كُتبت حكاية المملكة العربية السعودية منذ ثلاثة قرون لينقش أبطالها أمجاد التاريخ عبر الزمن، واليوم، نحكي الحكاية من البداية، من اليوم الذي تأسست به الدولة السعودية على يدِ رجلٍ مثابر، الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- حيث بدأت رحلة الدولة السعودية الأولى في بداية عام 1727م متخذًا مدينة الدرعية عاصمةً للبلاد. فبفضل عزيمته ورؤيته الطموحة، تمكّن الامام محمد بن سعود من تشكيل دولة تزدهر يومًا بعد يوم لنرى ازدهارها حاضرًا في عصرنا الحالي، انطلاقًا من مدينة الدرعية وصولًا إلى البلدات المجاورة لها ليكتمل توحيد المملكة في عهد أبنائه وأحفاده. وفي أربعين عامًا، استطاع الإمام محمد بن سعود تأسيس الدولة السعودية الأولى ليجعل الدرعية تحت حكمٍ واحد، ويهتم بالأمور الداخلية للدولة أيما اهتمام، كما تمكن من تنظيم الأمور الاقتصادية بجدارة، وحرص على انتشار الأمن في الطرق الخاصة بالتجار والحجاج، كما أن غالبية منطقة نجد كانت تحت حكمه. ولأن الانطلاقة كانت قوية، فسعى أبناء وأحفاد الإمام محمد بن سعود على حفظ الدولة لتصبح على هيئتها اليوم من نجاحٍ وازدهار. واليوم ننقش هذه الأمجاد لنسطر التاريخ في قلوبنا وقلوب أبنائنا، حيث حرص الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه- على إصدار أمر ملكي خاص بيوم تأسيس الدولة السعودية ليتم تأييده في اليوم الثاني والعشرون من شهر فبراير من كل عام، وذلك نسبةً للشهر الذي بدأ فيه الإمام محمد بن سعود رحلة التأسيس في عام 1727م، لتظل ذكراه خالدة في قلوبنا أبد الدهر بإذن الله تعالى. وتأسيس الدولة لم يأت عبثًا، بل حافظت المملكة على إرثها عبر الزمن من أمنٍ وتعليم وعدل وقضاء لتقضي المملكة العربية السعودية على الفرقة والتناحر ساعين للقمة ولنهضة حضارية شاملة استهدفت المواطن السعودي في أمنه وعيشه وعمله وتعليمه وصحته. وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -رعاهم الله وسدد خطاهم-، على السير على خطى أجدادهم لينعم الشعب السعودي بحياةٍ هنيئة من يوم التأسيس إلى عصرنا الحالي. وأولى هذه الإنجازات تكمن في توسعة الحرمين الشريفين ليواكب الأعداد المتزايدة من المعتمرين والحجاج، وإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ليخدم الإسلام والمسلمين بأفضل شكلٍ وصورة، ومن الإنجازات أيضًا، التركيز على السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية لتسير على مبادئ الدين الحنيفة والتقاليد العربية الأصيلة حيث دافعت المملكة عن القضايا العربية والإسلامية، ودعمت التضامن العربي بشدة، وذلك من خلال المساعدات الخارجية لتقدم المملكة العربية السعودية نسبة تزيد على 5.45 % للدول النامية من إجمالي الناتج الوطني السنوي، وهي نسبة ممتازة لا يصل إليها حتى كبار الدول الصناعية في العالم. كما حققت المملكة نجاحات عظيمة لتبني القاعدة الاقتصادية بها بمهارة بعيدًا عن الاعتماد على النفط فقط لتنوع من القطاعات والمجالات الاقتصادية، حيث ارتفع شأن القطاع الصناعي بالسعودية ليتم تسويق صادرات السعودية اليوم في أكثر من 139 دولة لتصبح المملكة اليوم مكتفية ذاتيًا بصورة كبيرة. وأيضًا أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا ومميزًا في حماية البيئة من عوامل التلوث التي تحوم في وقتنا الحالي بشدة، حيث وجهت جهودها لإنماء التراث الطبيعي وحمايته ولا سيما لتلك الأنواع النادرة من النباتات والحيوانات وغير ذلك من خلال هيئة وطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في البلاد. كما سعت المملكة جاهدًا لتحقق خطوات مهمة وناجحة في مجال الأمن الغذائي لتكتفي ذاتيًا بالمحاصيل الزراعية الأساسية كالتمور والقمح وغيرهم، والفائض من هذه المنتجات يتم تصديره إلى الخارج، أما في مجال تنمية مصادر المياه، فقد حرصت المملكة العربية السعودية على بناء عدة سدود مهمة في مختلف المناطق السعودية ليتم تخزين مياه الأمطار والاستفادة بها في الزراعة وغير ذلك من الاستخدامات، وأيضًا عملت السعودية جاهدًا لتلبي احتياجات الإنسان اليومية من الشرب لتنشئ العديد من المحطات المتخصصة في تحلية المياه. ومهما تحدثنا عن الإنجازات التي حققتها السعودية في كافة القطاعات بها فلن نكتفي من ذكرها، ولكن سنظل نذكر أن المملكة العربية السعودية تسيرُ على نهج مؤسسها الأول الإمام محمد بن سعود، لتشكّل لنا اليوم أجمل صور الفخر والتلاحم حول وطنٍ انطلق منذ ثلاثة قرون لنحكي تاريخه اليوم بإنجازاتٍ خالدة لأعوامٍ وأعوام بأمر الله تعالى.