أعلنت وزارة المالية السعودية عن أرقام الميزانية الفعلية لعام 2024 والتي أظهرت أن الإيرادات غير النفطية تجاوزت 502 مليار ريال، هذا هو أهم بند في الميزانية وأكثر مؤشر يؤكد نجاح رؤية 2030 والتي تستهدف وصول الإيرادات غير النفطية إلى تريلون ريال في عام 2030 لتجنيب الاقتصاد السعودي تأثيرات تقلب أسعار النفط، 6 سنوات تفصلنا عن موعد تحقيق الرقم الطموح للإيرادات غير النفطية فهل هذه السنوات القليلة المتبقية كافية لمضاعفة الرقم المسجل مع نهاية عام 2024؟ لا شك أن برامج رؤية 2030 تتكامل في ما بينها من أجل تحقيق الهدف، فالمشروعات الكبرى التي ينفذها صندوق الاستثمارات العامة بعضها بدأت التشغيل في عام 2024 مثل مشروع البحر الأحمر والبقية في طريقها إلى التشغيل، صناعة السيارات والتي بدأت فعلياً الإنتاج عبر مصنع لوسيد وكذلك إطلاق شركة سير العلامة التجارية للسيارات الكهربائية في المملكة والتي ستدعم تمكين قطاعات استراتيجية وتطور المنظومة الصناعية الوطنية، حيث أعلنت عن توقيع 11 اتفاقية بمبلغ 5.5 مليارات ريال معظمها مع شركات محلية، توجه المملكة لهذه الصناعة الاستراتيجية تسهم في جذب الاستثمارات المحلية والدولية، وتوفر فرص جديدة للقطاع الخاص، وتحفز الشركات العالمية لتصنيع سياراتها داخل المملكة لتلبية الاحتياج المحلي والتصدير الخارجي في مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، كما أسّس الصندوق منذ عام 2017، وحتى الآن 99 شركة، أسهمت في استحداث أكثر من 644 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مختلف القطاعات الاستراتيجية الواعدة، وغيرها من الاستثمارات الطموحة التي ستعزز إيرادات الصندوق، استراتيجية الصندوق تستهدف رفع قيمة الأصول إلى 10 تريلونات ريال بنهاية عام 2030، وهو العام الذي قد يشهد عودة تدفق الأرباح في الميزانية السعودية، بعد أن كانت الأرباح المحققة يتم تدويرها في الصندوق لدعم الصرف على المشروعات، ومتوقع أن تصل إيرادات الصندوق في 2030 بناء على حجم الأصول ما بين 400 - 500 مليار ريال. في الجانب الآخر تقود أرامكو السعودية تحولاً في نموذج أعمالها بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 حيث تسعى لأن تصبح شركة متكاملة ورائدة عالميا، وقادرة على التنافس في مجال الطاقة والبتروكيماويات، تقوم مشروعاتها الجديدة على تطوير إنتاج الغاز الطبيعي ليكون بديلا للوقود التقليدي في المصانع وإنتاج الكهرباء وتحلية المياه في السعودية، حيث يتميز الغاز بتكلفه وانبعاثات كربونية أقل، كذلك تطوير الصناعات الكيميائية والمنتجات المكررة وبيع الوقود بالتجزئة، وتعمل أرامكو أيضاً في مجال ابتكارات الطاقة من تطوير حلول الطاقة مثل الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء واستخلاص الكربون واستخدامه وتحويل النفط الخام إلى كيميائيات مباشرة، أيضا تقوم بتطوير حلول قائمة على المواد اللا معدنية مثل ألياف الكربون، وتستثمر في الرقمنة، عبر تطوير التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتحول الرقمي وإنشاء مراكز للابتكار الرقمي، وتعد أرامكو السعودية من أكثر الشركات دعماً للمحتوى المحلي عبر برنامج اكتفاء وتستهدف به أن تكون 70 % من مشترياتها من المحتوى المحلي، وتعد أرامكو السعودية أكبر شركة نفط في العالم وأكثرها ربحية وقيمة سوقية ومنذ إدراجها في السوق المالية السعودية أسهمت في استقرار السوق وتعظيم قاعدته الرأسمالية وأسهمت في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المالية والتي وصلت إلى أكثر من 400 مليار ريال تمثل 11 % من الأسهم الحرة، حصة الحكومة السعودية 81.48 % تمنحها تدفقات نقدية من خلال التوزيعات النقدية، ولذلك فإن استراتيجية أرامكو على المدى الطويل سوف تدعم الاستقرار المالي للميزانية السعودية. النفقات الرأسمالية في ميزانية عام 2024 بلغت 191 مليار ريال وهي تقل عن الرقم القياسي المسجل في عام 2017 ولكن كفاءة الإنفاق في ميزانية عام 2024 تجعل العائد على الإنفاق الرأسمالي أضعاف العائد من الإنفاق الرأسمالي في عام 2017 ومنذ إنشاء هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية في عام 2021 حصلت الهيئة على المركز الأول لجائزة منظمة CIPS العالمية للمشتريات وسلاسل التوريد عام 2023 وهذه الكفاءة العالية في الإنفاق جعلت الأثر الاقتصادي أكبر حيث نما الناتج المحلي غير النفطي في عام 2024 إلى 4.3 % ومتوقع أن يصل إلى 4.8 % في عام 2025، وهذا النمو أسهم في خفض معدلات البطالة بين السكان إلى 3.7 % وهو أقل من المعدل العالمي البالغ 5 % ومعدل البطالة بين مجموعة العشرين المتوقع أن يصل إلى 4.8 % هذا العام.