في بادئ قدوم القبيلتين إلى يثرب -المدينة الآن-، كان اليهود متواجدين بها، ولضمان كسب العيش العفيف عقدت القبائل حلفا مع اليهود، هدف من ذلك وجود تكامل اقتصادي بينهم وبين اليهود في يثرب، فكانت عمادة الصناعة والتجارة في أيدي اليهود، بينما الزراعة والمواشي في أيدي العرب. أتقن اليهود الزراعة، فشعروا في قرارة نفسهم بأنهم الأعز والأكثر، وقد وعى العرب ذلك، فسألوهم أن يكون بينهم حلفًا يأمن به بعضهم، ويمتنعون به عما لا يد لهم به، وقد ساعد هذا الحلف أن يوجه العرب جل اهتمامهم إلى مجالات الزراعة، حتى ملكوا الأموال، وصار لهم عددًا وقوة، مما دب الخوف في نفوس اليهود، فقطعوا الحلف الذي كان بينهم، مما اضطر العرب إلى اللجوء سياسيًا لأبناء عمومتهم في الشام الذين كان لهم حلفاء مقربون لدى ملوك غسان، وبالفعل كسروا شوكة اليهود. ولهذا التدخل المسيحي أثر كبير على مكانة الخزرج والأوس في يثرب، فتوزعوا في عاليتها وسافلها، يرجح المؤرخون أن الغساسنة قد مدوا يد العون بنفسهم، وذلك لوجود أقرباء في الحجاز، ويرجع ذلك لخوف الغساسنة من تكبر السلطة اليهودية في اليمن على إثر ذلك، كما كان من المفيد للغساسنة أن يوجد حلفاء أقوياء في مناطق اليهود. حيث أراد الغساسنة من الأوس والخزرج أن يحكموا يثرب، ودعمتهم سياسيًا في ذلك، ولكن على الرغم من كافة الفرص المهيأة والدعم، إلا أن الروح القبلية سيطرت على سلوكهم، فاتجهوا إلى خلق مصادمات كانوا في غنى عنها شغلتهم عن المهمة الرئيسة، امتلاك السلطة على يثرب واليهود، وكان لليهود أنفسهم ضلع في هذه المنازعات، ولكن لا يغض ذلك النظر عن روح المنافسة التي تأججت بين القبيلتين على الأراضي الزراعية الجيدة وعوامل الثأر القبلي. حرب سمير هي الحرب الأولى التي وقعت بين القبيلتين، ودار السبب خلفها حول دية الحليف، وقد وجد اليهود استمرار هذا النزاع فرصة تضمن بقاءهم في خير البقاع من يثرب، فحالفوا الأوس في حربهم ضد الخزرج بعد أن علموا برغبة الخزرج بالاستيلاء على منازلهم.