتقنيات استشعار لرصد تحركات الآفات وتكاثرها وتحليل البيانات المناخية للتنبؤ بمواسم الانتشار، وثانيًا إدارة المحاصيل بشكل ذكي، عبر استخدام تقنيات الزراعة الذكية لتقليل مخاطرها، مثل الزراعة المحمية أو الزراعة الدقيقة، وتعديل جداول الزراعة لتجنب فترات ذروة انتشار الآفات، أو من خلال استخدام مبيدات صديقة للبيئة، وأخيرًا التوعية وبناء القدرات عن طريق تدريب المزارعين على كيفية التكيف مع التغيرات المناخية وتقنيات المكافحة الحديثة، ونشر التوعية حول أفضل الممارسات الزراعية المستدامة» وبالنهاية قال: «هناك مشاريع ومبادرات في المملكة العربية السعودية تهدف إلى دعم استخدام التقنيات الحديثة للكشف المبكر عن الآفات الزراعية، حيث يقوم بها المراكز التابعة للوزارة وبالخصوص المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها التابع لوزارة البيئة والمياه والزراعة بجهود لتعزيز المكافحة المتكاملة للآفات، وبالإضافة إلى ذلك، تُستخدم تقنيات أخرى مثل الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية لمراقبة المحاصيل والكشف المبكر عن الآفات والأمراض، مما يساعد المزارعين على تحسين جودة المحاصيل وزيادة الإنتاجية. حتى الآن، أسهمت هذه المشاريع في تعزيز قدرات المزارعين على الكشف المبكر عن الآفات واتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، مما يقلل من الأضرار المحتملة ويحسن كفاءة الإنتاج الزراعي».
وفي الختام، فإن مبادرة السعودية الخضراء ليست مجرد مشروع بيئي، بل هي رؤية استراتيجية لمستقبل مستدام يعزز جودة الحياة، ويحمي الموارد الطبيعية في المملكة، من خلال تفعيل دور جميع فئات المجتمع في العمل المناخي والبيئي، والتعاون بين الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، كما أنها تجسد التزام المملكة بتحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، وتضع نموذجًا عالميًّا في مواجهة التحديات البيئية.
المصادر: كتاب التاريخ البيئي للمملكة العربية السعودية
من حافة الانقراض إلى المحميات الملكية،
المجلد الثاني الفصل السادس، للمؤلف الدكتور عبد الله الوليعي
دراسة حالة الحياة الفطرية- جهود المملكة العربية السعودية في حماية البيئة ومكافحة التصحر،
من إعداد أ.د. عبد الله الوليعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.