قدرة كبيرة على الثبات والتحدي والانتصار موضي أبو وهطان.. أول امرأة ساهمت في تاريخ الدولة السعودية غالية البقمي من النساء السعوديات اللاتي تميزن بالقوة والشجاعة كان للمرأة السعودية دور كبير في إدارة الكثير من الصعوبات والتحديات التي عصفت بالدولة السعودية منذ تأسيسها، حيث برز دورها السياسي والإداري وكذلك العسكري، ضد خصوم الدولة واعدائها. فلقد كانت دائمًا حاضرة في المشهد السياسي بقدرة كبيرة على الثبات والتحدي والانتصار، ودائمًا دورها يحظى بالنجاح حتى في أصعب الظروف، وعندما نستذكر ذكرى التأسيس ينبغي أن نذكر واحدة من أهم السيدات السعوديات والتي كانت لها بصمتها الخاصة.. حيث هي أول امرأة ساهمت في تاريخ الدولة السعودية، وهي المرأة التي غيرت مشورتها صفحة من صفحات التاريخ امرأة عاقلة، ناضجة، أمينة. إنها الأميرة (موضي بنت سلطان أبو وهطان من آل كثير) زوجة الإمام (محمد بن سعود) مؤسس الدولة السعودية الأولى، والتي كان لها دورها البارز في تحالف زوجها الإمام مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وذلك حينما خرج الشيخ من العيينة إلى الدرعية (1157ه / 1744م) حيث نقلت لزوجها خبر قدوم الشيخ وأشارت عليه أن يسير إليه بقولها (إن هذا رجل ساقه الله إليك وهو غنيمة، فاغتنم ما خصك الله به). ويذكر ابن بشر بهذا الصدد (عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص11) أن موضي كانت ذات عقل ومعرفة، فأخبروها بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به وينهى عنه، فوقر في قلبها معرفة التوحيد وقذف الله في قلبها محبة الشيخ، فلما دخل عليها زوجها محمد أخبرته بمكانه، وقالت إن هذه الرجل أتى إليك وهو غنيمة ساقها الله لك فأكرمه وعظمه واغتنم نصرته، فقبل قولها، وألقى الله سبحانه في قلبه للشيخ المحبة. فسار إليه محمد، فدخل عليه في بيت ابن سويلم ورحب به، وقال: ابشر ببلاد خير من من بلادك وابشر بالعز والمتعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين وهذه كلمة (لا إله إلا الله) من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت له الرسل من أولهم إلى آخرهم. بالإضافة إلى نظرتها الثاقبة ورؤيتها الحكيمة كانت الأميرة موضي تحب الإحسان إلى المساكين ونفع عموم المسلمين، وبعد وفاتها بنى لها ابنها الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود وقف مسجد وسبالة موضي في حي الطريف ليتذكر الناس أعمالها الجليلة وتخليداً لأخلاقها الكريمة، حيث خصص الوقف لخدمة الزائرين من مختلف الطبقات كطلاب العلم والتجار وغيرهم القادمين من خارج المدينة، حيث تم وضع أماكن لاستقبال الضيوف والدارسين آنذاك، وكانت هذه السبالة أول وقف خيري في تاريخ الدولة السعودية، كذلك أول مسكن آمن لعابري السبيل من مختلف أقطار شبه الجزيرة العربية. وبقيت إلى وقتنا الحاضر رمزاً لحب الخير للغير، ورمزاً للعطاء والكرم الذي تأسست عليه دولتنا الغالية. ومن الأميرة موضي إلى أبرز النساء السعوديات اللاتي تميزن بالقوة والشجاعة، إلى المرأة الحكيمة والشجاعة والمرأة الحديدية، والتي ظنها العثمانيون أنها ساحرة، وشبهها الفرنسيون بجان دارك بطلتهم الفرنسية التي قاومت الإنجليز خلال الحرب المئة عام. إنها غالية البقمي زوجة (حمد بن عبدالله بن محيي) والتي أخفت خبر وفاة زوجها حتى لا تحبط معنويات القبيلة في القتال ضد العثمانيين، وواصلت إعطاء الأوامر للجيش وقاتلت بشجاعة منقطعة النظير، وانقضت على فرق المدفعية في قوات مصطفى بك، وأجبرتهم على الفرار مخلفين وراءهم ذخيرتهم التي غنمها السعوديون. ومن جازان وقفت هويدية بنت غميدان آل زميكان، واحدة من أفاضل النساء حسباً ونسباً، وناصرت الإمام تركي بن عبدالله (مؤسس الدولة السعودية الثانية) في واحدة من أصعب المواقف التي واجهها ضد أعدائه، فكانت سنداً له وعوناً هي وقبيلتها حيث اشتركوا معه بعدة معارك خاضها لاستعادة ملك آبائه وأجداده وكانت معركة السبية في عام 1245ه/ 1830م، من أكثر المعارك التي ساهموا فيها بقوة مع الإمام تركي ضد خصومه. موضي وغالية وهويدية من أهم النساء السعوديات في مراحل التأسيس للدولة السعودية الأولى والثانية، ولا ينبغي أن تمر ذكرى التأسيس دون التعريف بهن والتذكير بإنجازاتهن ووقفاتهن وبصماتهن في مسيرة الانطلاق السعودية وتاريخها المجيد. لقد أثبتن وبجدارة أن المرأة السعودية قادرة ومنتجة وهي السند والعون وهي النجمة الساطع ضوؤها منذ ثلاثة قرون في بيئة قاسية التضاريس مع افتقار أبسط مقومات الحياة آنذاك ولكن كل هذه الظروف والصعوبات لم تثنها عن الطموح والإنجاز والمساهمة في بناء هذا الكيان الكبير.