أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، "خريطة العمارة السعودية" كمبادرة بصرية تجسد الهوية الثقافية والجغرافية والاجتماعية للمملكة العربية السعودية. تأتي هذه المبادرة في إطار جهود سموه للاحتفاء بالإرث العمراني، وتعزيز جودة الحياة، وتطوير المشهد الحضاري في المدن السعودية، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030م. من منظور سيميائي، يمكن اعتبار الأنماط المعمارية التسعة عشر بمثابة "علامات" تحمل دلالات عميقة حول تاريخ المملكة وتنوعها الجغرافي وقيمها الثقافية. فالعمارة النجدية تتميز بالحصون والقلاع، مما يعكس قوة وصلابة المجتمع النجدي. واستخدام الطين كمادة بناء يشير إلى التكيف مع البيئة الصحراوية ويرمز إلى القوة والقهوة وكرم الضيافة، إذ يتحول الطين اللين إلى بناء صلب متماسك يمثل عراقة أهلها. وتلك الألوان الطبيعية، مثل الأزرق الدافئ الذي يعكس جمال العمارة وعمق البحار وسعة السماء، بينما يشير الأخضر في زخارفها إلى الاستقرار النفسي وعراقة المنطقة. أما العمارة الحجازية فتتشكل من الرواشين والمشربيات والأقواس، حيث تهدف إلى تحقيق التوازن بين الخصوصية والتهوية. وأما الزخارف والنقوش تشير إلى التأثيرات الثقافية المتنوعة، وهي تعبر عن انسجام مع الطبيعة من خلال الأسقف المرتفعة والجدران السميكة. فيما العمارة العسيرية تتميز بالبناء العالي والمزخرف، مما يدل على الثراء والتنوع الثقافي. ويرمز استخدام الأحجار الملونة إلى التراث الفني للمنطقة ويمثل الثراء الطبيعي الذي يندمج مع زرقة السماء. حيث تعكس أشعة الشمس الصفراء الطاقة والقدرة على الازدهار. أما العمارة الشرقية فتظهر من خلال الزخارف الجصية والنقوش، حيث تعكس التأثيرات الحضارية والتطور الثقافي. وأما الطبيعة الخضراء فتعبر عن النمو والتوازن البيئي، بينما الحجر المرجاني يمثل العلاقة الوثيقة بالبحر؛ فيما العمارة الشمالية تتميز بالبساطة والعملية، مما يعكس طبيعة الحياة في المناطق الصحراوية. واستخدام الحجر والأخشاب الذي يعكس القيم الثقافية المتعلقة بالاستدامة والارتباط بالطبيعة. تعمل الهوية البصرية على تعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الشعور بالانتماء. من خلال هذه الأنماط تتواصل الأجيال مع تاريخها وتراثها، مما يظهر كيف يمزج مفهوم العمارة السعودية بين الأصالة والمعاصرة. ختامًا؛ "خريطة العمارة السعودية" ليست مجرد دليل للأنماط المعمارية؛ إنها لغة بصرية تحكي قصة المملكة وتعكس هويتها. من خلال التحليل السيميائي، يمكننا فهم الدلالات العميقة التي تحملها هذه الأنماط، وكيف تساهم في تشكيل المشهد الثقافي والحضاري للمملكة.