اختارت الدولتان العُظميان، الولاياتالمتحدةوروسيا المملكة كمكان لعقد اجتماع بين رئيسيهما للتفاهم، ليس فقط حول أوكرانيا وإنما حول النظام العالمي برمته، وهذا يذكرني بالسؤال الذي طرحته على الرئيس الروسي خلال اجتماع نادي فالداي في مدينة سوتشي في ديسمبر من العام الماضي حول النظام العالمي، وقتها لم يُفوت الرئيس الروسي فرصة، إن السائل من السعودية، ليؤكد في إجابته على المكانة المتميزة للمملكة في النظام العالمي، والثقل الذي يتمتع به ولي العهد في العالم. عندها لم يدر بخلد أحد في قاعة الاجتماعات في منتجع كراسنايا بوليانا في سوتشي، أن المملكة التي أثنى عليها بوتين سوف تكون المحطة الأولى لحل الخلاف بين أهم أضلاع مثلث النظام العالمي: الولاياتالمتحدةوروسيا. فهذا الاجتماع الذي سوف يعقد قريباً في المملكة، ربما يمهد الطريق لعقد قمة تجمع أضلاع مثلث النظام العالمي: الولاياتالمتحدة - روسيا - الصين، وذلك خلال الاحتفالات الذي سوف تقيمها موسكو في 9 مايو القادم بمناسبة مرور 80 عاما على النصر الذي حققته على ألمانيا الفاشية في عام 1945. إن اجتماع رئيسي الولاياتالمتحدةوروسيا في بلدنا سوف يمهد الطريق لقيام نظام عالمي متعدد الأقطاب، والمملكة سوف تكون إحدى ركائزه المهمة بالتأكيد. فهذا الاجتماع يذكر بالاجتماع الذي عقد بين المؤسس صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت، والذي تم مباشرة بعد انتهاء قمة يالطا عام 1945 بين ستالين وروزفلت وتشرشل في شبه جزيرة القرم الروسية، وأعطى دورا بارزا للمملكة. بالمثل، فإن ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد والمملكة سوف يكونان محور الاهتمام والتقدير، أثناء القمة الأمريكية - الروسية. إن اجتماع ترمب وبوتين في المملكة، سوف يضع اللبنة الأولى للنظام الاقتصادي العالمي القادم، وذلك بعد أن أصبح الاقتصاد العالمي غير مستقر، فهناك الركود والتضخم، وسعي الفضاءات الاقتصادية الكبرى للنمو على حساب بعضها، مستخدمة سلاح الرسوم الجمركية، وكأنما العالم بدأ يعود إلى فترة الحرب الباردة والجدران الفاصلة بين الدول، وذلك في ارتداد عن العولمة التي التي عرفناها منذ عام 1991. إن القمة القادمة لزعيمي الولاياتالمتحدةوروسيا، قد تشكل أرضية للتفاهم بين هذين البلدين لرفع العقوبات التي فرضت على روسيا والتي تعدت 1000 عقوبة اقتصادية، من ضمنها عقوبات على مصادر الطاقة، فهذه العقوبات تدفع ثمنها ليس روسيا وحدها، وإنما كافة المتعاملين معها، وخاصة أوروبا. وعلى هذا الأساس، ربما يتم التفاهم بشأن عدم استخدام العقوبات الاقتصادية ونظام سويفت وعملات التداول الرئيسة في العالم كأدوات لحل الخلافات السياسية، الأمر الذي قد يمهد لقيام نظام اقتصادي ومالي عالمي أكثر استقراراً.