أكلة السمبوسة من الأطباق القديمة التي تتربع على السفرة السعودية في رمضان ومن أشهر أطباقها التي لا تغيب عن سفرة رمضان أبدا وتعتبر من المقبلات حتى قالوا في الأمثال -السُّفْرة بدون سمبوسة مثل المحشي بدون كوسة- دلالة على أهمية السمبوسة على السفرة في رمضان. وجدَ فيها شعراء المُحاورة رمزا لمعنى يدفنونه بحشوتها ومنه بيت لشاعر المحاورة المعروف عبدالله المسعودي: أنا ما آكل طعام السوق لوْ الجوع يَحداني لكن إنته تعبيها لحم في وسط سمبوسة وللسمبوسة عند الأسرة السعودية طقوس رمضانية فلا تقدم إلا حارة ما يوجب قليها قبيل الآذان؛ فتنتشر رائحة السمبوسة المقلية في شوارع الحارات السعودية أو محلاتها المتخصصة بالسمبوسة تُشعر المارّة بأجواء رمضان قبيل الغروب وما زالت هذه الميزة موجودة تنتشر قبيل كل مغرب؛ وهي أول ما يبدأ الصائم بأكلها بعد التمر والماء؛ وتتناول مع السلطة أو الشوربة. وتؤكد المصادر أنَّ السمبوسة معروفة بالحجاز منذُ القرن الثاني مِنْ الهجرة مستدلين بحكاية أبا القماقم بن بحر السقاء الذي عاش بهذا القرن مع الجارية المدينية التي عشقها؛ عندما أرسل لها: إنَّ إخوانا لي زاروني فكان كل يوم يطلب منها طعاما فترسله له؛ حتى بعث لها في اليوم الثالث إنَّ القوم مقيمون لم نفترق؛ فابعثي إليَّ بسمبوسك حتى نصطبح اليوم على ذكركِ؛ فرفضت وقالت لرسوله بأن حب أبا القماقم لا يتجاوز معدته. وذكر الشاعر العباسي كشاجم السمبوسك في عام 360ه. حين قال واصفا جونة وهي السلة المملؤة بالطعام: متى تنشط للأكل فقد أصلحة الجونة وسنبوسجة مقلوْ وةٍ في إثرطرذينة ذكرها الورَّاق عام 695ه. بشعر ويروقني مع ذا وذا سنبوسج حُلو الضمير مرقَّق السِّربالِ عجباً له كلُّ الأنام تحبُّه وله من الأقوام شخصٌ قالِ وللسمبوسة صفة تاريخية لذِكر طُهاة الحضارات القديمة لها؛ وهي أكلة شعبية تراثية قديمة يُنسَب أصلها لكثير من بلاد العالم؛ فمنهم من قال إنّ أصلها هندي لأن الهنود مشهورين بأطعمة الشوارع المقلية؛ ومنهم من نسبها لتركيا؛ ومنهم من نسبها لبلاد فارس لأن أصل نُطقها فارسي: سه ان بوست وتتكون من ثلاث كلمات كما ذكرها الباحثين هي: سه: وتعني ثلاثة. بوست: رقيق. ان بست وتعني رقيق محشية أو حشوة. تطوّر اسمها مَعْ انتقاله لبلدان العالم فأصبحت تنطق بعدة أشكال حسب البلد الذي يصنعها؛ وأما العربية فتنطقها بالسنبوسك وفي أوزباكستان تنطق سموسه. وذكرت كتب الطُهاة القدماء السمبوسة بعدة أسماء متقاربة منها: سنبوسك وسنبوسق وسنبوسنج. ككتاب – الطبخ في الحضارات القديمة مثل حضارة الرافدين والحضارة المصرية والحضارة الرومانية لكاثي ك هوفمان وترجمة سعيد الغانمي وكتاب الطبيخ عام 579ه. 637م لمحمد بن الحسن البغدادي تقديم الدكتور قاسك السامرائي -كطبق رئيس على موائد القياصرة والأكاسرة والخلفاء والأمراء والأثرياء. وعرفت حضارة الإغريق 3000 ق.م. السمبوسة بمسمَّى-الخبز بالجبن- بنفس العجينة من الطحين والماء وزيت الزيتون والملح حيث تقطع العجينة لعدة كوَر تفرد وتحشى بالجبن المُطيب بالثوم والكزبرة والبقدونس وتقلى على نار معتدلة بمقلاة يضاف لها ملعقتان من زيت الزيتون وتقلب به قطع العجين المحشوة بالجبن على الجانبين حتى تسْمَر وتقدم ساخنة؛ يقوم بطهيهِا الطبَّاخون المحترفون أثناء وجبة الطعام لِيُقدم ساخنا. اشتهرت السمبوسة على موائد خلفاء بني أمية والدولة العباسية وذكرها ابن بطوطة في عام 779 في رحلته للهند أنه لحم مهروس مطيب بالأبازير والفستق والبصل محشو في جوف رقاقة مقلوَّة بالسمن ويضعون منها أمام كل إنسان خمس أو أربع قطع منها. وذكر التلمساني عام 1041ه. أن رئيس المغنين أبي الحسن علي بن نافع الملقب -زرياب- هو من جلب السمبوسق للأندلس من المشرق في عام 238ه. وذكرها صاحب -كتاب الطبيخ- بأنها أنواع منها: المالح والحلو – وأما السنبوسج فهو أن يُطبخ اللحم المُشرَّح بالساطور ويقطع الخبز الرقيق المتخذ لذلك كسيور ويحشى باللحم ويعمل مثلثا ويلصق بيسير من العجين ويقلى بالشيرج ثم يرفع؛ وأما الذي يسمى المكلل فيحشى بدل اللحم بالسكر واللوز المدقوق والمعجون ناعما بماء الورد ويقلى بالشيرج. تأخذ السمبوسة في صنعها منذ القدم نفس المواد المستخدمة والحجم والطهي وطريقة تناولها؛ والسمبوسك من أكلات التراث العالمية وأكثر الأكلات شعبية في وقتنا الحاضر جاءت من الحضارات القديمة وانتقلت من مكان لمكان بفعل التجارة والهجرات بين الحضارات القديمة وتم تطويرها حسب البيئة التي أضافت عليه نكهاتها لتناسب ذوقه ودخلت في ثقافة المجتمعات؛ وهذا سبب اختلاف طعمها من مكان لآخر فالسمبوسة الهندية تأخذ شكل الهرم وحشوة البطاطس؛ والسمبوسة الأزبكية تحشى باللحم وتخبز بأفران الخبز؛ والسمبوسة السعودية ذات اللحم المحشي يُقلَي بزيت. أخذت السمبوسة مكانة كبيرة في وقتنا الحاضر لنكهتها الخاصة من بين الأكلات؛ كونها ارتبطت برمضان الكريم وما زالت الأكلة التراثية السعودية التي لا تغيب عن سفرة رمضان حتى أنَّها دخلت في التجارة وأصبح لها تجّار ومصانع خاصة تزيد ازدهارا في رمضان. ملاحظة: الشيرج: زيت السمسم. عبدالله المسعودي كتاب الطبيخ 579ه. 637م الطبخ في الحضارات القديمة