الوزير الرابع عشر

في الخامس من مارس 2023 صدر الأمر الملكي بتعيين الأستاذ سلمان الدوسري وزيرا للإعلام، أي مع تاريخ كتابة هذا المقال يكون معاليه أكمل عامين كوزير للإعلام وهو الوزير الرابع عشر لهذه الوزارة المهمة وهو المعلم والكاتب وابن هذا الوطن الذي مارس التعليم وأتقن الصحافة وكان بمثابة جبهة مشرفة في وجه الكارهين والمتآمرين، الأمر الذي يجعلك تفهم سر تفاعل ومحبة الناس له التي كانت ظاهرة منذ لحظة الإعلان عن تعيينه، الدوسري الذي عرف بإنصافه للمجتهدين وحديثه الشهير عن القوة المؤثرة للمغرد السعودي واعتزازه بالأصوات الوطنية المخلصة، ويرددون قوله الشهير «أمدح وطني ويشتموني.. أفضل مليون مرة من: أشتم وطني ويمدحوني»، الذي يعكس نبرة الكاتب وتراكمية أعماله وهي مؤشرات مهمة في البارادايم الإعلامي المهني الذي يمكن التعويل عليه.
ما بين عام التحول وعام التأثير قاد سلمان الدوسري المشهد الإعلامي بخطوات واثقة، ورغم ضخامة التركة الإعلامية من جهة والصورة النمطية المعتمة لدى البعض من جهة أخرى فإن الأجهزة التنظيمية في العامين الأخيرين كان لها اجتهاد واضح وإعادة ترتيب للمشهد الإعلامي، نعم توجد العديد من الممارسات التي بحاجة لمراجعات جذرية أو حتى شطب وخلق جديد، لكن الجانب المشرق يظهر في حوكمة العمل وتطوير اللوائح ولا يمكن الحديث دون المرور على ما تبذله الهيئة العامة لتنظيم الإعلام الذراع التنفيذي للتحول الإعلامي عبر استراتيجياتها وبرامجها التي تستهدف بشكل مباشر رفع إسهامات قطاع الإعلام في الناتج المحلي لتصل إلى 47 مليارا بحلول عام 2030، وأن يكون الإعلام رافدا مهما في الاقتصاد الوطني، هو بحد ذاته فكر مهني يعكس جدية القطاع ومحاولته للخروج من الثياب القديمة التي تجعل وسائل الإعلام التقليدية عبئا اقتصاديا دون أي تأثير عالمي يذكر.
وأدعو المهتمين في الإعلام لضرورة قراءة تقرير حالة قطاع الإعلام السعودي وفرص الاستثمار للعام 2024 المنشور على موقع الهيئة الرسمي والذي يحتوي على الكثير من المعلومات. 16 مليار ريال جاءت مساهمة قطاع الإعلام بالناتج المحلي وارتفع عدد الوظائف إلى 67 ألف وظيفة. وأكثر من 76 خدمة يتم تقديمها عبر الموقع وأكثر من 94 ألف رخصة إعلامية، كل هذه الأرقام وأكثر تعكس ديناميكية القطاع ونشاطه، واستذكر عبارة لمعاليه في مقاله ما قبل الأخير قبل تعيينه: «الركود الطويل أثقل رغبة الاستجابة في البدايات، لكن المنجزات المتعاقبة أيقظت المارد» والذي كان بعنوان: ماذا يحدث في السعودية؟ وأقول ماذا سيحدث في الإعلام حتى نصل 2030؟، لعل الأمر الوحيد الذي خسرناه في تعيين معاليه هو خسارة تواجده الصحفي ككاتب، فأرشيف الدوسري زاخر بالكتابات الفاخرة والعبارات الأنيقة التي تدفعني كغيري للاستمرار بالكتابة، الدوسري يشبه كل عقل مجتهد وكل من يأخذ نفسه على محمل الجد وهو أحد الأدلة الحية والشواهد على عصر التمكين والاجتهاد.
التأثير في سردية قصة الوزير سلمان تستحق أن تروى وقد وثق بعض منها الزملاء الكتاب أبرزهم الدكتور أحمد الجميعة بمقاله المنشور بعنوان -عام التأثير 2025- وعلق أن التأثير «هو العنوان الأكثر جاذبية وحيوية بالنسبة لنا كسعوديين». نعم نحن أمام قصص حقيقية وأمام نماذج وطنية مشرفة تلهمنا لأن نعطي المزيد وألا نقف عند رأي مجحف ولا نجعل معيار الفشل والحرس القديم يعرقلون نجاحاتنا.. دمتم بخير.